“أزمة سيناريو ” مصرية أمام المدرسة الايطالية العريقة

بصريح العبارة ضحايانا "أرخص" من الآخرين وهذه "حقيقة ملموسة " في عالم اليوم، فهل أخطأ "الجناة" الهدف باستهدافهم الخاطئ؟ ومن يقف خلف هذه السقطة الشنيعة التي شاءت الأقدار أن تكون شوكة في حلق المجرمين، وبالتالي يمكن أن تساهم في لفت الأنظار للمتألمين والمقهورين في المحروسة (وما أكثرهم).. رب ضارة نافعة بالفعل..

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/06 الساعة 01:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/06 الساعة 01:49 بتوقيت غرينتش

مثيرة للاستغراب "صحوة الضمير" التي أصابت بعض الإعلاميين المصريين فجاة ودون سابق إنذار ونعني تحديداً في قضية مقتل الإيطالي "جوليو ريجيني"، والمتابع للموضوع سيتخيل أن الجريمة الشنعاء بحق الباحث لم تحدث سوى قبل يومين أو ثلاثة فقط وأن "صورة مصر" أو بالأصح النظام المصري "البهية الجمال" أضحت مهددة "بالتشويه" بين عشية وضحاها، وأن القضية المذكورة هي "الوحيدة" التي "يمكن" (مازالوا يطلقون لغة التهديد والوعيد وكأن شيئاً لم يقع بعد) أن تعكر صفو العلاقات مع العالم الخارجي.

من رئيس تحرير جريدة "الأهرام" إلى "لميس الحديدي" استفاق هؤلاء (صح النوم) على أنه ينبغي التصدي للموضوع قبل فوات الأوان وتقديم "الجناة" للعدالة، هنا سنتساءل عن أي جناة يتحدثون والمسؤولية مشتركة تستهدف جهازاً "عتيقاً" بحجم وزارة الداخلية؟ ومن يملك الجراة والشجاعة ليدين "نفسه" بشكل أو باخر؟

ربما يمكننا التوقف عن الشريط المصور الصادر عن السيدة "ليلى مرزوق" والدة "خالد سعيد" حين عبرت عن تضامنها مع والدة "جوليو ريجيني" بالقول
"هتكملي مشور ابنكِ وربنا يقدركِ عليهم، والله ما عارفة أقولكِ إيه لأن اللّى أنا حاسه بيه صعب أوصفه مش قادرة أقولكِ أنا حاسه بإيه، ربنا يصبركِ ويصبرنا ويصبر كل أم شهيد".

هنا انتفض الكثيرون من أبواق النظام المصري للمطالبة بمحاسبة هذه الأم المفجوعة على ابنها، ولم يقووا على تحمل كلمات نابعة من القلب لأم مجروحة بفقدان فلذة كبدها بتلك الطريقة البشعة المدانة قولاً وفعلاً، أستحضر هذا كمثال بسيط على الجو "المشحون" في المحروسة ورفض تقبل الآخر وكلامه، فكيف سيرتدي هؤلاء ثوب المتسامحين الإنسانيين ويطالبون بمحاسبة القتلة والمجرمين؟

مع العلم أن "سيناريو" العصابة المجرمة واعترافاتها بالمسؤولية عما أودى بحياة الشاب الإيطالي لم تنطلِ على أحد، لذلك شعر النظام وحتى إعلاميوه بأن الوقت قد حان للبحث عن "مخرج مشرف" للخروج من عنق الزجاجة والإشكال الأكبر في "إقناع" الإيطاليين والعالم "برواية محبوكة"، فأين اختفت عبقرية كُتَّاب السيناريو "البارعين" المصطفِّين في خندق النظام لإنقاذه من هذه "الورطة" مع ضرورة الاعتراف بأن "الروايات الرسمية" تطاردها دائماً صبغة الفشل وحتى الكسل، والسبب معروف ويرجع لسنوات تعاملهم الطويلة مع "الضحايا المحليين" وهؤلاء يكفيهم أي "تفسير" مهما بدا غبيًّا وغير مقنع لإقفال الملف وقراءة الفاتحة على روح الضحية، فهل عجزت "السيناريوهات" المصرية أمام خبرة "الإيطاليين" وهم أصحاب التجربة في هذا المضمار؟

والتأكيد على هذا الكلام يمكن أن نجده فيما قالته الإعلامية المصرية "لميس الحديدي" مثلاً في برنامجها "في إيطاليا مواطن تم تعذيبه حتى الموت ولديهم اهتمام بالمواطنين وليسوا مثلنا، فإذا كانت الحادث لمواطن مصري، فهذا أمر عادي أمّا في أوروبا فهذا حادث غير عادي".

بصريح العبارة ضحايانا "أرخص" من الآخرين وهذه "حقيقة ملموسة " في عالم اليوم، فهل أخطأ "الجناة" الهدف باستهدافهم الخاطئ؟ ومن يقف خلف هذه السقطة الشنيعة التي شاءت الأقدار أن تكون شوكة في حلق المجرمين، وبالتالي يمكن أن تساهم في لفت الأنظار للمتألمين والمقهورين في المحروسة (وما أكثرهم).. رب ضارة نافعة بالفعل..

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد