مديرتي امرأة سعودية.. لن أعمل تحت إدارتها!!

وفعلاً دعوته إلى جلسة بمكتبي، وتحدثنا في أمور عامة، ثم سألته عن السبب الحقيقي، وكانت إجابته صادمة.. اتضح أنه يعتقد أنني غير جديرة بالمنصب؛ لأنني امراة، ولأنه مهندس عربي مسلم لا يمكن أن يقبل أن يتلقى توجيهات العمل مني..!

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/01 الساعة 06:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/01 الساعة 06:21 بتوقيت غرينتش

أعمل في شركة أجنبية متخصصة في تخطيط البنى التحتية للمدن، وهي شركة تتبنى معياراً أخلاقياً غربياً، بمعنى أن القيم التي تحكم عملنا في السعودية هي ذاتها التي تحكم العمل في مقر الشركة الأم في المملكة المتحدة وفي مقراتها الأخرى في أنحاء العالم.

قبل شهور حصلت على ترقية وكُلفت بمتابعة مشروع، ويقتضي عملي متابعة مهام مع فريقي الصغير والتعاون معهم، ومن ضمنهم مهندسون وفنيون من جنسيات وأديان متنوعة، أحدهم عربي والبقية من إثيوبيا والهند والفلبين وأوروبا.

منذ بدء العمل كان امتعاض الزميل العربي واضحاً، وأخذ امتعاضه يزداد لحد التوقف عن الاستجابة لمتطلبات العمل وتجاهل التوجيهات، وتجاوز الترتيب الإداري، وصولاً للإدارة العليا.

دعت الإدارة العليا لاجتماع يحضره كلانا؛ لبحث أسباب عدم تعاونه، وكان التركيز على معرفة مبرراته، وهل يعتقد بوجود أي قصور في العمل أو نقص في كفاءتي، لكنه لم يقدم أي مبرر من هذا القبيل، وإنما مجرد اقتناع لديه أنه الأجدر بالدور دون تفصيل.

لمَّا عجزت الإدارة عن أن تفهم سبب موقفه طلبت مني الاجتماع به على انفراد، ومحاولة فهم السبب، فربما يكون بيني وبينه موقف شخصي يتحرّج من قوله لهم.

وفعلاً دعوته إلى جلسة بمكتبي، وتحدثنا في أمور عامة، ثم سألته عن السبب الحقيقي، وكانت إجابته صادمة.. اتضح أنه يعتقد أنني غير جديرة بالمنصب؛ لأنني امراة، ولأنه مهندس عربي مسلم لا يمكن أن يقبل أن يتلقى توجيهات العمل مني..!

كانت الإدارة تنتظر مني إما إعلامهم بأن الإشكال حُل، وإما طلباً باستبداله بشخص آخر، ونظراً لأن هذا المشروع هو الوحيد المتاح لتخصصه في الوقت الراهن، فهذا يعني استغناء الشركة عن خدماته.

لم أُقدم تقريري على أمل أن يراجع نفسه، وعلى مدى أسبوعين أو أكثر توالى رفض الإدارة لسجل حضوره، بانتظار أن أقدم تقريراً عن المهام التي كلفته بها ونفذها، ثم فوجئنا بالمدير العام يحضر ويطلب الاجتماع بنا فوراً، وسألنا عن الموقف الشخصي بيننا، فأجبته بعدم وجود أي موقف شخصي بيننا، وأن المسألة لا تعدو اختلاف ثقافات، فزميلي لا يقبل العمل بإشراف امراة، وأكد زميلي ما قلته، احمر وجه المدير غضباً، وأخبره أن أمامه اختيارين؛ إما العمل معي وفق التراتب الإداري المحدد، وإما مغادرة الشركة فوراً.

ووجَّه المدير رسالة لجميع العاملين في الشركة في الشرق الأوسط يذكرهم فيها بقيم الشركة ومعاييرها، ويؤكد مبدأ المساواة والجد.

وتلقيت خلال أسابيع بعدها رسائل ومكالمات وزيارات من العاملين في الشركة، وخصوصاً الغربيين منهم، ينقلون لي فيها دعمهم وثقتهم فيَّ واحترامهم لي.
ولم تكن من قبيل المجاملة، وإنما لمست فيها الصدق والجدية والتأثر.

أما صاحبنا العربي المسلم فرضخ للأمر أسبوعاً قبل أن يتقدم بإجازة مرضية لمدة شهر، ولا أدري إن كان الشهر كافياً لمداواة رجولته المجروحة بسبب العمل تحت إشراف امراة.

هذا واقعنا في كل نواحي الحياة.. نعتقد أننا خير أمة أُخرجت للناس بالشعارات، ومجتمعاتنا لا معايير أخلاقية عندها.
نظلم ونرضى بالظلم، ونبرر سوء واقعنا بنظريات المؤامرة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد