الإطاحة بـ”بحاح”.. هل فضلت السعودية الإخوان على رجل الإمارات في اليمن؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/05 الساعة 15:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/05 الساعة 15:54 بتوقيت غرينتش

فتحت الإطاحة المفاجئة بنائب الرئيس اليمني ورئيس الوزراء خالد بحاح -المقرب من دولة الإمارات- واستبداله برجلين أحدهما مقرب من حزب الإصلاح الإسلامي، الباب لتساؤلات عديدة حول تفسيرات ما جرى، وعما إذا كان إبعاداً للإمارات من المشهد اليمني، وانتصاراً لرؤية سعودية تميل إلى إدماج إخوان اليمن والاعتماد عليهم.

القرار جاء في وقت قطعت فيه الأمم المتحدة شوطاً كبيراً في نزع فتيل الوضع العسكري المتصاعد في اليمن، منذ أكثر من عام، إذ تم التوافق على تهدئة ووقف للأعمال القتالية في محافظات يمنية والمناطق الحدودية، ولكن الوضع السياسي انفجر فجأة، في البلد المضطرب، وكان طرفاه، رئيس الجمهورية، عبدربه منصور هادي، ورئيس الوزراء المقال، خالد بحاح.

الغريب أن رئيس الوزراء المقال قبل للوهلة الأولى قرار الإقالة، ولكنه بعد يومين من إقالته من منصبيه، كنائب للرئيس ورئيس للحكومة، ظهر مجدداً اليوم الثلاثاء 5 إبريل/ نيسان 2016 ، ببيان شديد اللهجة ضد الرئيس، لوّح برفض القرار، واعتبره

"انقلاباً" على شرعية التوافق والمبادرة الخليجية، لا يقل فداحة عن انقلاب الحوثيين وصالح على حد تعبيره.

صراع خفي لقوى خارجية

كان طرفا الصراع السياسي في اليمن، يدركان أن القوى والأحزاب اليمنية لا تشكل ظهراً يمكن الاتكاء عليه وقت الأزمة، فلجأ كل طرف إلى سند خارجي.

وطّد بحاح علاقته مع الإمارات وتعددت زياراته إليها، وذهب إلى جزيرة سقطرى لاستقبال وفد إماراتي، وتم تناقل أنباء عن سماح حكومته للإماراتيين باستغلال الجزيرة اقتصاديًّا وسياحيًّا لعقود من الزمن، كما كانت علاقته مع مبعوث الإمارات في عدن، وثيقة وفقاً لمقربين.

وفي حين مكث بحاح في عدن خلال الفترة التي سبقت إقالته بشهرين، كان الرئيس عبد ربه منصور هادي يتواجد في المملكة العربية السعودية، ويشيد بها بشكل خاص في كل لقاءاته الرسمية، أكثر من كل دول التحالف العربي التي ساندت شرعيته.

رجال السعودية بدلاً من رجل الإمارات

ويرى مصدر سياسي يمني (رفض الإفصاح عن اسمه) أن القرارات الأخيرة التي أطاحت ببحاح، صاحب النزعات الانفصالية التي تشجعها الإمارات، والتي تميل لانفصال جنوب البلاد عن شماله، جاءت بضوء أخضر سعودي، لكبح الطموح الإماراتي، باعتبارها صاحبة الحق الوحيد في تقرير مصير اليمن.

المصدر قال إن بديلا بحاح، وهما الفريق علي محسن الأحمر، والدكتور أحمد عبيد بن دغر، هما رجلا السعودية في المقام الأول.

فالأحمر، المحسوب على حزب الإصلاح الإسلامي (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) يتمتع بعلاقات جيدة مع السعودية، وهي من أنقذته عقب اجتياح الحوثيين صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، عبر نقله بطائرة خاصة إلى الرياض، في حين يعرف عن الإمارات بخصومتها الشديدة لرجال الإصلاح.

كما أن بديل بحاح في رئاسة الحكومة، بن دغر، وعلى الرغم من أن جذوره تنتمي إلى حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلا أنه من المناهضين لمشروع الانفصال، وينادي بقوة بمشروع الأقاليم الذي تؤيده السعودية.

لا يستند إلى قوة سياسية

الكاتب الصحفي اليمني "جمال حسن" قال في تصريحات لـ"عربي بوست"، إن التوافق بين الأطراف السياسية المؤثرة يمكنه أن يتم بعيداً عن بحاح.

وأضاف أن بيان "بحاح" لن يغير كثيرًا في الأمر، خصوصاً، وأنه لا يستند إلى قوة سياسية مؤثرة يمكن بناء توافق عليها.

وجاءت إقالة "بحاح" عقب جولات من الصراعات والخلافات مع مؤسسة الرئاسة، تفاقمت عقب قيام "هادي" بتعديل حكومي واسع دون الرجوع إلى رئيسها.

واستغلت الرئاسة قرار الإقالة للنيل من "بحاح"، وعزت ديباجة القرار الجمهوري، أسباب تغييره، إلى إخفاقات عديدة، أبرزها عدم تثبيت الوضع الأمني ودمج مقاتلي المقاومة في الجيش ومعالجة جرحى الحرب، وفقا للتلفزيون الحكومي، الذي أذاع القرار.

ويرى حسن، "لغة الإقالة قاسية وتحمل ضغينة. لم تكن موفقة على الإطلاق".. حسب تعبيره.

وكيل لطرف خارجي "مصدوم".

ليلة صدور القرار الجمهوري، اكتفى خالد بحاح بمنشور مقتضب، ظهر فيه أنه متقبِّل للأمر، لكنه حاول الدفاع عن نفسه من الاتهامات التي ساقتها ديباجة القرار التي اتهمته بالفشل، وقال إنه تحمل الأمانة في ظرف عصيب وفي وقت توارى فيه الكثير عن الأنظار، وأن التاريخ سيشهد له بذلك.

لكن ظهوره بعد يومين، ببيان جديد يلّوح فيه برفض القرار، أثار أكثر من علامة استفهام حول أسباب اكتشافه أن قرار إعفائه، كان "غير مشروع"!

يرى المحلل السياسي "عبدالعزيز المجيدي"، أن بيان بحاح الأخير، يعني أن طرفاً

"مصدوماً" بالقرارات، ولا يعرف طبيعة الوثائق ومصفوفة التشريعات الداخلية، فأخذ وقتاً للعودة إليها وهندسة هذا البيان الغريب.

وقال "إذا كان يتحدث عن مشروعية حكومته، التي جاءت بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014، بفعل اتفاق "السلم والشراكة" فُرض بالقوة، فهذا يعني أن حكومته ليست شرعية، لأن استقالة حكومة باسندوة جاءت بالقوة بعد السيطرة على مقراتها والعاصمة من الميليشيات".

ويعتقد المجيدي، أن الاستمرار في سجال المشروعيات، سيعني أن على حكومة باسندوة (رئيس الوزراء الذي سبق بحاح) أن تعود لسبب أكثر وجاهة مما يرد في بيان بحاح، فقد قدمت استقالتها بالقوة، بينما جرى فرض حكومة بحاح بالقوة أيضاً، وجاءت كنتيجة لانقلاب تم في صنعاء، وليس لتوافق سياسي رضائي حر بعيد عن أي مؤثرات.. حسب تعبيره.

تحميل المزيد