الإسلام:الرسالة التي حرف الارهاب مضمونها

الإسلام ما كان يوماً دين إرهاب أو عنصرية، فهو على العكس من ذلك دين رحمة وتسامح، والسند في ذلك المواقف السمحة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك لا يمكن أن يكون أصله الإرهاب، وكافة النصوص تشير إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مرسل للرحمة، والله جل وعلى يغري بالرحمة، ويرتب ثوابه عليها

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/01 الساعة 05:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/01 الساعة 05:56 بتوقيت غرينتش

لا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تقتلوا شيخاً كبيراً ولا صبيًّا صغيراً" هي الرسالة التي وجهها رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وأوصى بها جنوده في حرب من الحروب، دليلاً يقطع الشك باليقين على أن الإسلام ليس دين عنف وإرهاب، وهو الدين الذي لقب نبيه بالرحمة المهداة، وتحيته "السلام عليكم"، وفي ذلك ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "..أَوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"..

الإسلام هو الدين الذي حرف الإرهاب الغاشم رسالته السامية، وجعل الغربيين يشعرون بالرهاب كلما جلس إلى جانبهم رجل ذو لحية أو امرأة مرتدية حجاباً، ولعل الشاهد على ذلك ما يتعرض له المسلمون بعد كل هجوم إرهابي من اضطهاد وعنصرية، وطال ذلك حتى المجتمعات الأكثر ديمقراطية، وساعدها على ذلك الإعلام الغير مسئول الذي سوق صورة قاتمة عن الإسلام واتهمه بالتطرف والإرهاب وهو من ذلك براء.

داعش أو ما يصطلح عليه بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وجماعة القاعدة في المغرب الإسلامي وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، وغيرها من الجماعات التي نرى تنامياً ملحوظاً لها من خلال العمليات الإرهابية التي شنتها والتي أودت بحياة العديد من الأبرياء في مختلف دول العالم وخاصة أوروبا التي أضحت مصنعاً لإنتاج الإرهابيين الضالين عن منهج الإسلام القويم وذلك راجع للعديد من الأسباب، والتي من بينها السياسات الفاشلة لهذه البلدان للتصدي لكل أعمال العنصرية.

وهنا يتضح جليًّا ضعف سياساتها في إدماج المهاجرين وشعورهم بالتهميش، خصوصاً وأن معظم الإرهابيين الذين نفذوا العمليات الإرهابية التي استهدفت أوروبا خلال السنتين الأخيرتين قد ولدوا وتربوا في أوروبا وتشربوا تعاليم معتقداتهم فيها وتغلغلت في أذهانهم الأفكار التخريبية والإرهابية هناك، نظراً لما واجهوه من تهميش وعنصرية في تلك البلدان.

والشاهد على ذلك التصريحات العنصرية المعادية للإسلام والمسلمين -كأحزاب اليمين المتطرفة، كحزب الجبهة الوطنية بزعامة "مارين لوبان" في فرنسا وحزب الحرية في هولندا بزعامة "غيرت فيلدرز" الذي يكن للإسلام والمسلمين كراهية كبيرة والمرشح الرئاسي في الولايات المتحدة الأميركية "ترامب" والذي لا يمكن أن يوجه خطاباً إلا وله من الكراهية والحقد ضد المسلمين نصيب – التي أججت مكامن الحقد والغضب لدى أولائك الإرهابيين، ومن منظورهم فالانتقام هو الحل الأمثل لرد الاعتبار لدينهم وأسرهم، الشيء الذي جعلهم يفجرون البلدان التي كانت في يوم من الأيام حاضنة ومأوى لآبائهم، كفرنسا وبلجيكا اللتين يضمان عدداً مهما من الجالية المسلمة.

الإسلام ما كان يوماً دين إرهاب أو عنصرية، فهو على العكس من ذلك دين رحمة وتسامح، والسند في ذلك المواقف السمحة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك لا يمكن أن يكون أصله الإرهاب، وكافة النصوص تشير إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مرسل للرحمة، والله جل وعلى يغري بالرحمة، ويرتب ثوابه عليها والنبي -صلى الله عليه وسلم- يطبق ذلك عمليًّا، في سيرته مع الذين ظلموه، وعادوه، ولو انتقم منهم لما كان ظالما، لكن لما كان قوام دينه الرحمة، لم يسعه إلا العفو والصفح عن من آذوه.

الأفكار التي تشربها أولائك المجرمون لا سند لها لا في كتاب الله ولا في سيرة رسول الله وما اعتقادهم بأن قتل الأبرياء وإزهاق أرواحهم بأنه جهاد في سبيل الله إلا ضلال وانحراف وهذيان عظمة زائف ولا يسعنا إلا أن نعبر عنه بالتطرف. وقد نهى عنه الإسلام كتاباً وسنة، إذ جاء في سورة الإسراء، الآية 33 "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" وقوله تعالى "من قتل نفساً بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" سورة المائدة، الآية 32.

وهنا يتضح جليًّا بأن قتل النفس بغير حق وإزهاق أرواح الأبرياء واستباحة دمائهم ظلماً وعدوانا بمثابة سفح وإراقة لدماء البشرية كلها وهو من الكبائر التي يوجب لها الله عز وجل عقاباً عظيماً.

ولنا كذلك مواقف كثيرة في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى في الحالات التي تكون فيها الحرب قائمة، ففي أحداث غزوة بدر ذكر ابن إسحاق -رحمه الله- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث عليًّا بن أبي طالب، وسعداً بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسان الخبر له عليه (أي على الماء)، فأصابا رواية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج، وعريض أبو يسار غلام بني العاص بن سعيد، فأتوا بهما فسألوهما (أي الغلامين)، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يصلي، فقالا: نحن سقاة قريش، بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم خبرها، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما، فقالا: نحن لأبي سفيان فتركوهما، وركع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسجد سجدتين، ثم سلم وقال "إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما؟!.. صدقا، والله إنهما لقريش".

وفي ذلك من المواقف الراقية كثير، تظهر وبامتياز مكامن السماحة والرحمة في هذه العقيدة المسالمة التي لا ولن ينال الإرهاب من سلامها وتسامحها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد