المطلوب: تحسين شروط العبودية

إذاً ما هو المطلوب في ظل تلك المتغيرات.. وقفة فصائلية لترميم جرح الماضي أم فتح آفاق الجوار أم إصلاح داخلي في أروقة السياسة الفلسطينية وتقسيم الكعكة الوطنية بما يتناسب مع كل الأذواق للخروج من مأزق الموت المحتم لمرافق الحياة في غزة؟!

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/08 الساعة 04:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/08 الساعة 04:27 بتوقيت غرينتش

لم تعُد مقومات الصمود على الأرض الفلسطينية في العقد الأخير صالحة للعيش بكرامة، في ظل وجود الانقسام الجغرافي والسياسي المسيطر على أرض الواقع، في وقت تبخرت فيه أحلام الصغر لتصبح كوابيس الكبر، فما عاد لدينا طاقة ومقدرة على العيش في ظل وضع اقتصادي متردي يعيش أزمات متلاحقة ومتعاقبة بدءاً بالانقسام السياسي وانتهاءً بالأزمات الاقتصادية المترتبة على المشهد السياسي المظلم في غزة تحديداً.

فانعدام البدائل أمام الشعب الفلسطيني من خيارات ديمقراطية جديدة تساهم وتعزز في وجود الإنسان الفلسطيني على أرضه، هي من أوصلتنا إلى هذا الحال، فبات تحقيق لقمة العيش أسمى أماني العديد من الأسر الفلسطينية فالحديث عن الاستقلال ومقاومة الاحتلال وتحرير الأرض والأسرى واللاجئين مرتبة ثانية في سُلم الأولويات الشعبية.

فقد تغيرت معادلات اللعبة على الأرض ومعركة البقاء يلزمها الغذاء الجسدي وليس الروحي، لأن الواقع لم يتغير منذ عشرة أعوام على قطاع غزة، الطرقات نفس الطرقات والأزمات تتكرر والمعاناة تزيد وحدود غزة لم تزد، "لذا فإن شروط العبودية بحاجة إلى تغيير جذري، علينا أن نحسن من شروطها".

إدارة قطاع غزة تعيش هي الأخرى أزمة على صعيدها الداخلي، مواطني غزة يقاتلون من أجل رغيف الخبز، في وقت يعيش أكثر من ثلثي شباب القطاع حالة من البطالة والفقر لا يبحثون عن فرص عمل لأنهم لن يجدوها، بالأمس انضم عدد جديد من الخريجيين إلى طابور الطامحين أو العاطلين عن العمل إن صح التعبير إلى صفوف البطالة.

ليس لدينا عصا موسى السحرية لتغيير الواقع، وإن كُنا نطمح للتغير، فمن يستحق أن نناضل ونكافح من أجله في ظل انعدام الثقة بالقيادات الفلسطينية التي تعيش بمفردها حالة من البذخ والترف وتجني ثمار الانقسام السياسي والجغرافي أموالاً وعقارات ومشاريع استثمارية وغيرها على حساب المواطن الفقير؟

طبيعة حياة المواطن أصحبت عبارة عن مجموعة فواتير مطالب بتسديدها كلما هلت بداية شهر جديد، ابتداءً من التلفون إلى الجوال إلى الإنترنت، ولا ننسى بقال الحارة وبائع الخضار ومصاريف الأطفال اليومية، لقد بات واضحاً أننا ندفع ثمن الصمود على أرض غزة من خلال معابر مغلقة طوال الوقت وحصار خانق فرق طبقات المجتمع الفلسطيني وضرب عقدها الاجتماعي، وأصبحنا نعيش حالة هستيرية من انعدام الثقة والمقومات الاجتماعية..

لو أن "الغزالي" أو "روسو" عاش بيننا لاحتار في اختيار طريقة للخروج من هذا المأزق الاجتماعي، فما عادت لدينا نخوة الماضي والتماسك الاجتماعي مثل ذي قبل السنوات العجاف التي مرت بها غزة، فقد بحثتُ في كتب التاريخ عن حالة تاريخية مثيلة لما نعيشه اليوم في غزة للأسف لم أجد، نحن حقل تجارب لكيفية إذلال الشعوب وتركيعها، نتعايش مع الأزمة ونعيش كل فصولها ونوفر البدائل من أجل استمرار الحياة، نقف أمام الاحتلال الإسرائيلي نقاتل نجاهد نناضل نحارب بكل المصطلحات بكل اللغات وبكل الإمكانيات حتى لا تأخذنا العزة بالإثم، ولا نستكين حتى لا يذكرنا التاريخ بأننا خضعنا للاحتلال وتعايشنا معه وبعنا أرضنا له مقابل أن نعيش الحياة الكريمة، هذا لن يحصل طالما بقيت أنفاس آخر طفل في قطاع غزة.

إذاً ما هو المطلوب في ظل تلك المتغيرات.. وقفة فصائلية لترميم جرح الماضي أم فتح آفاق الجوار أم إصلاح داخلي في أروقة السياسة الفلسطينية وتقسيم الكعكة الوطنية بما يتناسب مع كل الأذواق للخروج من مأزق الموت المحتم لمرافق الحياة في غزة؟!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد