سيناء التي لم تتحرر!

ثورة يناير كانت بارقة أمل كبيرة لأهل سيناء بنهاية عقود الظلم والإهمال، لكن دولة المخابرات كان لها رأي آخر، فهي تدرك تماماً أن شرط اتفاقية كامب ديفيد الأهم هو بقاء سيناء خالية من التعمير، فكان أن أُججت نيران الانفلات الأمني لتصبح سيناء مرتعاً للجريمة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/29 الساعة 02:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/29 الساعة 02:28 بتوقيت غرينتش

في مؤتمر الحسنة عام 68 تحدث شيخ مشايخ سيناء الشيخ سالم الهرش موضحاً بشكل حاسم أن سيناء وأهلها تابعون لمصر وجزء من أرض الوطن.. رغم كل الإغراءات والتهديدات من جانب الاحتلال الصهيوني.

وخلال سنوات الاستنزاف الطويلة التي امتدت حتى نشوب حرب أكتوبر 73 كان لأهل سيناء السبق واليد الطولى، فقد دخلوا في صراع حقيقي مع أجهزة استخبارات العدو الصهيوني لنقل كافة تفاصيل وأوضاع الاحتلال ومعسكراته داخل شبه الجزيرة المحتلة.

منظمة سيناء العربية كانت عنوان المقاومة الشعبية التي اندفع إليها شباب القبائل والحضر، وقاموا بعمليات مُوجعة في خطوط العدو الخلفية، كما قطعوا خطوط إمداده بمفردهم أحياناً، وبمساعدة رجال الصاعقة الذين جرى إنزالهم خلف خطوط العدو.

انتصار أكتوبر كان الثمرة التي جنتها مصر بعد حرب طويلة وشاقة دفعت فيها دماء خيرة شبابها، هذا الانتصار كان له بالنسبة لأهل سيناء معنى آخر أشد، وهو فرحة الطفل البريء بالعودة إلى حضن أمه بعد غياب.

اكتمل التحرير في 25 أبريل/ آذار 1982 ضمن اتفاقية كامب ديفيد، ولم ينتبه السيناوي أن الاتفاقية فرّغت مع مرور الوقت نصر أكتوبر من كل معانيه، وباتت سيناء مكاناً يعاني العزلة والتهميش مع تعاقب الحكومات.

العقد الأخير من حكم مبارك كان بداية بطش النظام بالمواطنين في سيناء، فتم اعتقال آلاف الأبرياء من أهل "الشمال" والتنكيل بهم، على خلفية تفجيرات "الجنوب" طابا وشرم الشيخ.

ثورة يناير كانت بارقة أمل كبيرة لأهل سيناء بنهاية عقود الظلم والإهمال، لكن دولة المخابرات كان لها رأي آخر، فهي تدرك تماماً أن شرط اتفاقية كامب ديفيد الأهم هو بقاء سيناء خالية من التعمير، فكان أن أُججت نيران الانفلات الأمني لتصبح سيناء مرتعاً للجريمة.

الانقلاب في يوليو/تموز 2013 كان بمثابة إغلاق باب الأمل لدى أهالي شبه الجزيرة في النظام العسكري الحاكم والمتحالف مع الصهيوني، ولم يمض وقت طويل حتى كشّرت دولة الضباط عن أنيابها وبدأت حرباً بلا هوادة ضد الإنسان في سيناء، كان أهم مفرداتها التهجير القسري والقتل والاعتقال العشوائي والتعذيب الممنهج.

لم يتوقف الأمر عند ذلك فتم فرض حالة طوارئ وحظر تجول على المواطنين، كما قطعت الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات عن المنطقة، حتى الإسعاف بات ممنوعاً على المدنيين، ومع تجريف المزارع وقطع مئات الآلاف من الأشجار، وهدم البيوت القصف الجوي والمدفعي.. اكتملت الصورة.

اليد الصهيونية التي بذل السيناوي كباقي المصريين الغالي والرخيص من أجل قطعها طوال كل الحروب عادت اليوم لتقتله إلى جانب الجيش المصري الذي عمل السيناويون طوال كل الحروب السابقة تحت لوائه.

واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة والثلاثين للتحرير وبدلاً من المطالبة باستكماله بتحرير أم الرشراش المصرية، نفاجأ بالنظام يبيع جزيرتي تيران وصنافير، ومعها يعرض باقي سيناء للبيع بقانون التنمية المتكاملة الذي يتيح تمليك أراضيها لجميع الجنسيات، لندرك تماماً أن سيناء لم تتحرر بعد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد