ذات صباح وأنا أتصفح جديد حائطي الفيسبوكي.. إذا بي أجدني متوقفاً عند صورة أثارت اهتمامي وأيقظت فضولي. الصورة رمت بها أقدار زر اﻹعجاب إلى جدار صفحتي بالعالم اﻷزرق. تبدو للوهلة اﻷولى ساخرة سرقت مني حينها ابتسامة لم تدم طويلاً ليحل مكانها تنهيدة عميقة عمق الجرح الذي أصاب نفسي من شدة الحزن على حالنا.
الصورة أراد صاحبها من خلالها أن يسخر من واقع أمتنا، حينما قارن بين ثلاث تفاحات. اﻷولى للعالم إسحاق نيوتن مكتشف الجاذبية بفضل نقرتها على رأسه عند سقوطها من أعلى الشجرة، والثانية كانت رمز الشركة العالمية آبل السباقة إلى اختراعات تقنية غيرت نظرتنا للعالم، ثم الثالثة -وللأسف- كانت رمزاً لنكهة الشيشة أوالنرجيلة والتي يستهلكها عدد كبير من سكان العالم العربي.
الصورة بالفعل ظاهرها مثير للسخرية، لكنها مليئة بالمعاني العميقة التي تحيل إلى أزمة الفشل الذي غرق في قاعه العرب منذ زمن طويل.
من هنا بدأتُ ألملم أفكاري وأتبع أثر اﻷسئلة التي بدأت تتناثر أمام ذهني، وشيئاً فشيئاً بدأت اﻷجوبة تجتمع في مخيلتي ﻷقرر البداية بكتابة هذه الرباعية من المقالات عن أسرار النجاح، والتي من خلال تجاربي السابقة ألخصها في: الفشل واﻹرادة واﻹيجابية والثقة في النفس.
هذه الرباعية اخترتُ لها عنواناً نابعاً من اﻷلم الذي تركته بداخلي تلك الصورة وهو: "كيف تصنع عصير النجاح من التفاح؟!".
أما اﻵن وفي ضوء الحديث عن السر الأول للنجاح فأرجوك عزيزي القارئ أن تنقش الكلمات التالية في ذهنك وتحفظها أيما حفظ، فهي في اعتقادي أساس كل الآتي من الكلام: "الفشل أساس النجاح"! نعم، هذا ليس خطأً مطبعيًّا بل هو أهم وصية أوصي بها طلاب النجاح، فإن لم تفشل لن تعرف مذاق النجاح.
ولتثق بكلامي أدعوك للرجوع إلى صورة التفاح ولتنصب نفسك قاضياً ثم ضع أمامك إسحاق نيوتن وستيف جوبز كمتهمين واجعلهما يحدثانك أمام محكمتك عن الفشل، سيعترفان لك أنه إنْ كان من دائن لهما بالنجاح فهو بالتأكيد ذاك "الفشل". فلولاه لما ثابرا ولما عاندا ولما جاوزا كل الحدود كي يسطرا اسميهما بمداد من ذهب على لوحة العظماء.
هاتان الشخصيتان ليستا وحدهما من بنيا اسطورتيهما على الفشل بل كل الناجحين المعروفين لم تكن قصص نجاحهم لتعرف الطريق إلى الوجود لولا أنهم ذات يوم قد تعثروا ثم نهضوا ثم فشلوا ثم نهضوا فنجحوا ليصبحوا أيقونات يضرب بها المثل.
قد تواجهني عزيزي المتابع بقولك إنه إذا كانت لدينا من عملة رائجة في عالمنا العربي فهي الفشل، فكيف لم ننهض بعد ولم نؤسس لنجاح يذكر، بل إن ما قد نجحنا فيه ليس سوى البقاء في قاع الفشل والحفاظ عليه! لكن دعنا نبقى في إطار النجاح الشخصي الذي لا محالة هو ما سيصنع النجاح الجماعي مصداقاً لقوله تعالى: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
بالفعل قد نكون مررنا بتجارب عديدة باءت بالفشل ولم يكتب لنا النجاح بعدها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على غياب عناصر مهمة تعد دعامات لأساس النجاح تجعل من فشلنا قوة عظيمة، بدل أن تكون نهاية لأحلامنا..
هذه العناصر هي الأسرار الثلاثة المتبقي ذكرها.. وهي اﻹرادة واﻹيجابية والثقة بالنفس وهي ستكون مواضيع المقالات القادمة بإذن الله.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.