لم يُخفِ مسلمو أميركا فرحتهم بانسحاب المرشح الجمهوري جيب بوش. انسحاب بوش جاء ردة فعل على تدني نسبة التصويت له داخل الحزب الجمهوري، الذي سبق أن صوّت لوالده وأخيه من قبل. إلا أن الآثار التي تركتها الحرب الأميركية على العراق دفعت الأميركيين لعقاب تلك العائلة، وذلك بعدم التصويت لجيب بوش.
إلا أن فرحة الجالية العربية والمسلمة لم تكمل مع تفوق المرشح الجمهوري دونالد ترامب صاحب التصريحات العدائية للمسلمين. ترامب وبعد الانتصار الذي حققه في ولاية ساوث كارولانيا، أعلن في خطاب النصر أنه سوف يقوم بقتل المسلمين برصاص منقوع بدم الخنازير.
فمن هو دونالد ترامب؟
دونالد ترامب ملياردير أميركي. اشتهر داخل الولايات المتحدة بعد تقديمه وتمويله لعدد من برامج الواقع. إلا أنه اكتسب شهرة كبيرة بسبب عدائه للرئيس أوباما. فكان من أوائل من زعموا أن الرئيس ولد خارج الولايات المتحدة، وهو ما يناقض الدستور الأميركي. وكان قد أعلنت عدة مرات عن حصوله على النسخة الأصلية من شهادة ميلاد أوباما، ليتضح بعد ذلك أنها ادِّعاءات كاذبة. ترامب أعلن عن ترشحه بشكل رسمي في شهر يونيو/حزيران الماضي.
لماذا يكره دونالد ترامب المسلمين؟
منذ إعلانه عن نيته للترشح هاجم ترامب المسلمين وتوعدهم أكثر من مرة، كما أنه هدد بقتلهم تارة وعدم السماح لهم بدخول الولايات المتحدة تارة أخرى. ترامب لم يخص المسلمين وحدهم بتلك الكراهية، وإنما هدد ببناء جدار يفصل الولايات المتحدة عن المكسيك، كما هدد بترحيل الملايين ممن دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية.
مشكلة ترامب الحقيقة ليست مع المسلمين أو الآتين من أمريكا اللاتينية، وإنما مع جميع الأقليات التي أصبح بعضها أغلبية داخل مدن الولايات المتحدة. عدا أن سياسة الحزب الجموري تقوم على الدفاع. نلاحظ مثلاً أن فترات الحكم الديمقراطي تتسم بالانتعاش الاقتصادي، والسبب في ذلك يعود إلى أن الحزب الديمقراطي يركز على ضخّ الأموال داخل السوق الأميركية، بينما يركز الحزب الجمهوري على صرف ميزانية للدفاع ومكافحة الإرهاب.
كما ترى فئة لا بأس بها من الأميركيين، أن الرئيس أوباما تساهل مع المتشددين الإسلاميين، ويرى ترامب الجمهوري في ذلك فرصة لكسب أصوات الديمقراطيين المعادين لسياسة أوباما الخارجية.
هل يمكن لدونالد ترامب أو أي رئيس آخر منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة أو حتى ترحليهم؟
لو قام معلم أميركي مثلاً بسؤال طلابه عن اسم الرئيس الأميركي الحالي أو نائبه، سنجد أن أكثر من الثلثين يجهلون ذلك. والسبب في ذلك يعود أن الشخص الجالس بالبيت الأبيض ليس بأهمية المكان. فالقرارت السياسية ليست مرتبطة بشخص الرئيس الذي يتغير كل أربع أو ثماني سنوات. فالرئيس ليس هو الحاكم، وإنما الدستور، والكونغرس إضافة إلى المحكمة العليا التي لها الحكم في القضايا التي يختلف عليها الرئيس مع الكونغرس.
