الإرهاب وتشويه الإسلام.. معاناة مستمرة للمسلم المسافر

وهنا يقف الإنسان السوي بين سندان الظلم الداخلي ومطرقة الظلم الخارجي ليقف محتاراً في التعامل وطريقة التعامل معه، والخروج منه سالماً. شخصيًّا أؤمن بأن الحوار الهادف مع النخب في أي مكان ما دام العقل والحكمة موجودة تصل إلى حلول win-win ولو جزئية أو وقتية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/08 الساعة 04:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/08 الساعة 04:46 بتوقيت غرينتش

منذ اللحظة الأولى التي هبطت الطائرة إلى مطار برشلونة، وبحكم كوني زائراً سابقاً للمدينة، لاحظت الجاهزية العالية في أمن المطار.
طبعا هذه الجاهزية أعلى من المستوى المعهود سابقاً، وهذا يأتي ضمن الأمور التي يتوقعها الإنسان حالياً وعلى ضوء أحداث باريس الدامية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

ليكون السؤال: لماذا الإنسان المسلم هو المقصود بشكل أكبر وليس غيره في التفتيش الأمني؟ واقع الأمر أن كل إنسان سوي يهمه أمر الأمن والحفاظ عليه، إلا أن الإعلام المؤدلج وبأجنداته المختلفه يُسلط الضوء على الجرائم بعين واحدة ليخلق عدوًّا أو يُسوِّق لعدو متوقع، ولو على حساب الأمن الاجتماعي هذا من جهة..

ومن جهة أخرى السجل الحافل لبعض المدعين زوراً بانتماءهم إلى الإسلام والذين زيفوه وسوَّقوا أفكارهم العنيفة واللاإنسانية على أنها من الإسلام. وهنا عيون الشك والتوجس والخوف تطارد المسافر المسلم بكل أطيافه من الشرق الأوسط منذ دخول العربي المسلم إلى أي تجمع، وبالذات في الغرب إلى حين خروجه من المكان.. أي مكان؛ في الشارع والمطعم والسينما والمراكز التجارية والمقهى وكل مكان.

وزادت وتيرة ذلك الشك والريبة لكل حنطي اللون، شرق أوسطي، أو شمال إفريقي، لا سيما بعد أحداث باريس وكذلك أحداث ضواحي سان فرانسيسكو الأخيرة. وامتدت روح التوثب والعداوة بشكل ملحوظ -ولو جزئيًّا- عند كبار السن من ذوي الأصول الأوروبية ذوي البشرة البيضاء في الشمال الأميركي والشمال الأوروبي.

حتى أضحى بعض الفرنسيين اليمينيين فكراً يفكرون أن العرب المسلمين أهل غدر ونكث عهود والعياذ بالله. تخيل هذا البعض من الجيل الذي ارتكب المجازر في باريس هو الجيل الرابع من المهاجرين المسلمين المستوطنين في أوروبا ويحملون جنسيتها. وهذا ما يغدو ويروح الإعلام الموجه على تأكيده.

مع مضي الوقت ولكوني سائح تاقلمت مع النظرات الغير مرغوبا بها بتجنب الاتصال البصري المطول eye-contact ولكن ما يأسر الفؤاد ألماً هو المسلم المهاجر، سواء طلباً للعيش الكريم أو للتحصيل الدراسي أو هروباً من ظلم وقع عليه من أبناء بلاده أو جلدته.

استجمعت همتي لأسجل عدة ملاحظات، وهو الوجود الإسلامي في الغرب في ظل الصراع الديني إعلاميًّا.. وذكرتُ كلمة إعلاميًّا؛ لأن الراصد للإعلام سيجد بأن هناك تجيُّشاً وتحريضاً على كامل الطيف الإسلامي في قناه فوكس FOX news الإخبارية وأخواتها على سبيل المثال، وأقل منه حدة في قناة الـ CNN والـ BBC. طبعاً اؤمن بأن هناك تقييمات موضوعية للبعض.

لاحظت عدة أمور في أوروبا لاسيما إسبانيا، وهو الحضور بارز للمغاربة بكل أطيافهم من عرب وأمازيغ في برشلونة، وتجمعات للسكن لهم في شوارع معينة كشارع رملة الشهير. الحجاب الإسلامي مرصود كضاهرة في الحياة العامة الإسبانية ببعض المدن الأوروبية الكبرى. إلا أن كبيرات السن من المسلمات هن الملتزمات به أكثر.

في سان فرانسيسكو مثلاً -هذا وحسب ما رصدته شخصيًّا- أنه من ضمن الباعة الموظفين في محال تجارية كبرى Old Navy / Market Street / San Francisco محجبات.

إلا أن السائد الآن هو تواري الحجاب من على رؤوس بعض المسلمات لأسباب عدة قد يطول الوقوف بها هنا، إلا أن أهمها الشعور بالانتباذ، أو وجود الرغبة في الاندماج الكامل مع المجتمع الجديد أو قشرية التدين أو لضمان أكبر في الحصول على وظيفة.. أو..

وهنا سأقفز لأمر ذي علاقة نسبية، وهو السباق الانتخابي الحالي، واستجلاب الأصوات للمرشح الرئاسي في أميركا ولرئاسة الوزراء بإسبانيا

من يتابع تصريحات اليمين الأميركي المتطرف يلاحظ المطالبة بزيادة في التشنج أثناء التعامل مع المسلمين بكل أطيافهم وخطوطهم، وإن كانوا يرددون كلمة "متطرفين"، ولعل المتابع لتصريحات ترامب المرشح الرئاسي الأميركي سيجد من التصريحات ما يقلق بحق بالذات للمسلمين ولا سيما الطلاب والمستثمرين، فضلاً عن الأجيال الناشئة المسلمة داخل أميركا كالجيل الثاني والثالث.

وهنا يقف الإنسان السوي بين سندان الظلم الداخلي ومطرقة الظلم الخارجي ليقف محتاراً في التعامل وطريقة التعامل معه، والخروج منه سالماً. شخصيًّا أؤمن بأن الحوار الهادف مع النخب في أي مكان ما دام العقل والحكمة موجودة تصل إلى حلول win-win ولو جزئية أو وقتية.

والحقيقة هي أن تصاعد حالة الريبة من المسلمين في تصاعد على مستوى الشارع، ولكن العقلاء والفلاسفة الحقيقيون، ولعلكم تراقبون بعض ما سطره أهل الفكر المعاصرون من الفرنسيين، من إنصاف في المعالجة ودقة في التحليل الموضوعي في تناول ظاهرة التطرف ليحظوا بالاحترام وإحراز تواصل معهم والشد على أيديهم. وهناك نقاش فكري كبير يدور في تسطيرات واستخدامات كلمة الحرية والليبرالية والعدالة على مستوى النخب والأكاديميين على ضوء السلوك الأمني الشاذ للبعض والتعسفي في جزء منه، وكذلك الحرية الشخصية. نرجو مراجعة حلقة marijuana country الذي أذيع في الـ CNN في ديسمبر/كانون الأول 2015.

بالنسبة للتطرف الديني، لعل تقارير المخابرات الألمانية الأخيرة، تدل على تبني هذا المنحى الموضوعي برصد المساجد التي انطلق منها مرتكبو الحماقات وسفك الدماء وسوقت لأفكار إسقاط الآخر أو التحريض عليه والعمل على إغلاق تلك المساجد ومعاقبة المحرضين كما حدث بفرنسا وألمانيا.

كتابات هادئة ومهدِفة.. مثل السيدة مروة إلى السيد ترامب، المرشح الرئاسي لأميركا، أقول قد تجد صدى طيباً للجالية الإسلامية في ذاك الوطن ولو إعلاميًّا.

اتذكر في عام 2014 شهر أغسطس/آب، تم استضافة الـ bbc الناطقة بالإنجليزية لشاب مسلم تبنى بمفرده برنامجاً للتعريف بالإسلام، وكان يتجول بالدراجة البخارية بين بعض المدن الأوروبية، ويعقد جلسات تعريفية بالإسلام على أنه دين تسامح واحترام وحفظ حقوق.

بعد هذه الملاحظات.. أيقنت أن هناك هامشاً كبيراً يستطيع الإنسان أن يخدم مبادئه بالذات في مناطق الغرب. وعلية السلوك أهم شيء في إبلاغ ما تود أن تعكس عنك، وعن أيدلوجيتك، وقيمك، وانتمائك.

ومن جهة، هذا يذكرني بالمروي عن الإمام الصادق (ع): كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم.. الحديث. أي بسلوككم وصدق عملكم وأمانة عملكم وتطابق كلامكم بعملكم وحسن أخلاقكم.

اسأل الله كامل التوفيق في حلكم وترحالكم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد