عزيزتي..لا تتنازلي عن تميزك!

كوردة نضرة، رأيتكِ يوم التقيتكِ للمرة الأولى، أمام قاعة المحاضرات، في مصلَّى الطالبات، أو في ساحة الكلية، أو حتى في المواصلات العامة، أو ربما كنت أعرفك منذ الثانوية، كانت كل خلجات وجهك تبعث على النور والانشراح، وكل خلايا جسدك النشيط تبعث طاقة إيجابية لا حدود لها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/15 الساعة 06:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/15 الساعة 06:57 بتوقيت غرينتش

كوردة نضرة، رأيتكِ يوم التقيتكِ للمرة الأولى، أمام قاعة المحاضرات، في مصلَّى الطالبات، أو في ساحة الكلية، أو حتى في المواصلات العامة، أو ربما كنت أعرفك منذ الثانوية، كانت كل خلجات وجهك تبعث على النور والانشراح، وكل خلايا جسدك النشيط تبعث طاقة إيجابية لا حدود لها، تحتفظين بابتسامة طوال الوقت، وتدورين بيننا لتسألي عن نقطة غير مفهومة، أو لتشرحي لنا ما فاتنا من دروس، موهوبة في الرسم، أو التصوير، أو في الكتابة، بل ربما كنت شخصية قيادية تقوديننا لتنفيذ أنشطة جماعية معاً، لقد كنت شعلة حقاً إذا تعلق الأمر بأعمال تطوعية، أو أنشطة دعوية، أو ثقافية، أو مؤتمرات علمية، لقد كنتِ متميزة حقاً، بتفوقك الدراسي، بشخصيتك المتفردة، بأثرك على من حولك، بدعمك لي وللأخريات، بأسلوبك الاجتماعي الرقيق، ومظهرك الأنيق، وبحكمتك، وخفة ظلك والسعادة تنثرينها على من حولكِ.

في دوامة الحياة أضاعتنا السنون، وطال فراقنا وزادت مشاغلنا وهمومنا، حتى إذا كدنا ننسى بعضنا البعض التقينا! ربما لم أعرفك للوهلة الأولى، ربما حاولتِ أن تكوني أنيقة، لكن طفلك كان يبكي ويشدك من ثيابك، جلست إليك ولاحظت كم أن سنين الحياة خطفت جمال ابتسامتك: "إنها مشاغل الحياة والأطفال كما ترين، لا وقت لشيء مطلقاً، حتى لنفسي، كل الوقت لهم"، أو ربما كان مظهرك أفضل، لكن وجهك ما عاد منيراً كسابق عهده: "لم أتمكن من إنجاب أطفال، حتى وظيفتي لست مرتاحة فيها، هكذا هي الحياة لا راحة فيها"، أو ربما قابلتك وكأنّ هموم الدنيا تكومت على ظهرك: "لم أتزوج بعد، وأعيش عند إخوتي، تعلمين، المجتمع لا يرحم، وليس عندي دافع لأقوم بشيء أفضل"، ربما لم يخبرني لسانك بذلك بل ربما حالك، ولكن لماذا؟ ألم تكوني تلك المميزة؟ تلك الوردة العاطرة التي يفوح شذاها في كل مكان؟ ألم تتركي في الكثيرات أثراً جميلاً؟ لماذا تنازلتِ؟ وصِرتِ كأي امرأة تمرُّ كما تمُرُّ الكثيرات دون أن يكترث لهن أحد؟ لقد حان الوقت لأن تعودي إلى تميزك فذلك الكون الفسيح بحاجة إليك، الكون بحاجة لنا جميعاً كي يصبح مكاناً أفضل لنا، وللأجيال اللاحقة.

"ماذا سأفعل أنا؟ لن يكترث بي أحد" إنما تفعلين لنفسك أولاً، ولمن حولك، وكلما زاد أثرك، كان أبهى وأجمل، لا بأس إن بدأت بممارسة هواياتك القديمة لفترات قصيرة، شاركي أولادك في أنشطتك، أو أياً كان ممن حولك، عودي للقراءة، واطلعي على سير المبدعين، املئي وقتك بالنافع والمفيد وقلّلي من توترك تجاه ما يقول المجتمع، وما قالته فلانة، وما قصدته فلانة، عودي شعلة من النشاط والحماسة وانضمي لأعمال خيرية أو دعوية قريبة منك، وإذا تمكنت أن تعودي لمقاعد الدراسة أو الدورات التعليمية المختلفة فعودي، واحتفظي بتميزك، تميزي بتربية أولادك، أو بجمال حديقة منزلك، أو بمشروعك التجاري الخاص، شاركي تجاربك مع غيرك، وامنحي الحياة من حولك الكثير حتى تهديك السعادة من كل صوب، وتعودي إلينا بابتسامتك الجميلة، وعطرك الفواح، وتذكري: أبداً، لا تتنازلي عن تميزك.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد