ذكرى 17 فبراير تُجدد للثورة الليبيةِ مناعتَها

تطلُ الذكرى الخامسةُ للثورة على الليبيينَ وهُم عاكفُون على دراسة التجربَة وتحليلِ أطوارهَا معرضينَ بذلكَ عن أصوات المشعوذِين من السياسيينَ مصممينَ على الإنطلاقِ نحوَ فضاء الحرية السياسية ومواجةِ كلِ مُحاولات الانقلاب عَليها لإيرادهِم العيش خارج أكنَاف العسكر.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/17 الساعة 02:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/17 الساعة 02:51 بتوقيت غرينتش

بعد خمس سنوات مَضت على الثورة، ترزحُ ليبيا تَحت وطأة الانقسام والاقتتَال وانعدام الاستقرار السياسي، بسبب النزاعات المسلحة بين التشكيلات والكتائب العسكرية المختلفة. مع هذا الوضع تحولت ليبيا إلى مجرد ساحة للنزاعات المحلية والإقليمية مما سهل للتنظيمات الإرهابيةِ عملية اختراقها .
وفتح ذلك الباب لتعقيدٍ جديد في المشهد الجاري على أرض ليبيا وأدخلَها ضمن جغرافيا الحرب التي يقودها الغرب على ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية .
قبل خمس سنوات كان الشباب هم محرك الثورة ووقُودها، تحرك لم يحتمله النظام فواجهه مباشرة بالقمعِ . وكانت تلك اللحظاتُ بدايةً لمسارٍ دموي استمر لتسعَة أشهر تقريبًا، وانتهَى بمقتلِ العقيد معمر القذافي وإعلانِ المَجلس الوطَني الانتقالي .
حيثُ تُعتبر ثورة فبرايِر أكبرَ إنجازٍ في التاريخ السياسِي الليبيِ الحدِيث مُنذ فجر الإسلاَم في ليبيا حتى 17 فبرِاير 2011، تمكَن صفوةٌ من الشباب بتحرُكاتهُم العفويةِ من إسقاط أكبَر طاغية في تاريخ بلادِهم ، وأيا ما حدث من أخطاءٍ فالحقٌ الطبيعي لأهلِ البلدِ أن يُصلحوهُا ليس بالكُفر بثورة فبراير والنكوصِ عليها، فلكل ثورة حُداتُها الذين يستحثونَها، وأدلَّاؤها الذين يُرشدونها في طريقها المليء بالأشواك والعقبَات بالإنكبَاب على الأخطاء بُغية تقويمها وإصلاحهَا وهذَا هو المسارُ الطبيعيُ للإصلاحِ، فالديمقراطيات الناشئة في مختلف بلدانِ الربيعِ العربي لم تنضج بشكل كامل منذ الوهلةِ الأولى .
ويرى المتابعُون للشأن الليبيِ أن علَى الثوارِ والمُصلحِين أن يرفعُوا رؤوسهم شموخًا وشمما وأنفةً بعد أن تتحررُوا من عيش العبيد، وهِي مناسبةٌ ليتحملُوا مسؤُوليات أخطاء المرحلة المنقضيةِ عبرَ التمسك بالديمقراطية كخيارٍ إستراتيجيٍ لا بديل عنهُ، والتصميمُ على تفعيلِها والدفع بعجلتِها لتُستكمَل التجربة وتنتجَ أكلها كل حينٍ .

تطلُ الذكرى الخامسةُ للثورة على الليبيينَ وهُم عاكفُون على دراسة التجربَة وتحليلِ أطوارهَا معرضينَ بذلكَ عن أصوات المشعوذِين من السياسيينَ مصممينَ على الإنطلاقِ نحوَ فضاء الحرية السياسية ومواجةِ كلِ مُحاولات الانقلاب عَليها لإيرادهِم العيش خارج أكنَاف العسكر.
وتمر هذه الذكرى، بعد أن حقق الليبيون خلال الأعوام الماضِية جزءًا من أمانيهِم في الوُصول ببلادهم إلى دولة مبنيةٍ على مُؤسسات تُحترَم فيهَا سيادة القانُون ، وحرية الرأي ، وآدمية الإنسان .

حيث تمكنُوا بفضل تظافر جهودِهم من بناء مؤسسات المُجتمع المدني التي ساهمت بشكل كبِير في رسم ملامح النظام الديمقراطي الذي ارتضاه الليبيون بعد ثورِتهم ، وذلِك بمبادرَات مؤيدةٍ ، وأخرى رافضة لبعض قرارَات المُؤتمر الوطنِي العام والبرلمان المنعقد بطرق، وشاركت هذه المؤسسات في توعيَة المُواطن بأهمية التوافُق الوطنيِ وأفقُه الرحبةِ في المرحلةش المقبلةِ.

إذَن تتزامن هذه الذكرى مع التوقيعِ على حكومةِ التوافقِ الوطني التي تستعدُ لمزاولَة أشغالهَا و فتحِ الملفات الحارقةِ التي تنتظِرُها في لحظةٍ ينتظر فيها العالمُ بريقَ أملٍ يجددُ ثقتهم في الشعبِ الليبي وقدرته على حمايةِ ثورتهِ من براثِن الإرهاب والفقرِ والإستبدَاد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد