تجربتي داخل أروقة أكبر قمة للمناخ بباريس

اليوم الأول في هذه القمة كان حافلاً جداً وكانت أروقة القمة تعج بالمحاضرات واللقاءات الثنائية بين رؤساء الدول والحكومات، وكان الصحفيون يجرون من نقطة إلى نقطة أخرى لالتقاط الصور والفيديوهات للشخصيات المهمة والمرموقة، وكنا نمر بجانب رؤساء ووزراء لا نعرفهم خاصة رؤساء الدول الصغيرة، فلا شك أن ذلك اليوم كان يوماً استثنائياً، إذ لم نكن نشعر بالفرق بين الرؤساء وباقي الحاضرين، كانوا سواسية في تلك المنطقة الضيقة، حيث كانت الأمم المتحدة حازمة في تطبيق القوانين الدولية وبروتوكولها من أجل حفظ الأمن.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/16 الساعة 05:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/16 الساعة 05:05 بتوقيت غرينتش

سعدت بالمشاركة كمرافق ومساعد لإحدى البعثات الدبلوماسية في أكبر قمة للمناخ بباريس التي افتتحت أعمالها يوم 30 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (2015)، ولم يخطر ببالي إطلاقاً أنني سأعيش هذا الحدث وسأحضر قمة يحضرها مئة رئيس دولة وحكومة، والأكثر إثارة في الأمر هو مشاهدة هؤلاء الشخصيات على بعد أمتار منا، بل والبعض منهم تبادلنا معهم بعض الكلمات والتقطنا معهم صوراً تذكارية.

فلأول مرة في تاريخ قمم المناخ للأمم المتحدة، وبعد طلب من الرئاسة الفرنسية، تم إدراج اسم أكثر من مئة وخمسين طالب ماجستير تم اختيارهم بعد عدة تحقيقات إدارية. إضافة إلى هؤلاء، تم اختيار مئة وخمسين موظفاً في الوزارة الخارجية ومئة موظف في وزارة البيئة للمشاركة في هذه القمة ليكون دورهم مرافقة ومساعدة البعثات الدبلوماسية، وليلعبوا دوراً مهما لإنجاح القمة، إذ من مهامهم الترحيب برؤساء الدول والحكومات وتنظيم لقاءات ثنائية بين المبعوثين وتنظيم حوارات صحفية بين الإعلاميين والدبلوماسيين والتواصل مع لجنة برتوكول الأمم المتحدة وكذلك رجال الأمن، حيث إن المكان الذي تنعقد فيه القمة أصبح منطقة دولية يُطبق فيه فقط القانون الدولي، وهو تحت إشراف الأمم المتحدة، وتسند مهام أخرى لهؤلاء المرافقين، إذ تختلف الحاجيات والأجندة من بعثة إلى أخرى.

ولا شك أننا ننصح الدول المنظمة لقمم المناخ القادمة بالحفاظ على هذا المكسب وإدماج الطلبة في قمم المناخ كما هو الحال في قمة باريس لكونه تجربة فريدة من نوعها تجعل الطالب يكتشف عالم المفاوضات والبروتوكولات ويقترب أكثر من مراكز القرار ويعيش الأحداث عن كثب.

خلال القمة، حضرت عدة محاضرات حول التغيرات المناخية التي يعيشها العالم، ولا سيما بعض المناطق منه كالجزر والدول المطلة على البحار والمحيطات مثل كندا وإندونيسيا. إضافة إلى ذلك حضرت بعض جلسات المفاوضات وشاهدت عن قرب كيف تتم هذه الأخيرة. كما زرت عدداً من أجنحة الدول المشاركة كجناح دول الخليج والاتحاد الأوربي والهند والولايات المتحدة الأميركية وتركيا وألمانيا والصين وإندونيسيا وكوريا الجنوبية والبرازيل وكذلك جناح المملكة المغربية الذي كان رائداً ودائم النشاط لكون المغرب منظم القمة المقبلة للمناخ ومستضيفها بمدينة مراكش. والتقيت بجناح المغرب بعض الدبلوماسيين والمبعوثين ووزراء المملكة كوزير الفلاحة ووزير الطاقة والمعادن ووزير الخارجية ووزيرة البيئة ووزير الإسكان الذين كان حضورهم جوهريًّا حيث قدموا النموذج المغربي وسياسة المملكة المتعلقة بالبيئة والمناخ كاحتضانها لأكبر محطة للطاقة الشمسية بالعالم. إضافة إلى كل هذا، التقيت الرئيس التركي بعد خروجه من لقاء ثنائي مع المستشارة الألمانية ميركل. وكان منفتحاً جداً وكان سعيداً بالحديث معنا كما حضرت محاضرة تتناول موضوع الاحتباس الحراري والتي شارك فيها الرئيس الفرنسي وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون والوزير الأول الهندي ووزير الخارجية الفرنسي، فضلا عن وزير خارجية الولايات المتحدة والمستشارة الألمانية ورئيس الحكومة الكندي ورئيسة التشيلي ورئيس المكسيك. كانت أول مرة أرى فيها هؤلاء الشخصيات مجموعين في قاعة واحدة.

عينت وزارة الخارجية الفرنسية كل طالب مع بعثة دبلوماسية وكانت من نصيبي البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية التي رافقتها مع إحدى موظفات وزارة الخارجية، ولا شك أنها تجربة فريدة من نوعها، إذ اطلعت فيها على كواليس عالم المفاوضات والدبلوماسية بشكل عام، وعن بعد على بعض جوانب الدبلوماسية الإسرائيلية.

اليوم الأول في هذه القمة كان حافلاً جداً وكانت أروقة القمة تعج بالمحاضرات واللقاءات الثنائية بين رؤساء الدول والحكومات، وكان الصحفيون يجرون من نقطة إلى نقطة أخرى لالتقاط الصور والفيديوهات للشخصيات المهمة والمرموقة، وكنا نمر بجانب رؤساء ووزراء لا نعرفهم خاصة رؤساء الدول الصغيرة، فلا شك أن ذلك اليوم كان يوماً استثنائياً، إذ لم نكن نشعر بالفرق بين الرؤساء وباقي الحاضرين، كانوا سواسية في تلك المنطقة الضيقة، حيث كانت الأمم المتحدة حازمة في تطبيق القوانين الدولية وبروتوكولها من أجل حفظ الأمن.

في الأيام الأخرى وطيلة القمة، كانت هنالك احتجاجات من قبل بعض المنظمات غير الحكومية، والتي كانت تطالب الدول المشاركة بالتوصل إلى معاهدة عالمية تهدف إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بمعدل درجة ونصف مئوية، وكانت طبيعة الاحتجاجات سلمية وهادئة جداً يسودها روح التفاؤل بقرار تاريخي يُتخذ خلال هذه القمة.

يمتد موقع المؤتمر على مساحة 18 هكتاراً في حديقة المعارض التي تُدعى لوبورجي بضاحية باريس. وينقسم إلى ثلاثة قطاعات: مركز المؤتمر بحد ذاته والذي تجري فيه اللقاءات والمفاوضات والمحاضرات المهمة، وهو تحت إشراف الأمم المتحدة ومخصص للأشخاص المعتمدين، ثم مركز "أجيال المناخ" المفتوح أمام العامة والمجتمع المدني، والذي توجد فيه المنظمات والجمعيات غير الحكومية ويشمل أيضا قاعات للمحاضرات، وهناك نجد كذلك كثيرا من الأفكار الجديدة المتعلقة بالبيئة وبالطاقات المتجددة كالثلاجة الطبيعية والفرن الشمسي وزارعة عدة نباتات في كيس واحد وكذلك نمو الفطريات في كيس ممتلئ ببقايا القهوة. وهذا المركز يمكن أن يستقبل عشرة آلاف شخص، أما المعرض الثالث هو عبارة عن قاعة عرض للشركات تعرض فيه اختراعاتها الأخيرة في مجال البيئة والطاقات المتجددة .

كانت هذه تجربتي في أكبر قمة للمناخ في تاريخ الأمم المتحدة بباريس.
وأضرب لكم موعداً قريبا للحديث عن مهرجان المختار الدولي للأفلام القصيرة والذي ستنعقد دورته الثالثة بباريس في شهر يناير القادم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد