هل يمكن أن يصبح تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قادراً على الهجوم على الأسطول البريطاني، بعد هروب ضابط بحري عمل في سفن مملوكة لوزارة الدفاع البريطانية، إلى سوريا للانضمام إلى "داعش" وذلك بعد أن تدرب في إحدى الكليات البحرية المرموقة في بريطانيا.
وقد حذر خبراء في مجال الدفاع من أن المهارات الرفيعة التي يتمتع بها هذا الضابط علي العصيمي البالغ من العمر 28 عاماً ومعرفته الشاملة بأسطول النقل البحري في البلاد تمثل تهديداً أمنياً مرعباً. وفقاً لتقرير لصحيفة دايلي ميل البريطانية نشر الأحد 8 مايو/ أيار 2016
وفي أعقاب استهدافهم طائرات الركاب بالفعل، ساد قلق منذ فترة طويلة من أن المتشددين سيحاولون جلب الإرهاب إلى البحار من خلال مهاجمة السفن والعبارات.
وقال الأدميرال لورد ويست، القائد السابق للبحرية الملكية "يثير هذا شبح مهاجمة تنظيم الدولة سفن الشحن. شخص يتمتع بمهاراته سيفتح مجالاً جديداً للإرهاب".
وكان قد عُثر على تفاصيل الشخص الكويتي المولد في مخبأ وثائق سُربت إلى صحيفة ديلي ميل البريطانية ونشرتها في تقريرها، وهي تكشف أنه قبل مغادرته متوجهاً إلى سوريا، عاش في ساوث شيلدز، وتاين ووير، حيث التحق بدورة مدتها ثلاث سنوات كضابط في البحرية التجارية في عام 2011. وكان قد عمل سابقاً في شركة ناقلات نفط حكومية في الكويت.
إذا كان قد التحق بمهنته في البحرية بعد الحصول على الدبلوم الوطني العالي في العلوم البحرية، فبوسعه الوصول إلى السفن التي تملكها وزارة الدفاع البريطانية، والتي تستخدم لنقل الإمدادات العسكرية وشحنات أخرى ذات أهمية حيوية للأمن القومي.
درس العصيمي في الكلية البحرية الواقعة جنوب تينيسايد، وتقاسم شقة تقع على مقربة منها مع صديق كويتي.
رفضت الكلية التعليق على الأمر، ولكن جزءاً من الدورة الخاصة بضباط سطح السفينة التي تلقاها شملت العاملين في السفينة، واكتسب فكرة واسعة عن القدرات البحرية في المملكة المتحدة، وهي معلوماتٌ تمثل كنزاً هائلاً لقادة تنظيم الدولة الإسلامية.
خطر على البيئة
وقال غافين سيموندز، مدير الأمن في غرفة المملكة المتحدة للنقل البحري إن "أي شخص يمتلك خبرة تمتد إلى ثلاث سنوات في هذا المجال سيكون ذا فائدة عظيمة للمنظمات الإرهابية في مجال استهداف الشحن. وإن فكرة وجود جاسوس يمتلك هذه المعرفة مع طاقم ناقلة نفط مثلاً تثير الرعب.
"هناك خطر كبير على البيئة إذا ما حاول الإرهابيون استهداف ناقلات النفط، وهذا أمر مقلق للغاية".
وأضاف اللورد وست "أعتقد أن الخطر الأكبر يكمن في حصول تنظيم الدولة على حاوية مملوءة بالغاز السائل الطبيعي، فهو سريع الاشتعال ويمكن أن يسبب انفجاراً كبيراً جداً. تشعر كلٌ من بريطانيا والولايات المتحدة بالقلق حيال ذلك منذ بعض الوقت".
أدى الأسطول التجاري، الذي يضم حالياً نحو 1500 سفينة و30 ألفاً من البحارة، دوراً رئيسياً خلال حرب الفوكلاند مع الأرجنتين في ثمانينيات القرن العشرين وقبلها في الحرب العالمية الثانية.
وقد نشر العصيمي حوالي 100 صورة لنفسه على الفيسبوك أثناء تواجده في المملكة المتحدة، حيث كان يطلق على نفسه اسم Captain Take Care. ويظهر في إحدى الصور الشخصية وهو يرتدي نظارات الطيار المظلمة، مقلداً توم كروز في فيلم توب غان الذي أنتج في العام 1986. وفي صورة أخرى، نشرت في عام 2010، كان يرتدي قبعة تشبه قبعة القوات البحرية وكتب "أخذت مكاني بين الطاقم للإبحار كربان".
كيف تحول للتطرف؟
وقد صرح رفيق المنزل السابق للعصيمي في جنوب شيلدز، أنه تحول إلى التطرف من خلال مشاهدة أشرطة الفيديو لعمليات القتل في سوريا التي ترتكبها قوات الرئيس بشار الأسد.
وقال الصديق، الذي فضل عدم الكشف عن هويته "لقد ذهب إلى سوريا لأنه كان غاضباً عن الأسد. كل المسلمين غاضبون، ولكنه قرر التحرك للتعبير عن غضبه. في هذا العصر، الإنترنت كافٍ لتحويلك إلى متطرف".
وأضاف أن العصيمي أنهى دورة الدبلوم الوطني العالي، ولكنه كان على بعد اختبارين فقط من حصوله على الرخصة البحرية، التي تسمح له بقيادة أي سفينة.
وقالت عائلته في الكويت إنه أصبح متطرفاً في السنة الأخيرة من الدورة، فقد أطلق لحيته وبدأ بوعظ أقاربه المراهقين، وحثهم على الانضمام إلى تنظيم الدولة. حتى ذلك الحين، أصروا على أنه كان طالباً عادياً وأنه "رقص، ودخن، وكانت له خليلات".. حسب قولهم
وفقا لعمه، مثلت وفاة شقيق العصيمي الأصغر، عبد الله، الذي يبلغ من العمر 19 عاماً والذي قتل في سوريا، نقطة التحول في حياته.
قال عمه "بدا رجلاً مختلفاً بعد وفاة شقيقه. أطلق لحيته ولم يتحدث إلى أي شخص ممن اعتاد التواصل معهم. وكان يتصل بأسرته مرة كل أسبوعين لكنه زارنا في نهاية عام 2013 وبعدها انقطعت أخباره".
وأضاف أن علي كان يستعد لامتحاناته النهائية وللعمل مع شركة البترول الوطنية الكويتية بعد تخرجه، ولكن عندما اختفى، اتصلت عائلته بالشركة التي أكدت أنه اجتاز الاختبارات ولكنه لم يتسلم منصبه.
بدلاً من ذلك، تلقت العائلة رسالة واتس اب مشفرة باللغة العربية بعد سبعة أشهر، قال فيها على العصيمي "إنه في سوريا للقتال مع تنظيم الدولة وأنه سيدخل الجنة، ولا نعرف إذا كان حياً أو ميتاً".
وقال عم علي العصيمي"لا يملك والده أدنى فكرة عما حدث له، ونحن نخفي عنه الكثير لأنه لن يتحمل الصدمة. إنه يعرف بشأن الرسالة لكنه لا يزال يأمل بأن يعود ابنه. ليست لدينا وسيلة للعثور عليه أو معرفة ما إذا كان حياً أو ميتاً. وقد أخبرنا الحكومة بمجرد أن تلقينا الرسالة، ولكن ماذا عساها أن تفعل؟".
تلقى العصيمي تمويلاً ضخماً من الحكومة الكويتية لسداد مصاريف الدورة. وقد عُثر على بياناته بين 40 استمارة حصلت عليها صحيفة الديلي ميل من مصدر لديه علاقات وثيقة مع التنظيم، وجميعهم إما رعايا بريطانيون أو شبان عاشوا في بريطانيا.
جرى استخراج هذه الوثائق مما يسمى بـ"الإدارة العامة للحدود" التابعة للتنظيم وتظهر انضمام العصيمي في أبريل/ نيسان 2014.
بجوار خانة "الإنجازات التعليمية"، كتب العصيمي أنه كان "ضابط بحرية في بريطانيا". وبجوار خانة "المهنة" قبل الدخول إلى سوريا، كتب "موظف في البحرية".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Daily Mail البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.