إن كنت تكرهين صوت زوجك أثناء مضغه الطعام وتزداد عصبيتك لمجرد رؤيته يتناول البطاطا المقرمشة، وتحرمين من التمتع بتناول الوجبات معه في المطاعم، فاعلمي أن المشكلة ليست في زوجك ولا طريقة تناوله الطعام، وأن المشكلة عندك أنت ولكن لا تقلقي فالعلاج ليس صعباً.
لماذا احتفل الزوجان جان وموراي نوبل بعيد الحب (الفالنتاين) في السينما ومن دون فشار أو بطاطا مقرمشة، بينما كل الأزواج يحتفلون بعشاء رومانسي؟
الجواب الذي رصده تقرير نشرته صحيفة دايلي ميل البريطانية، الأربعاء 24فبراير/شباط 2016، أكد أن الزوجة جان لا تطيق سماع مضغ الطعام في فم زوجها. بل إن ذلك الصوت بالفعل يدفع بها إلى الجنون!
ومع أن الزوج موراي (47 عاماً) يجيد آداب المائدة ولا يصدر أصواتاً حينما يلوك الطعام في فمه، إلا أن جان (48 عاماً) تعاني منذ 6 سنوات من حالة طبية تسمى "ميسوفونيا" أو داء كُره الأصوات، تجعل الشخص حساساً تجاه أصوات معينة تفقده تركيزه وتثير عصبيته.
حياة لا تطاق
وفي حالة جان فإن الصوت الذي يغيظها أكثر من غيره هو صوت مضغ زوجها الحبيب الطعام دون سواه من الأشخاص!
والأدهى أن الأمر لا يقتصر فقط على سماع صوت مضغ زوجها فعلياً بأذنها، بل حتى أن تخيله يثير أعصابها ويدفعها إلى صبّ جام غضبها عليه!
الصحيفة البريطانية نقلت عن جان قولها: "نشغل المذياع أو التلفاز عند جلوسنا إلى كل مائدة لتجنب خطر سماعي صوته، وإن سمعته يحمّر وجهي ويتسارع خفقان قلبي وأشعر برغبة عارمة في الانقضاض عليه. لم أضربه يوماً، لكن الغيظ الذي يعتمل بداخلي يدفعني بشدة كي أفعلها. إنه إحساس بشع!".
ويعاني أصحاب "الميسوفونيا" من حساسية تجاه عدة أصوات تشمل قائمتها أصوات التنفس ومضغ العلكة والكتابة على لوحة المفاتيح والأقلام وغيرها، إذ تتسبب هذه الأصوات لهم بالعصبية والقلق والضغط الزائد.
إيميلي وبادي
إيميلي يارانتون-غرين (28 عاماً) تعمل في مجال الرعاية الصحية، متزوجة من تقني الكهرباء بادي (26 عاماً)، وتعاني هي الأخرى منذ صباها من المشكلة ذاتها لكن تجاه كل الناس، حتى أنها تحدّق بزوجها بعينين يتطاير منهما الشرر على المائدة لدرجة تجعله يرمي طعامه في الحاوية.
وقالت إيميلي: "لا أطيق سماعه حين يتنفس ليلاً، أما ابتلاعه لريقه فيثير ثائرتي! يخيفني الأمر لأني أشعر بعدائية تجاهه كأني أود سفك دمه، رغم معرفتي أن الذنب ذنبي أنا، لا ذنبه".
وأما صوت البطاطا المقرمشة فقد كاد يدفعها في كثير من الأحيان إلى انتزاع الكيس من أيدي غرباء تصادفهم في الشارع، لكنها تكتفي بالنظر إليهم شزراً وتتخيل خطف الكيس وإلقائه أرضاً من ثم القفز بكامل ثقلها ووزنها عليه عدة مرات حتى تكسيره وتهشيمه عن بكرة أبيه.
سبب "الميسوفونيا"
بحسب "دايلي ميل"، ليس معروفاً حتى الآن سبب "الميسوفونيا" مثلما في حالتي جان وإيميلي، لكن الاتجاه العام في تفسيرها ليس نحو الصوت ذاته بل نحو السياق الذي تسبب في ربط الصوت بالعصبية والهياج.
الطبيب النفسي ديفيد هولمز قال إن المرض عبارة عن "رد فعل سمعي مفرط"، ويرجع إلى أن المريض ربط في يوم ما تلك الأصوات ربطاً سلبياً، وبالتالي يتكرر حدوث رد الفعل السلبي المفرط في كل مرة يسمع فيها الأصوات من جديد.
وأضاف هولمز: "في علم الأعصاب يتعلق هذا الأمر بطريقة معالجة الدماغ للصوت وتحليله، فعندما نسجل صوتاً ما في الدماغ، تستثار اللوزة المخية – وهي جزء قديم بدائي من الدماغ يُعنى بمعالجة مشاعر الخوف، وبالتالي إن سمعت صوتاً ما لأول مرة أثناء حالة خوف أو هرب، سيسجل لديك الصوت مرتبطاً برد الفعل الخائف ذاك".
وتعالج إشارات الأصوات عبر المهاد الذي هو جزء الدماغ المسؤول عن استشعار المعلومات الحسية، فيرسل رسائل إلى اللوزة المخية عبر طريقين: أولهما مباشرٌ يؤدي إلى توليد رد فعل شعوري فوري، مثل صوت زمور يشعرك بالخوف فتقفز مبتعداً عنه.
أما الطريق الآخر فعبر قشرة الفص الصدغي الإنسي، وهو جزء معقد وأكثر تطوراً في الدماغ مسؤول عن محاكمة الصوت والتأني في تفسيره.
وهنا ذكر د. هولمز أن من الواضح أن الطريق الأول هو الذي تسلكه الإشارات الصوتية لدى المصابين بالميسوفونيا.
بداية أزمة جان وإيميلي
جان اعترفت بأن الأمر بدأ بعد مولد طفلتهما الأولى حين جلست وزوجها إلى المائدة لأول مرة منذ ولادة الطفلة، وعندها لاحظت الأصوات الصادرة من فمه وظنته يستفزها عن قصد، وطفقت تسأله بحنق: "ما بك؟ لماذا تفعل هذا؟"، ويبدو أن أعصاب الأم المنهكة تلفت تماماً وتهيجت من وقتها، حتى أنهما ما عادا يذهبان إلا إلى المطاعم الصاخبة، بل وتطلب من زوجها التوقف عن المضغ في الفواصل بين الأغاني.
أما إيميلي فتفكر بالاستعانة بالمعالجة الإدراكية السلوكية CBT التي تتضمن إخضاع المرضى إلى السبب المثير لمشكلتهم مراراً ولفترات طويلة لدفعهم على محاكمتها بالمنطق واختيار رد الفعل.
وتنصح أخصائية الأصوات جاكلين شيلدريك مرضى "الميسوفونيا" بالتغطية على الأصوات المزعجة بوضع سماعات موسيقى في آذانهم، مثلاً إن كان الشخص موظفاً في مكتب ويكره أصوات النقر على لوحة المفاتيح، فارتداء السماعات يحول دونه وسماع تلك الأصوات المستفزة، لكنها مع ذلك توصي بالعلاج السلوكي لأن المفروض معالجة رد الفعل الأساسي من جذره وتعديل الفرط فيه.
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة DailyMail البريطانية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.