سبق لجامعة الملك عبدالعزيز أن استضافت في عام 1999م الرئيس الإيراني محمد خاتمي، حيث كان في زيارة رسمية للمملكة آنذاك، وألقى في الجامعة كلمة حضرها عددٌ كبيرٌ من أعضاء هيئة التدريس، وكنتُ أحد الحاضرين. وكالعادة بعد أن مارس فخامته فن "التقية" على أصولها في حديثه عن الوحدة الإسلامية والأخطار المحدقة بالخليج، وقف مجموعة كبيرة من الأساتذة يصفّقون له بحرارة منقطعة النظير، وحينها صفّقتُ معهم مجاملةً وملاطفة!
اليوم في ظل الهجمة الشرسة التي تتزعمها وتقودها الحكومة الإيرانية ضد المملكة في عددٍ من المحافل الدولية ولا سيما من سياسيين وأكاديميين بارزين، دعوني أتساءل وبكلِّ تجردٍ وشفافية.. أليس من الضروري والضروري جداً على الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الاضطلاع بدورها والمساهمة الفعلية بما يتوافق مع سياسة المملكة الخارجية ويدعم توجهاتها بشكل عام؟! متى يتم جذب الرأي الأكاديمي المحلي على مختلف آرائه وتوجهاته وجعله منصهراً في قضايا وطنه الحساسة ومنسجماً مع رؤية وتوجهات قياداته!
أتمنى لو يتم الإيعاز لإدارات الجامعات وعلى الأخص جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود نحو تنظيم ندوات أو سلسلة من المحاضرات الموجهة ودعوة نخب سياسية دولية وإيرانية معارضة أو أحوازية (بالتنسيق مع وزارة الخارجية) للحديث عن قضايا الداخل الإيراني وقضية الأحواز العربية التي باتت همًّا يؤرق حكومة طهران ويسبب لها قلقاً جراء انتهاكاتها لحقوق الإنسان هناك، وطبعاً لا بد أن يرافق ذلك حملة إعلامية في الأوساط الأكاديمية الداخلية والخارجية، ودعوة المثقفين العرب ورجال الصحافة والإعلام للمشاركة والحضور.
في اعتقادي أن الحديث للنخب الأكاديمية ومناقشتها في موضوعات مهمة من خلال مثل هذه الندوات والمحاضرات -إن حدثت- سيخلق جوًّا فعالاً ومؤثراً على المستوى المحلي، وفي الوقت ذاته سيكون مقلقاً ومربكاً لإيران وغيرها، وستكون رافداً داعماً للسياسة الخارجية ومادة إعلامية للإعلام المحلي والإقليمي.
فدور الجامعات كما تعلمون أكبر بكثير من مجرد التدريس أوالبحث العلمي أو حتى خدمة المجتمع..
أتمنى أن أدخل من بوابة الجامعة يوماً، وأقرأ لافتةً وقد كُتب عليها إعلانٌ لندوة ما تناقش حدثاً يخدم القضايا الوطنية الخارجية، أريد أن أصفّق (ولو من عند البوابة) بقوة وبحرارة إعجاباً وتقديراً لا مجاملةً أوملاطفة!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.