بعدما أجبرت على الاعتذار، قدمت البرلمانية البريطانية ناز شاه استقالتها من منصبها كمساعدة مستشار حزب العمال في حكومة الظل جراء نشرها منذ عامين اقتراحاً على فيسبوك يقدّم حلاً للقضية الفلسطينية هو نقل إسرائيل إلى أميركا.
وتعود القضية إلى عام 2014 عندما نشرت البرلمانية على فيسبوك منشوراً يقول بأن نقل إسرائيل إلى الولايات المتحدة حلٌ أمثل وخير من إهدار مليارات الدولارات الضريبية كل عام في دعم الكيان الصهيوني، لأن "تكاليف الترحيل" ستكون أقل وأكثر نفعاً.. حسب قولها.
كما جاء في المنشور أن الشعب الأمريكي سيرحب بالوافدين الجدد، وأن عملية النقل والترحيل هذه ستعيد السلام والاستقرار إلى الشرق الأوسط بعد تخليصه من التدخل الأجنبي.. حسب تقرير لصحيفة التليغراف البريطانية.
وأضافت شاه تعليقاً منها قائلة "وبهذا تكون المشكلة قد حُلَّت" وأضافت صورة وجه مبتسم مع تعليق آخر هو أنها ستسعى لإقناع ديفيد كاميرون بتبني الخطة.
منذ ذلك الحين قدمت شاه اعتذارات متعددة مؤكدة أن الخطة المقترحة في المنشور "لا تعبر عن آرائي" اليوم ، كما أنها أزالت المنشور.
بيد أن تعليقاتها تثير تساؤلاتٍ في البرلمان البريطاني حول إمكانية بقائها في عضوية لجنة الشؤون الداخلية الخاصة التي أعلنت مؤخراً أنها ستشرع في تقصّي وتحرّي تنامي مشاعر معاداة السامية في بريطانيا.
ووجد البعض من أعضاء هذه اللجنة، ممن تحدثوا إلى التلغراف، أنه يجب على شاه الاستقالة، وألا يكون لها أيّ يد في التحريات المزمعة نظراً لـ"تصريحاتها المهينة جداً".
خطط نازية
وقد عقد برلمانيون من حزب العمال مقارنة بين تصريحات شاه وبين خطط النازيين في ترحيل يهود أوروبا إلى مدغشقر خلال الحرب العالمية الثانية (خطة مدغشقر في 15 أغسطس/آب 1940 التي اقترحها أدولف آيخمان لإعادة توطين يهود أوروبا في مدغشقر)، فيما قال آخرون أن التصريحات "مشينة وغير مقبولة أبداً."
وورد في المنشور المثير للجدل خارطة لأميركا وفي قلبها جزءٌ صغير يمثل إسرائيل، وتعليق يقول أن في أميركا متسعاً من الأراضي يكفي للترحيب بإسرائيل ولاية 51، وستتمتع الدولة هناك بالكثير من الأمن وسط حي ودود من الولايات الصديقة، وبالتالي لن تضطر أميركا لصرف 3 مليارات دولار من ضرائبها سنوياً للإنفاق على تسليح إسرائيل.
كذلك كتبت البرلمانية تعليقاً حينها قالت فيه إن "المشكلة الوحيدة هي أن على إسرائيل إعادة كل المزارع والأراضي والكروم والحقوق المسلوبة من الفلسطينيين، وهو أمر غير ممكن. لذا سأرسل تغريدات لأوباما وكاميرون أقترح فيها هذا المقترح عليهما، لعل المقترح يوفر عليهما بعض المال."
لكن البرلمانية دافعت عن نفسها قائلة إن المنشور يعود تاريخه إلى ما قبل عامين، أي قبل انتخابها عضواً في البرلمان، وأنه لا يعبر عن آرائها اليوم وأنها تعتذر عن أي إساءة سببها المنشور.
وكانت شاه قد دعت مستخدمي فيسبوك لإدانة جرائم الحرب الإسرائيلية عام 2014.
استقالة ظل
موجة الجدل ودعوات الاعتذار والاستقالة تمخضت في نهاية المطاف عن استقالة البرلمانية من منصبها الصوري غير المأجور كأمينة وسكرتيرة برلمانية خاصة لمستشار حكومة الظل المعارضة جون مكدونل دون استقالة من عضوية البرلمان، فكتبت تغريدة فحواها:
"إنني نادمة على الألم الذي تسببت به تصريحاتي على الشبكات الاجتماعية قبل انتخابي عضواً في البرلمان. لقد نشرتها في خضم أحداث حرب غزة عام 2014 عندما تأججت مشاعر الكل واحتقنت تجاه مسألة الصراع في الشرق الأوسط؛ لكن ذلك ليس عذراً يعلل ذنبي والذي أعتذر عنه بشدة، وللتكفير عن خطئي أستقيل من منصب الأمانة البرلمانية الخاصة بمستشار الظل جون مكدويل.
سأوسع من آفاق نشاطي الحالي وحواري مع منظمات الجالية اليهودية، كما سأضاعف مجهودي لمحاربة كل أنواع العنصرية ، ومنها معاداة السامية. أعتذر جداً وسأوافيكم بشرح وافٍ في وقت لاحق."
وتحدثت لويز إيلمان، نائبة رئيس أصدقاء إسرائيل في حزب العمال، إلى التلغراف قائلة أن التعليقات مشينة وغير مقبولة وعلى حزب العمال إبداء مزيد من الجدية في محاربة معاداة السامية.
ترحيل الفلسطينيين إلى سيبريا
أما أعضاء اللجنة العمومية للشؤون الداخلية فقال أحدهم أنه "من الحكمة" ألا تتدخل شاه أو تشارك في استقصاء لجنتهم لأشكال معاداة السامية في البلاد "لأنه من الخير لها أن تغيب عنه" فتعليقاتها مشابهة تماماً لأصناف السلوكيات التي تتحرى اللجنة وتتقصى عنها للوقوف على أسباب البلبلة السياسية الحاصلة في البلاد.
كما قال عضو آخر في اللجنة "تعليقاتها تضعف موقفها. افرض أن أحدهم اقترح ترحيل كل الفلسطينيين إلى سيبيريا. ستقوم الدنيا ولا تقعد. إن هذه إهانة وإهانة كبرى وغير مقبولة."
أما المتحدث باسم مجلس النواب البريطانيين اليهود فقال إن المجلس دعا لاجتماع طارئ لاستيضاح آرائها حول إسرائيل والجالية اليهودية البريطانية.
أما زعيم المعارضة البريطانية قائد حزب العمال، جيريمي كوربين، فرفض كل الدعوات التي تحض على إقالة البرلمانية من منصبها، مشيراً إلى أنه قبل اعتذارها حسب الغارديان.
رئيس الحكومة البريطانية ينقض عليها
ليزا ناندي وزيرة الطاقة في حكومة الظل التابعة لحزب العمال الذي تنتمي إليه شاه، دعت إلى إقالة ناز من حزب العمال لأنها خرقت مبادئ الحزب بمعاداتها السافرة للسامية، ودعت إلى إجراء مزيد من التحريات.
وقالت ناندي الأربعاء 27 أبريل/نيسان 2016 أن لدى الحزب سياسة تقضي بتوقيف كل من يدلي بتصريحات تعادي السامية وفتح تحقيق بشأنها، وينبغي تطبيق هذه السياسة دون استثناء.
وأضافت أنها صارحت رئيس الحزب كوربين برأيها، وأن كوربين "سيتعامل شخصياً مع المسألة، وهو الصواب بصفته رئيس حزب العمال."
أما كوربين فجاء تصريحه قبيل لقائه بديفيد كاميرون بناء على طلب الأخير لاستيضاح الموقف منه شخصياً، حيث قال كوربين: "إن ما فعلته ناز شاه مشين وغير مقبول. لقد تحدثت إليها ووضحت لها ذلك.
واستدرك قائلا "لكن هذه التصريحات التي انتشرت كالنار في الهشيم كانت قد جاءت قبل دخولها في عضوية البرلمان، وقد أتبعت ناز ذلك بنشرها اعتذاراً عريضاً. لقد تخلت عن تلك الآراء واعترفت بخطئها في نشر تلك التصريحات." مضيفاً أن حزبه ضد معاداة السامية وضد كل أشكال وأنواع العنصرية.
أما كاميرون فانقضّ على قضية شاه في مجلس العموم وقال في تقريعٍ لاذع إنه من الغريب جداً أن تبقى البرلمانية في منصبها رغم انهيال الجميع عليها بالانتقادات والدعوات للاستقالة.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Telegraph البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.