اذا كان كل شيء مرتبط بالدستور، فهل يمكن تغييره؟
الدستور الأميركي يعتبر وثيقة حيَّة بمعنى أنه يمكن تغييره، ولكن لتغيير الدستور هناك شروط وصلاحيات لا يملكها الرئيس وحده.
لماذا يحظى ترامب بتصويت الأميركيين؟ أو بصيغة أخرى من يصوت لترامب؟
هذا السؤال يثير حيرة ومخاوف المراقبين الأميركيين. ويرى كثيرون أن سبب الشعبية التي يحظى بها ترامب تعود إلى أنه ينطق بما يفكر به مباشرة دون أي حسابات. كما أن ترامب يكرر في خطابته أن أميركا ستعود كما كانت أي للأميركيين وحدهم. ويرى البعض أن الفئة التي تدعم ترامب هي الفئات الأقل تعليماً، والتي تعاني مشاكل اقتصادية واجتماعية. ويلتقي هؤلاء مع ترامب بنقطة واحدة أن الأقليات والهجرة غير الشرعية، هي التي جعلت منهم أميركيين دون مستوى الحلم الأميركي.
ما هي حظوظ ترامب بالفوز؟
عند الحديث عن حظوظ ترامب بالانتخابات الرئاسية يكرر البعض الجملة الشهيرة "إن الأذكياء وحدهم من لم يتوقعوا فوز الرئيس رونالد ريغن". وكذلك الأمر مع ترامب، فمنذ إعلانه للانضمام للسباق الرئاسي لم يتوقع أحد وصوله إلى جولات التصفية النهائية داخل الحزب الجمهوري.
ويرى البعض أن الظهور المفاجئ له وغير المخطط والأفكار المختلفة التي يطرحها استقطبت عدداً كبيراً من المواطنين. كما أن ترامب شخصية جدلية جعلت الجميع يتابعه حتى ممن يكرهونه أو يعادونه. عدا عن حب الأميركيين للرئيس الذي يجيد الخطابة، وهي الميزة التي أوصلت أوباما للبيت الأبيض.
كيف يمكن أن يدعم ترامب القضية الفلسطينية ويكره المسلمين؟
في المناظرة الأخيرة وعلى خلاف بقيه المرشحين الجمهوريين، اتَّخذ ترامب موقفاً مغايراً من "إسرائيل" فقد تكاد تكون هذه المرة الأولى التي يتخذ فيها مرشح جمهوري هذا الموقف من "إسرائيل" والسبب في ذلك لا يعود لحب الرجل للفلسطينيين أو تضامنه مع القضية الفلسطينية أو حتى عدائه لإسرائيل، وإنما ليثبت أنه مختلف عن بقيه المرشحين، وأنه متحرر من سيطرة اللوبيات، وهذا يعود إلى سبب رئيسي، وهو عدم حاجته لملايين تلك اللوبيات، وهو بذلك يعلن تفرده.
هل يمكن أن تغيير أصوات المسلمين في أميركا من نتائج الانتخابات الأميركية؟
مشكلة المسلمين في أميركا -إضافة إلى أنهم أقلية ولا يشكلون سوى واحد بالمائة من المجتمع الأميركي- هي أن حالة الانقسام في وطنهم الأم تلقي بظلالها هنا في الولايات المتحدة. فالعرب منهم من هم مسلمون ومن هم غير مسلمين. كما أن المسلمين منهم عرب، ومنهم غير عرب. عدا أنه لا يوجد لوبي عربي أو مسلم يحظى بتأييد كل هؤلاء.
وفي النهاية، وفي ظل انشغال الجالية العربية والمسلمة بتصريحات ترامب العدائية. تطل من بعيد أصوات كروز وروبيو اللذان لا يُكنَّان أي محبة للمسلمين، وإن كانا لا يجاهران بذلك. فالخيارات المطروحة لا تصب بمصلحة المسلمين. كلها تتسم بالعدائية والكراهية. وهو ما يهدد مستقبل الأقليات جميعاً في حال فوز أي من مرشحي الحزب الجمهوري بكرسي الرئاسة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.