سوريا أرض موت.. الإنسانية!

سلاماً يا أرض البطولة والرجال، سلاماً من السماء يا أرض الشهداء، سلاماً لأرض أغرقتها الدماء، سلاماً لمن ماتوا قصفاً وجوعاً وبرداً، سلاماً لمن ماتوا قهراً وخذلاناً ومات العالم جبناً وذلاً. سوريا.. جفت الأقلام يا معذبتي، يا أرض الياسمين المنسية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/25 الساعة 04:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/25 الساعة 04:43 بتوقيت غرينتش

من كثرة تأقلمنا مع الواقع العربي الدموي، أصبحنا نتابع بكثير من اللامبالاة. نشاهد المجازر اليومية والجثث المدفونة تحت ركام المنازل نسمع صراخ الأطفال وعويل النساء دون أن نذرف الدموع، دون أن نغطي عيون أطفالنا كما كان يفعل أهلنا عندما كنّا صغاراً عند مرور مشاهد الرعب.

لا نستطيع أن نغمض عيونهم خمس سنوات، بتنا نشاهد المجازر اليومية والمقابر العربية كما نشاهد فلماً، نذرف دموعاً كاذبة كتلك التي نذرفها في قاعات السينما.

صحيح ثمة أيام يستيقظ فيها الوجدان العربي وتصحو القلوب النائمة من سباتها، ونسمع صرير الأقلام الثائرة، لكنها تصطدم بالواقع الأكثر مرارة وقبحاً فتعود للنوم مجدداً. تعود للشخير، أعرف أنكم سئمتم المقالات الإنشائية والخطب الشاعرية، حول ما يجري منذ خمسة أعوام في سوريا.

أعرف أنكم تعبتم من النواح وبحت حناجركم، نعم تعبتم وأرهقتكم المآتم السياسية.

أعرف أنني لم آتيكم بشيء جديد وأنكم كتبتم وعبرتم عن أسفكم وندبت وشجبتم مقتل القضية السورية كما فعلتم من قبل مع القضية الفلسطينية، والعراقية والعربية.

أعرف أن مجلس الأمن تعب من كثرة الشجب والقلق فنام نومة طويلة، والجامعة العربية انتحرت على أبواب دمشق القديمة، أما سيوف العرب فدفنت كلها في حلب.

أعرف أن ما سأقوله اليوم قد قيل كثيراً، وأعرف أنكم اعتدتم آلة القتل النصيرية.. الإيرانية.. الروسية.
لم يعد هدير الطائرات يرعبكم ولا مقتل الآلاف يقلق نومكم، فجراح سوريا لم تعد تؤلمكم، بعدما بات الموت ببراميل بشار أكثر رحمة من طائرات بوتين.

آه سوريا.. بقعة الرعب والموت التي جمعت كل شياطين الأرض على ترابها.
سوريا.. من حكم الأب الدكتاتور إلى حكم أرعن معتوه مجنون.
استباحوا أرضها وشعبها لم تكتفِ هذه العائلة بما صنعت بالسوريين على مدى عقود من موت وتهجير وتنكيل، لم يكفِهم تحويل سوريا إلى مزرعة يملكها آل الأسد. بل جلبوا كل لاقط ساقط حاقداً ليشارك بالمذبحة السورية.

سوريا …سوريا…سوريا

سلاماً يا أرض البطولة والرجال، سلاماً من السماء يا أرض الشهداء، سلاماً لأرض أغرقتها الدماء، سلاماً لمن ماتوا قصفاً وجوعاً وبرداً، سلاماً لمن ماتوا قهراً وخذلاناً ومات العالم جبناً وذلاً.
سوريا.. جفت الأقلام يا معذبتي، يا أرض الياسمين المنسية.
سوريا.. يا عروس الشرق المستباحة، يا عروس العروبة المنتهكة.
سوريا يا تراب الشرق المقدس.

لماذا تآمر الكون على أرض الياسمين؟

أهو طهر ترابك؟ أم لأنك عذراء الشرق وبوابته؟ أم لأن حاكمك من سلالة الخنازير؟ أم لأجل عيون جارتك؟ لماذا؟ لماذا يا حبيبتي لم يرتوِ هذا العالم من دمائك؟

أريد إجابة من الخائن والعميل والمحتل والجبان، أريد إجابة من الصامت ومن ترعرع على ترابك.
لماذا يستباح التاريخ على ترابك؟ يا عاصمة الشرق وتراثة يا سيدة العواصم وأم المآذن، الكون كله متآمر عليك.
لكن ما يحيرني ما سر هذا العشق العالمي لمجرم سفاح قتل نصف مليون وشرد أكثر من نصف سكانك، اثنا عشر مليون مشرد يضربون الأرض يبحثون عن ملاذ آمن.
صمت عالمي مريب وتخاذل أممي عجيب لمأساتك يا لؤلؤة الشرق.
لماذا هذا الصمت لما يفعل هولاكو بأرض الشام؟
لم يكتفِ ابن الملعون بافتراس كل كائن على قطعة القلب المنسية. لم يكتف بما دمر وحرق بل استنجد بالكون كله ليدنس ترابك.

لماذا تصفق دول عربية كبيرة لهذا الأرعن؟ ولماذا تصمت دول الجنرالات والعسكر؟
نعلم أن العالم كله شريك بتحويلك يا قديستي إلى مستنقع طائفي قذر.
لكن المؤلم، الموجع، ليس هذه الحشود الإيرانية المجوسية التي دنست طهر ترابك، ولا هذه الطائرات الروسية الحاقدة التي انتهكت سماءك ولا هؤلاء المرتزقة المستأجرين، ولا حتى أولئك القادمين من كل أسقاع الأرض لأجل الموت انتحاراً على أرضك.

الموجع حقاً هذه اللامبالاة العربية، هذا الجبن وهذا التخاذل المؤلم. المؤلم صراخ السوريين على مدى أعوام صمتكم يقتلنا.

القصة أكبر من دكتاتور معتوه ورث حكم الجمهورية.
القضية أن الجميع يدعي أن هذه الأرض ملك له بصك من الحاكم، الكل شركاء باستثناء أصحاب القضية. القضية أننا أضعنا القضية وأضعنا سوريا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد