هل الأمهات ملائكة ؟

ترتقى المرأة من السماء الأولى إلى السابعة، حين يصرخ طفلها لحظة الولادة. وتصير قرينة الحدس والسؤال والفيض والحياة والموت. كائن سحري خالد، بخفة ورقة، وثقل كلمة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/25 الساعة 07:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/25 الساعة 07:26 بتوقيت غرينتش

ذهبتْ إلى موتها، أرادتْ بكامل إرادتها أن تغيب، أن تتحرر من ثقل الأزمنة كما تقول: الحاضر بالنسبة إليّ يعني الأبد، والأبد يجري ويذوي بلا انقطاع، وكل لحظة تمضي هي موت، أشعر بأني مسحوقة تحت ثقل الأزمنة.
في فجر باردٍ ممل، كتبت "سيلڤيا بلاث" قصيدتها الأخيرة "الحافة"، حضّرت الفطور لطفليها، قطع خبز طرية مدهونة بالزبد وإبريق حليب، اطمأنت على ملاكيها النائمين، قبّلتهما، وضعت بجانبهما فطورهما
. خرجت على رؤوس أصابعها إلى المطبخ، أغلقت النوافذ جيداً، أشعلت غاز الفرن، تناولت ما يكفي من أقراص منوّمة، وهي تردد: "كثيراً مشيت.. كفى"، خنقت رأسها في الفرن، وراحت إلى أبديتها.
"سيلڤيا"، شاعرة الألف قصيدة، الكثير الذي عاشته كان ثلاثين عاماً.. ثلاثون من الصراع مع زخم هذا العالم. الفتاة التي خُلقت للكتابة، والأم التي أرادت أن تكون مثالية، في خمسينيات أميركا، حين كان على المرأة أن تختار إما أن تكون لنفسها، أو أن تنجب الأطفال. صارعت حتى عرفت أن " الكمال فظيع، لا يمكنه إنجاب الأطفال". وذهبت إلى خلاصها.
الأم التي تقرر موتها، متحررة من كل شيء، كيف لها أن تعدّ فطوراً لطفيلها، بهذه الملائكية؟

إنّها الأمومة، المكوّن السحري، الذي يجعل كل امرأة أخرى، لا تعرفها هي نفسها. عندما تتكور الحياة في جسدها، تحيلها إلى كائن يتفوق على الاحتمالات. يتلذذ بالموت لحظة الولادة، يفيض بالدم والحليب، يتمدد بسعة سماء. وتكتسب كل الأشياء في العالم مدلولات أخرى.

ترتقى المرأة من السماء الأولى إلى السابعة، حين يصرخ طفلها لحظة الولادة. وتصير قرينة الحدس والسؤال والفيض والحياة والموت. كائن سحري خالد، بخفة ورقة، وثقل كلمة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد