هل ينبعث طائر الفينق العربي من رماده بقيادة الملك الحكيم الديمقراطي محمد السادس؟

العاهل المغربي تحدث بصوت عالٍ، عما يدور في وجدان كافة القادة العرب، حول ما يحاك ضد كياناتهم ودولهم، من مؤامرات، توظف فيها كافة الوسائل والآليات والمنظمات، قصد تقسيم كياناتهم السياسية، وتشريد شعوبهم بين حدود دول الشمال، كما يحدث اليوم مع الشعب السوري، ودول أخرى

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/03 الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/03 الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش

من عادة الشعوب خلال مراحل التطور الخضوع لمنطق دورانية التاريخ، ولكل أمة زمانها ورجالاتها، مجدها وركودها، إلا أن أمجاد الأمم لطالما جاءت إلى جانب جهود رجالاتها وطموحاتهم، فقد خضعت لمنطق الظروف الزمكانية، التي أسهمت بشكل بارز في ظهور حركات عالمية داخل دائرة الصراع حول القوة والعظمة، ومنه بصمت شخصيات قوية بصمتها على تاريخ تلك الأمم، لا لشيء فقط لأنها وجدت الظروف المواتية لأخذ زمام المبادرة، هذه الظروف التي هيئتها مخضات عسيرة، شكلت ما يمكن أن نسميه حصان طروادة، الذي أعاد الحياة والمجد من رماد نيران، توهجت، وأحرقت ما طاب الله من العباد والمباني والاقتصادات والأنظمة والمجتمعات.

من عادة الملك المغربي محمد السادس نزوعه إلى مقاطعة كافة الملتقيات والمحافل السياسية العربية، ولعل رفض المغرب احتضانه أشغال دورة الجامعة العربية مؤخراً، وتفاصيل البيان الذي أصدره الديوان الملكي على أثر ذلك، يبين بجلال حجم الغصة والحرقة الكبيرة، التي ينظر بها العاهل المغربي للواقع العربي الإسلامي المتشردم، ومعه باقي مواطني هذه البلدان، التي سئمت الاجتماعات الشكلية والصورية فارغة المحتوى والمضمون، والتي لا تغير من واقع بلدانها شيئاً، بل تزيد بياناتها التنديدية الطين بلة.

اجتماع القمة الخليجية الأخيرة، وخطاب العاهل المغربي خلالها، الذي رسم معالم التوجهات الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية لمستقبل أبرز القوى المؤثرة والفاعلة داخل المنطقة العربية، التي تعيش اليوم على وقع تشرذم أملته سياسات غربية متعاقبة، عينها على رأسمال آبار النفط وعائداتها، تحت مسمى الديمقراطية والحريات العامة، ولنا في ما وقع في العراق، والأحداث التي أعقبت سقوط بغداد، وسقوط نظرية أسلحة الدمار الشامل، مع إهداء بلاد الرافدين على طبق من ذهب للشيطان الفارسي، الذي يتقوى بسقوط البلدان العربية، ودمارها، يقتات على مآسي الشعوب العربية ويتوضأ بدموع أبنائها.

في فترة من فترات تاريخ الشعوب العربية قادت الجمهوريات ما عرف بالعصر النهضوي، الذي التفت حوله كافة الأطياف والمشارب أملاً في تغيير واقع عربي ظل مختبراً لتجارب غربية وصهيونية بإيعاز أممي، مضى عصر النهضة العربية، وظلت الشعوب تربي الأمل سعياً في بناء كيان يتجاوز الإطار الإثني القومي المؤدلج؛ لأنه وبكل بساطة لا قوميات تعلو على رفاهية الشعوب ووحدة صفها، في مواجهة مخططات التقسيم والتفتيت، المفضي إلى فوضى طائفية إثنية لا نهاية لفصولها وأحداثها.

إنه عصر المماليك التي ظلت صامدة بوسائلها في مواجهة مختلف المؤامرات والدسائس، والقول القائل بأن المغرب يبحث عن دعم ممالك الخليج في مشكل الصحراء المغربية، فهو توجه يحاول أصحابه تمويه العامة العربية، وبذلك اجتماع القمة الخليجية اجتماع عابر كما جميع الاجتماعات العربية، فالدول الخليجية كانت إلى جانب المغرب منذ الأزل لاعتبارات تتجاوز المصالح المشتركة؛ لأنه وبكل بساطة ما تعيشه دول الخليج يهمنا وما يصيبها يصيبنا بتعبير العاهل المغربي نفسه، وعودة إلى تاريخ العلاقات بين المغرب ودول الخليج، سنفهم أن ما تسعى إليه دول القمة الخليجية يتجاوز الدعم المشترك والمتبادل، وإنما ذكر قضية الصحراء في القمة جاء فقط إيضاحاً لمخططات التقسيم التي تتهدد الدول العربية، وما الوضع في المغرب إلا أنموذج مصغر لواقع عربي برمته.

العاهل المغربي تحدث بصوت عالٍ، عما يدور في وجدان كافة القادة العرب، حول ما يحاك ضد كياناتهم ودولهم، من مؤامرات، توظف فيها كافة الوسائل والآليات والمنظمات، قصد تقسيم كياناتهم السياسية، وتشريد شعوبهم بين حدود دول الشمال، كما يحدث اليوم مع الشعب السوري، ودول أخرى، مخططات التفرقة، في شكل يشبه إلى حد بعيد إعادة تقسيم وصناعة خريطة الوطن العربي والإسلامي، شبيهة بتلك التي أقرتها بنود مؤامرة سايكس بيكو ثانية وجديدة.
اليوم الشعوب العربية والإسلامية، الجمهوريات والملكيات، الأقليات والأكثريات، أمام محك حقيقي، يتجسد في خوض تحدي الحفاظ على أمن وسلامة الوطن العربي والإسلامي من المحيط إلى الخليج، والوقوف وقفة رجل واحد خلف قيادة حكيمة ديمقراطية، أعطت نموذجاً عالمياً في الانفتاح والتسامح والديمقراطية، وإدارة الشأن السياسي بعقلانية معاصرة، تساير متطلبات المرحلة، وتستجيب لتطلعاتها، وتواكب تحدياتها.

خطاب العاهل المغربي، خلال القمة الخليجية الأخيرة، خطاب تاريخي، تحدث بلغة واضحة، لا يعتريها لبس، دفاعاً عن استقلالية القرار السيادي للدول، بما تضمنه من رسائل سياسية مشفرة، على كون المنطقة العربية والإسلامية لن تبقى في نظر الآخر الغربي المتعالي حديقة خلفية، مسلوبة القرار والإدارة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد