خيارات إيطاليا محدودة في الضغط على مصر بشأن مقتل ريجيني.. إليك الأسباب

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/12 الساعة 15:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/12 الساعة 15:32 بتوقيت غرينتش

تصطدم رغبة إيطاليا في تحقيق العدالة في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر بمتطلبات الواقعية السياسية، إذ لا ترغب روما في تعريض علاقاتها التجارية مع مصر للخطر بسبب حادث القتل الوحشي.

وفي محاولة لتسجيل شعورها بخيبة الأمل من بطء التحقيقات في مقتل ريجيني الذي عُثر على جثته مُلقاة على جانب طريق سريع قرب القاهرة في فبراير/شباط الماضي، وعليها آثار تعذيب، استدعت إيطاليا سفيرها لدى مصر الأسبوع الماضي للتشاور.

وتعهّدت روما باتخاذ إجراءات أخرى إذا لم ترَ مؤشرات على أن مصر جادة في كشف الحقيقة وراء مقتل ريجيني، لكنها تبعث برسالة محسوبة بعناية حرصاً على عدم إفساد العلاقات التي كانت قوية في السابق مع الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني: "نظراً لأن التعاون (بشأن التحقيقات) قد اعتبر غير كافٍ، فقد قررنا اتخاذ إجراء متناسب دون الشروع في حرب عالمية".

السعي لموقف أوروبي جماعي

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الإيطالية – اشترط عدم نشر اسمه نظراً لحساسية الموضوع – إنه إذا لم يحدث تقدم في القضية فإن روما قد تنصح بعدم سفر السياح إلى مصر وتوقف المبادلات الثقافية والتعليمية.

وبخلاف ذلك فسوف تتطلع إيطاليا إلى صياغة موقف أوروبي جماعي بشأن القضية.

وقالت سيلفيا كولومبو، وهي من معهد الشؤون الدولية في روما: "لا أعتقد أن إيطاليا ستعرّض العلاقات التجارية للخطر.. ليس في ظل المناخ الاقتصادي الحالي".

ولا يتعلق الأمر فقط بالتجارة فإيطاليا – شأنها شأن دول غربية أخرى – تحتاج للدعم المصري في المساعي الرامية لتحقيق الاستقرار في ليبيا ووقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط بحثاً عن حياة جديدة في أوروبا.

داعمة للسيسي

كان ريجيني (28 عاماً) طالب الدراسات العليا في جامعة كامبردج البريطانية يجري أبحاثاً حول نقابات العمال المستقلة في مصر عندما اختفى يوم 25 يناير/كانون الثاني. وأظهر تشريح للجثة أنه تعرّض للتعذيب على مدى عدة أيام قبل وفاته.

وقالت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن التعذيب يشير إلى أنه توفي على يد قوات الأمن، وهو الزعم الذي تنفيه القاهرة.

وتصادف العثور على جثته مع زيارة كان يجريها وفد تجاري إيطالي لمصر بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية.

ووفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري فإن إيطاليا كانت رابع أكبر شريك تجاري لمصر من حيث الصادرات والواردات في عام 2015.

وتقول وكالة الصادرات الإيطالية (إس إيه سي إي) إن حجم التبادل التجاري بلغ 5.72 مليار دولار عام 2014 بانخفاض طفيف مقارنة مع العامين السابقين.

وزار رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي مصر مرتين بين عامي 2014 و2015، وكان عازماً على عكس اتجاه هذا التراجع. وكان رينتسي يكيل المديح للسيسي الذي زار روما العام الماضي.

وتعمل نحو 100 شركة إيطالية في مصر، على رأسها شركة إيني التي أعلنت في أغسطس/آب الماضي اكتشاف أكبر حقل للغاز في البحر المتوسط قبالة السواحل المصرية الذي قد يبدأ الإنتاج العام القادم.

وقال مسؤول في شركة مالية إيطالية لديها نشاط كبير في مصر: "الجميع يحنون رؤوسهم ويأملون أن تنتهي هذه الأزمة سريعاً.. أغلب مشروعاتنا يجري تطويرها على المدى المتوسط إلى البعيد؛ لذا من المتوقع أن تكون آمنة".

وإذا ما انسحبت إيطاليا من مصر فإن دولاً أخرى ستملأ الفراغ.

هل تحل فرنسا مكان إيطاليا؟

وتأكيداً على ذلك سيزور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مصر الأسبوع المقبل، وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن القاهرة ستوقع عقوداً عسكرية قيمتها أكثر من 1.1 مليار دولار.

وقال السفير الإيطالي السابق سيرجيو رومانو الذي يكتب مقالات افتتاحية في صحيفة "كورييري ديلا سيرا": "إيطاليا بوسعها تقييد علاقاتها التجارية لكن هذه لعبة خطيرة جداً.. يجب أن تعمل الحكومة على جعل المسألة قضية أوروبية".

وفي هذا السياق قالت الإيطالية فيدريكا موجيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، مطلع الأسبوع الجاري، إن الاتحاد مستعد "لدعم الجهود الإيطالية لمعرفة الحقيقة بشأن الوفاة". ولم تذكر تفاصيل بشأن نوع هذا الدعم.

وقال المسؤول بوزارة الخارجية الإيطالية إن روما ربما تسعى لإصدار بيان مشترك لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للتعبير عن القلق.

ولا تزال القضية تتصدر الصفحات الأولى في الصحف الإيطالية، وهو ما يعني أن الحكومة لا يمكنها ترك القضية تسقط. وقالت أسرة ريجيني أيضاً إنها ستواصل الضغط وهددت والدته بنشر صورة لجثته، وهو ما قد يمثل ضربة لمساعي مصر لإنعاش صناعة السياحة المتأزمة.

وقالت الأم في مؤتمر صحفي الشهر الماضي: "عرفته فقط من أرنبة أنفه".

تحميل المزيد