الشتات وغياب الهدف

اليوم وبعد كل ما نعيشه من أحداث متتالية من حروب نجد أنفسنا أمام حرب أقوى وأشرس، تحتاج إلى وقفة جادة من قبل كل فرد لصدها، فهذه الحرب دخلت وعاشت معنا دونما أن نعرف مدى تأثيرها، فهي أصبحت تسرق وتقتل أجيالاً من المفترض أن يكونوا اليوم مفكرين ومبدعين وعلماء، والأدهى من ذلك نجدها بدأت تسرق منا أطفالنا لأننا سخرنا أنفسنا لهذا الشيء .

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/25 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/25 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش

مبعثرون نحن دونما نعلم، أم أن عقولنا تبعثرت؛ وكانت كالشتات في هذا الزمان الذي أرانا العجبَ؟ رغم أن الزمان لم يتغير وكنا نحن عجائب هذا الزمان، كالشتات المنطلق من تحت ركام الماضي؛ ليكون حاضراً أسوأ مما مضى، وقد يكون الأسوأ في القادم القريب، فالمعادلات أصبحت معقدة مثل خوارزميات لايمكن فك شفراتها لتكون في داخلنا عقولاً معقدة ومشتتة هنا وهناك، تملك وتحوي أفكارًا أقرب ماتكون للضياع، أو كالعيش في ظلام حالك كظلمة البحار.

من الشتات نجمع ماتبقى منا، فنحن مبعثرون في عالم كبير لايرحم، ولايعطي الرحمة للغير، حتى أصبحنا لانرحم أنفسنا، ونرحم من حولنا، نحن مبعثرون، في عالم خيالي بعيد كل البعد عن الواقع الذي افتقدناه حتى أصبح صديقنا خيال، ورفيقنا خيال، حبيبنا عائلتنا من يعيشون حولنا أقرب بل هم كالخيال!, لكن هو الضياع بحد ذاته، الذي حط علينا كغراب أسود في ظلام الليل ولم نرَ النور.

أما العهر الذي ضرب الشوارع من اللّاشيء ليكون أشياء داخل المنازل يمضي مع مجتمع وشريحة كبيرة من هذا العالم كعاهرة تعرت أمام ذئاب جائعة متعطشة لتسيل دماء الطهر في هذا العالم، فلم كثيرة هي الشواهد التي نعيشها في عالم الشتات؟ وأصبحنا بين أنياب الذئاب، وسم الأفاعي نعيش ونقاتل من أجل شيء في اللَّاشيء؟

أما سكر العقول؛ كأنها ارتوت من بحور الخمر؛ الذي سيطرعلى عقولٍ لم تكن سوى نهراً فتحت أمامه سدود الأيام ليرتوي من خمور الحروف والكلمات، من قراءة كتب فلسفة المجهول ليدخلوا في متاهة تتغير طرقها كلما اقتربنا من بوابة الخروج لنعود في البحث عن مخرج جديد، ومخرجها هو الدخول لمتاهة أخرى لا مخرج منها فكانت تلك العقول ذابلة، ثملة من كثر الخمور التي شربوها.

إلى الشتات نعود إلى اللَّاشيء نصل، دخلت علينا تلك التي سميت نفسها "التكنولوجيا" لتسرق من حياتنا كل ماهو واقع في هذه الحياة حتى أصبحنا لا نفارقها في كل جوانب الحياة اليومية، والأسرية، حتى العملية، فهي جزء لايتجزأ منا حتى صارت هي كنفسنا، التي نتبعها في كل مكان وحين، هذه التكنولوجيا التي أصبحت في كل مكان أن نوجهها ونكرّسها إلى الإتجاه الصحيح فكل شيء سكين ذو حدين.

نحن جعلناها الصديق الذي لايخون وهي الحبيب الوفي لنا وهي الأسرة التي نتواصل معها، تجدنا مجتمعين في نفس المكان والزمان لكن لا أحد مع أحد، أجساد ترقد وأرواح مهاجرة، هكذا هو حال الكثيرين ممن جعل من نفسه ضحية لتلك التكنولوجيا بمختلف جوانبها ابتداء بالحواسيب، وانتهاءًا بمواقع التواصل الاجتماعي؛ نعم الإجتماعي فنحن نتواصل عن طريق الخيال عن طريق اللّاشيء لنفقد لذة حياتنا الواقعية نحتاج لنعيد حساباتنا التي أصبحت معادلة صعبة لا تُحل بسهولة بالرغم أنه كان بإمكاننا أن نجعلها غاية لتحقيق أهدافنا.

وأعود لأتحدث عن عهر هذه التكنولوجيا التي فتحت أبواب الفساد في كل مكان، وزمان، أمام جيل أصبح مهوس في عالم الجنس، والضياع، فهذه التكنولوجيا سهلت العملية أمام تلك المجموعات المتعطشة من كلا الجنسين حتى أصبحت تهدد الطهر في كل مكان، وأصبحت هي كالدار التي تحقق مأرب كل شخص متعطش، وتلاحق كل شخص وتهدده بتغير أفكاره في كل لحظة.

لو تابعنا العالم ومايحدث به لاكتشفنا أصبح هناك جيل لا يعرف معنى الاحترام قادر أن يتحرش بأي شخص في كل مكان، وكأنما العادات والأخلاق والدين… إلـخ , لم تعد لها أي تأثير في المجتمع وهذا الفساد كأنه من صنع أيدينا في استخدام هذه المنفعة .

أما في الشتات الآخر أصبحت هناك عقول تفكر بنحو غيرهادف تعيش في عالم معقد رغم البساطة التي كنا نعيشها أصبحنا نفكر بالاستماع إلى اللَّاشيء، أو الأشياء التي ليست هي من عالمنا أصبحنا ندخل في أمور أكبر وأعمق من تفكيرنا لنصبح كالتائهين لا نعلم أين المخرج، في وقت نحن بحاجة لتسخير هذه العقول في العلم وكأن الكتب أصبحت كالعدو الذي يهاجم بشراسة بقدرة كبيرة على تغير تفكيرنا نحو الأسوء.

اليوم وبعد كل ما نعيشه من أحداث متتالية من حروب نجد أنفسنا أمام حرب أقوى وأشرس، تحتاج إلى وقفة جادة من قبل كل فرد لصدها، فهذه الحرب دخلت وعاشت معنا دونما أن نعرف مدى تأثيرها، فهي أصبحت تسرق وتقتل أجيالاً من المفترض أن يكونوا اليوم مفكرين ومبدعين وعلماء، والأدهى من ذلك نجدها بدأت تسرق منا أطفالنا لأننا سخرنا أنفسنا لهذا الشيء .

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد