الإسلام السياسي في العراق: فشل ما بعد عام 2003

الأحزاب الإسلامية التي حكمت العراق بعد عام 2003 لها قصب السبق في وصول العراق إلى هذا الحال المتردي، هذا ليس اتهاماً بل إن الواقع خير برهان، لقد وصلت الأزمة إلى درجة تنذر باقتراب نهاية ما يعرف بتجربة "الحكم الإسلامي"، بعد أن فقدت تلك الأحزاب ثقة الشارع، وأصبح قادتها رموزاً للفشل والفساد.

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/22 الساعة 06:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/22 الساعة 06:47 بتوقيت غرينتش

الفساد والتخلف كلمتان ثقيلتان على أُذن المواطن العراقي قبل أن يحكمه المشروع الإسلامي، خفيفتان عليه بعد أن حكمه المشروع الإسلامي.

"الإسلام بلا سياسة كالجسد بلا رأس"، هناك من يوهم نفسه بهذه العبارة التي لا تحمل أي معنى سوى منافع شخصية للمتأسلمين الذين يسخّرون الدين للكسب والمنافع الشخصية ومن ثم الحزبية.

الإيجابية الوحيدة التي حدثت في العراق لما يجري الآن هي كشف حقيقة المشروع الإسلامي الذي راهن عليه زعماء الفشل المتأسلمون، من خلال كشف عمق فسادهم المالي والإداري والأخلاقي ومدى تزمتهم بالتخلف الذي ورثوه طيلة فترة معارضتهم ومراهنتهم على أن العراق يجب أن تحكمه أحزاب إسلامية، سواء كانت سنية أو شيعية، هذه الأحزاب الإسلامية عاشت طيلة فترة معارضتها متقوقعة على نفسها باسم الطائفة، وبحجة نُصرة المذهب، بل ولم يستطيعوا مغادرة عقلية المؤامرة وفكرة أنهم يحكمون بلداً حلموا أن يدخلوه يوماً ما، بل وترسخت في أذهانهم فكرة العمل السياسي السري، وما زالوا يحكمون العراق بعقلية المعارض المنفي، وتُرجمت أفكارهم على شكل سياسات داخلية وخارجية لا منطقية قادت العراق إلى الحضيض.

من يقف وراء دعم المشاريع الإسلامية والأشخاص المتأسلمين لتسنم أعلى مناصب الدولة والفشل حليفهم مسبقاً وبعلم الجميع؟ من قال إن المشاريع الإسلامية التي تحمل أفكاراً إرهابية ومتطرفة هي التي شوهت سمعة الإسلام؟ بل إن الذي يلتحق بتلك المشاريع المتطرفة هم حثالة المجتمع، وللمجتمع مصلحة في بروز تلك المشاريع التي تدعي الإسلام منهجاً لعملها الإجرامي، ولتصفية المجتمع من هؤلاء الأشخاص ضعيفي النفوس الذين لا تحلو أيامهم دون النظر الى الدماء والتمتع بتمزيق الأشلاء، فلا مأسوفاً عليهم، وهنيئاً للمجتمع الذي يتخلص من هؤلاء ومشاريعهم الظلامية، بل الخطر الحقيقي الذي يداهم الإسلام للنيل من سمعته النبيلة هي المشاريع الإسلامية السياسية، وشخوصهم الذين يمثلون طوائفهم في السلطة وبغطاء قانوني وشرعي، وصل الحال بالعراق اليوم إلى أن الذي ينتقد رجل دين معمماً داخلاً بالعملية السياسية من قريب أو بعيد بمثابة جريمة كاملة الأركان بالنسبة للقاموس السياسي العراقي، بل ويحاسب عليها القانون بحجة التطاول على رمز ديني، بل وتصل التهمة إلى حد ازدراء الدين الإسلامي، من قال إن رجل الدين هو إنسان معصوم عن الخطأ، ولا يجب ذكر اسمه معطوفاً بانتقاد سياسي بحت؟! ما دخل رمزية رجل الدين بالانتقاد السياسي؟! الانتقاد ليس موجهاً نحو شخصيته الدينية وإنما نحو سلوكيات معينة لها علاقة بشخصيته السياسية أضرت بمصلحة العراق.

الأحزاب الإسلامية التي حكمت العراق بعد عام 2003 لها قصب السبق في وصول العراق إلى هذا الحال المتردي، هذا ليس اتهاماً بل إن الواقع خير برهان، لقد وصلت الأزمة إلى درجة تنذر باقتراب نهاية ما يعرف بتجربة "الحكم الإسلامي"، بعد أن فقدت تلك الأحزاب ثقة الشارع، وأصبح قادتها رموزاً للفشل والفساد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد