في مثل هذا الوقت من العام الماضي كانت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب تغلي وتفور وترغد وتزبد وتتوعد بدعوى أن "حياءهم" خُدش وكرامتهم جُرحت ومُست في الصميم عبر "رقصات" جنيفر لوبيز التي اقتحمت البيوت المغربية في عز "سكونها".
سرت بين الجميع مقولة تفيد بأن النسخة الماضية هي الأخيرة من هذا المهرجان الذي "يمرغ" شرف المغاربة في الوحل، وبأن ما يصرف عليه من ميزانيات طائلة فلكية خيالية، والمثير للإعجاب أن أي مواطن تلتقي به في الشارع لا يتوانى عن إبداء رأيه في الموضوع "بحزم" وشدة، مؤكداً أن "موازين" قصة لا مناص من أن تكتب نهايتها بعد "كارثة لوبيز".
لكن بعد أن مر عام بالتمام والكمال عادت الأمور إلى نصابها، كما لم "تكترث" القنوات الإعلامية المغربية الرسمية بكل ما نالها وهي تقوم بعرض سهرات المهرجان مباشرة، وكأن شيئاً لم يكن، والمفارقة أن نفس الأشخاص ممن شاركوا في حملات النقد (رغم أن ما يوازي الكلمة عندنا هو السب والشتم وغيرها من المصطلحات الهابطة) المطالبين بإلغاء المهرجان عادوا "بحلة جديدة" وانخرطوا في الرقص والغناء مع ضيوف النسخة الجديدة، بناء على المثل القائل "اللي فات مات".
في نفس السياق يعود المهرجان "منتصراً" على كل ما سبق مكرساً مكانته، بل ومستفيداً من "جوقة" المغردين ضده على النحو الأمثل، لكن ماذا تغير بخصوص "معاملة" الإعلام المحلي و"تقديره" من لدن الإدارة المختصة بتدبير شؤونه؟
قطعاً لا جديد سوى "الاحتقار" ذاته واللامبالاة نفسها، وإلا كيف يتصرف أغلب ضيوف المهرجان بمنتهى "الأريحية" في إقصاء الصحافة المغربية في ندواتهم الصحفية ورفض هذا ومقاطعة ذاك؟
لو لم يحصلوا على "الدعم" وموافقتها لما تجرأوا على "الاستخفاف" بهم، والدليل أنهم لا يستطيعون تكرار نفس الشيء في دول عربية أخرى خوفاً مما سيطالهم من نقد لاذع من تلك الأقلام والمنابر التي لن تتوانى في رد الصاع صاعين لهم.
وهنا نتساءل مجدداً: إلى متى هذا الاستهتار بكل ما هو محلي في مناسبات "عالمية" تقام بالمغرب من مهرجان مراكش السينمائي إلى موازين الموسيقي؟ كيف تنسب للبلد وهو تنتقص من قيمة وكفاءة أهله وتستعين بالأجنبي وتبجله وتجنده كابن الدار ليحتقر "ابن الدار" الأصلي؟ بماذا نستفيد من مهرجان يدعي أنه يعطي "صورة" وانطباعاً عن المغرب وهو بالأصل لا يتوانى عن تقزيم طاقاته ومواهبه؟
وبين "تناقض" المغاربة في آرائهم و "تكريس" النظرة الدونية لهم في "موازين" يخرج الأخير "بطلاً" رغماً عن أنوفنا جميعاً وهو يواصل حضوره معتزاً بـ"أرقام" الحضور الجماهيري، في رد واضح على أن كل ما يقال في "السوشيال ميديا" مجرد "جعجعة بلا طحين"، ومتسلحاً بأسماء النجوم الحاضرين الذين لا يجرؤ المشاهد على "مقاومة" رؤيتهم؛ ليكون السؤال: من الخاسر الذي تجرع مرارة الهزيمة والخذلان في سعيه "البائس" لمناطحة "موازين"؟
العين لا تقاوم المخرز فعلاً.. إنه "موازين" يا عزيزي.