العمل الجماعي من أجل عالم أكثر أمنًا

لا يقتصر التقدم الفعلي في التنمية البشرية على إعطاء الناس حرية الاختيار وفرص التعليم والرعاية الصحية وحياة لائقة والشعور بالأمان، بل هو أيضاً لضمان أن هذه الإنجازات مستدامة وأن الظروف مجتمعة كافية لدعم التنمية البشرية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/09 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/09 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش

يشهد العالم اليوم ضجة معممة من انعدام الأمن بشأن الصراعات والأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية وتغير المناخ. فتوجد الكثير من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الشائكة المسكوت عنها والتي تحتاج إلى إعادة نظر من قبل المختصين والمعنيين بهذا الأمر. وتعد إمكانية الحصول على فرص الشغل من أهم القضايا التي تواجه العالم حاليًّا ويعتبر في عصرنا الحالي موضوعاً أساسياً لما له من ارتباط مباشر وغير مباشر بالإنتاجية والتنمية البشرية. فإذا قابلنا فقراء العالم وسألناهم عن أهم شيء في حياتهم، فبلا شك سيجيبون بأن الأمن شبه منعدم أو منعدم تمامًا إن صح التعبير. فالأمر هنا يتعلق بالانخفاض الكبير في مستويات المعيشة مما يثير قلقًا خصوصاً عندما يطول أمده.

نلاحظ من بين العوامل الأساسية والرئيسية التي تؤدي إلى انعدام الأمن هو عدم الاستقرار وبالتالي الزيادة في وثيرة التقلبات الكبيرة في الاقتصاد؛ لأن المجتمعات غير المتساوية ليست ظالمة فقط، ولكنها لا يمكن أن تضمن الاستقرار الاجتماعي والسياسي على المدى الطويل كذلك، مما يشكل عائقًا في النمو الاقتصادي والتنمية البشرية.

فمن هنا فيجب علينا إعادة النظر في شأن انعدام المساواة ليس فقط باعتباره مشكلة اجتماعية، ولكن مشكلة اقتصادية مهمة وأساسية حيث عدم المساواة يعني أن الغالبية العظمى من سكان العالم هم في حالة فقر أو تحت عتبة خط الفقر، وبالتالي هذه الفئة الفقيرة من المجتمع لديها قدرة محدودة جداً للتعامل مع الأزمات والصدمات. علاوة على ذلك، عدم المساواة الشديدة يؤدي حتماً إلى أزمة سياسية عميقة وهو ما يعني أن الحكومات هي أقل احتمالًا لتوفير أنظمة الحماية الاجتماعية لتحمي أولئك الذين هم في أسفل السلم.

بالإضافة إلى هذه العوامل فالصراعات والإحساس بانعدام الأمن الشخصي لهما تأثير سلبي وجانبي على التنمية البشرية، مما يدفع ملايين البشر إلى العيش في ظروف غامضة و غير مستقرة ويعانون منها بخطوات مختلفة وبدرجات متفاوتة وتتبلور هذه الخطوات في مرحلة الطفولة المبكرة الحساسة بشكل خاص والانتقال من الشباب إلى مرحلة الرشد والبلوغ إلى مرحلة الشيخوخة ومن المحتمل جدًّا أن تؤدي هذه العوامل إلى صراعات عنيفة قد تجعل الشعب أكثر عرضة إلى الدعوات والأعمال الإرهابية. فالتدخلات في الوقت المناسب أمر ضروري، لأنه إذا لم يتم دعمه في الوقت المناسب فإن المهمة ستكون أكثر صعوبة في وقت لاحق.

لهذا يجب تنفيد إستراتيجة التنمية المستدامة التي تتجلى في التالي:

أولا: تحديد الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لتأمين العدالة والنمو والاستقرار الاقتصادى وإيجاد آليات للتنفيذ الفعال.
ثانياً: إعطاء العمل قيمة حقيقية وفعالة واعتباره محفزاً للتطور للمضي قدماً نحو مزيد من المساواة ومزيد من الديمقراطية وتوزيع مختلف ثروات البلدان بعدل؛ لأن العمل اللائق يعزز الاستقرار والتماسك الاجتماعي ويقوي بدوره قدرة الناس على مواجهة المحن والأزمات.
ثالثاً: تحسين التفاعل بين التنمية الاقتصادية والسياسية والتركيز على السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بدورها بتحسين العيش والسياسات الاقتصادية التي تؤدي إلى التقدم الاجتماعي في الوقت ذاته.

أخيراً وليس آخِراً، لا يقتصر التقدم الفعلي في التنمية البشرية على إعطاء الناس حرية الاختيار وفرص التعليم والرعاية الصحية وحياة لائقة والشعور بالأمان، بل هو أيضاً لضمان أن هذه الإنجازات مستدامة وأن الظروف مجتمعة كافية لدعم التنمية البشرية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد