خمس حجج انفضت، ولا تزال الخلافات والنزاعات السياسية دائرة في مصر، بل وصل الأمر إلى حد التنازع على الثوابت والبديهيات، وفي خضم هذا التصارع والتشاحن، تعالوا نتفق على كلمة سواء تجمع شملنا، ولا تفرق جماعتنا.
أولها، أن ما بيننا من القواسم أكبر بكثير من نقاط الخلاف، فقد خلقنا الله من نفس واحدة، وندين بالعبودية لله وحده، هذا إلى جانب التقاسم في اللغة والثقافة والتراث، ووسط تلك الخلافات، يجب أن لا تضيع بين الزحام إنسانيتنا وقيمنا وأخلاقنا.
ثاني الأمور أنه مهما كانت عدالة القضية وعظمها، لا بد لنا من اللين في القول تجاه من نخاطب، فقد علمنا أن الله أمر موسى وهارون بأن يخاطبا فرعون بالقول اللين، رغم أنه كان ينازع الله في ألوهيته، ولا يصارعه في أمر من أمور الدنيا، ويأتي القرآن ليأمر المسلمين بالقول الحسن بقوله: (وقولوا للناس حسنا)، وظل رسولنا الكريم يخاطب المشركين 13 عاماً بالحجة والعقل والقول اللين والصبر على الأذى، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة.
الأمر الثالث أن نستمع إلى بعضنا البعض بروية وعقل، دون تسفيه الآراء ونظرة الاحتكار لبعضنا البعض، وانتصاراً لآرائنا في استكبار واستعلاء، فقد نكون على خطأ وغيرنا على صواب، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب المشركين، وعلى رأسهم عتبة بن ربيعة، في إنصات وإجلال واحترام، وكأن على رأسه الطير، رغم أن عتبة كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى ترك دينه، فلما انتهي، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل فرغت يا أبا الوليد، وذلك حتى يبدأ النبي حديثه في تفنيد الآراء والمخاطبة بالعقل.
رابعًا: يجب ألا نقطع أرحامنا مهما بلغت خلافاتنا، فقد أمرنا الله بالإحسان إلى الوالدين، حتى وإن كانا يجاهداننا على الشرك والكفر بالله، فأيهما أكبر الشرك بالله أم أمورنا الدنيوية مهما بلغ قدرها؟! وكان لهذا الأمر صدى في سيرة نبينا، فهذا رسول الله يأمر عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول بأن يصاحب أباه بالمعروف في الدنيا رغم أن أباه كان منافقاً وخائناً لله ولرسوله.
ثم الأمر الخامس، والأكثر أهمية، ألا نعين ظالماً في ظلمه ولو بالكلمة، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أعان ظالماً سلطه الله عليه"، فلن يغني عنا يوم القيامة أحد، وسيتبرأ الجميع من الجميع، فاعقلوا الأمور يا أولي الألباب، وإن كانت القضية عادلة، فالله موجود يرى ويسمع ويدبر، يمهل عباده ليتوبوا، وإن أخذهم لم يفتلهم، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
هذا كله إن أردنا التجمع لا التفرق والتحزب، فاللهم عليك بمن فرق جماعتنا وشتت شملنا وجعلنا شيعاً وأحزاباً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.