نساء لا يستحقن الثامن من مارس!

ربما يكمن نجاح وصمود هذه العينة من النساء في كونهن لم يعشن حياة نمطية روتينية: لم يدخلن المدارس ولم تؤطر قدراتهن العقلية.. ولذلك فبالنسبة لي هؤلاء النسوة لا يسحقن يوماً عالمياً.. بل سنة عالمية.. يجب أن تستغل كل دقيقة لشكرهن والاعتراف بمجهوداتهن.. فلولاهن لما اشتغل مصنع سيدة الأعمال ولا صارت التلميذة عالمة!

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/12 الساعة 05:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/12 الساعة 05:13 بتوقيت غرينتش

هو شهر مارس، شهر الأمل والعطاء.. شهر المرأة والأم..
الثامن من مارس ، اليوم العالمي للمرأة الذي مر منذ أيام.. يوم تُسمع فيه كلمة "امرأة" مرات عديدة في الإذاعات ونشرات الأخبار.. جمل وإن كانت في نظري أصبحت مبتذلة، إنجازات السيدة فلانة واكتشافاتها، وعن كتاب ولوحة علانة.. هو يوم يزدهر فيه بيع الورد والشوكولاتة، فنجد رؤساء ومدراء العمل يمنحونها للنساء في محيطهم، كما يشتري الأطفال بعض الزهور لمُدَرِّساتهم ويكتفي البعض بقطفها من أقرب حديقة لطريقه..

تعددت مظاهر الاحتفال بهذا اليوم: برامج وثائقية خاصة على الشاشات، عروض مسرحية وأنشطة ثقافية في المدارس.. إضافة إلى التذكير بأهم النساء في الوطن.. وعرض سيرهن الذاتية ومراحل بلوغهن "القمة"..
لكنني قررت أنْ أسْلك درباً مختلفاً بعض الشيء.. فلأول مرة أكتب نصًّا لفئة مع يقين تام أنها لن تقرأ منه سطراً.. فبعضهن لا يبقى لهن من ساعات اليوم الطويلة غير حيز زمني ضيق للنوم.. أما الأخريات فلم يعرفن يوماً القراءة وشكل الحروف..

ساستغل اليوم العالمي للمرأة من أجل الحديث عن شريحة ربما يهملها الإعلام أثناء الانشغال بتلميع صور العلم والتقدم بالبلاد، عبر ذكر أسماء العالمات والمديرات وسيدات الأعمال.. عن نساء لا يندرج في برنامجهن الأسبوعي زيارة مصفف الشعر، حصص اليوغا، وعروض المصممين..

عن امرأة تبيع الخبز يدوي الصنع في مدخل السوق، عن عاملة نظافة تنحني عشرات المرات لتجمع مخلفات غيرها، عن المساعدات في البيوت وعاملات المصنع.. ربما اشتغال هذه الفئة في صمت، جعلها غير مرئية. لكنها في نظري؛ أكثر تأثيراً من السيدات خلف المكاتب..

فقد نجد امرأة تعمل عملاً "بسيطاً"، لكنها تنفق على أبنائها، لا تقبل تهاونهم.. تواجه حياة تقسم ظهرها نصفين لكي لا ينحني رأس أبنائها.. تعْكِسُ أحلامها التي لم تتحقق عليهم، تطمح بمستقبل مختلفاً لهم.. من بيتها يَتخرج الطبيب والمهندس، تعتبرهم غناها وربحها في الحياة.. أو ربة بيت توفر الراحة لزوجها الذي يشتغل خارجاً، تشاركه الفرح وتمسح دمعته عند القرح..

ربما يكمن نجاح وصمود هذه العينة من النساء في كونهن لم يعشن حياة نمطية روتينية: لم يدخلن المدارس ولم تؤطر قدراتهن العقلية..
ولذلك فبالنسبة لي هؤلاء النسوة لا يسحقن يوماً عالمياً.. بل سنة عالمية.. يجب أن تستغل كل دقيقة لشكرهن والاعتراف بمجهوداتهن.. فلولاهن لما اشتغل مصنع سيدة الأعمال ولا صارت التلميذة عالمة!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد