هل تمكن الإسلام السياسي خلال العقد الأول من القرن الـ21 من أن يوظف الإمكانات المتاحة للبدائل الاجتماعية والسياسية في بلورة رؤية متجددة لتطور الفكر السياسي والاجتماعي في مواجهة تحديات العولمة، والديمقراطية، وحقوق الانسان؟ ولم تكن ثورات الربيع العربي بمنأى عن تلك الرؤية التي حددت الفكر الملائم، وجعلت من الإعلام أداة جدلية حول ماهية القدرات (الأداتية – البنائية) التي تتلاءم وموجهات تلك الثورات وفقا لقواعد اللعبة السياسية الجديدة.. التي جعلت من سياق العلاقات الدولية أشبه ما تكون بأحجار البلياردو في نسق تقليدي لعلاقات التأثير والتأثر، ويمكن من خلالها إيضاح الفلسفة السياسية الملائمة لما بعد ثورات الربيع العربي في ظل محرك داخلي للجهود المبذولة لمواجهة القوى المؤيدة أو المعارضة أو تلك التي قد تلعب دورا توظيفيا في التحولات المصاحبة لثلاثة من مجالات التجربة الإنسانية وهي: نظام الحكم، والاقتصاد، والثقافة.. التي تنبئ عن أهمية مراجعة الأطر المجتمعية من أجل البحث في الإشكاليات التي قد تجعل من مجالات تحولات السلطة من منظور جغرافي لا تتلاءم والتطور التاريخي المعولم.
ومن تلك التحديات ذات الصلة بتلك المجالات "تحديات العولمة البيئية"، ونتائجها التي أثرت بشكل متزايد في السياسة التقليدية والحياة الأكاديمية ووسائط الإعلام التي أعادت إنتاج الحركة البيئية التي ساهمت في انتشارها الواسع حول العالم، وفي الخيال الشعبي منذ الرحلة الأولى إلى القمر في العام 1969م .
لذلك كان – في المرحلة الراهنة – من الأهمية بمكان دراسة آثار العولمة على البيئة باعتبارها جزءاً من تفسير الانحلال البيئي والمشكلات البيئية وعلاقتها بمجالات نظام الحكم والاقتصاد والثقافة التي يمكن من خلالها تقديم نماذج لتعزيز النقاش حول العلاقة بين التغيير الديموغرافي والقضايا البيئية.
وهكذا أصبح الاهتمام بالبيئة معولما، ويتطلب البحث في الاستدامة فعلا بمقياس عالمي، ومحاولات تعديل النظام من الأعلى والأسفل.
كل ذلك نتاج العلاقة بين البيئة والإنسان، وكيف أن نتائج التغيير تُتوسط وتُوزع (أي في مصلحة من تستعمل البيئة، ومن يتحمل تكاليف التغيير).
فالجغرافيا البشرية ذات صلة وثيقة بمجالات نظام الحكم والاقتصاد والثقافة، إذ تعتبر موطناً طبيعياً لدراسة التفاعل بين الأنظمة البيئية والمجتمعية، مما جعل هذا الحقل المعرفي مفيداً بشكل خاص في إيضاح العلاقة بين المحلي والعالمي ضمن أفكار "علم البيئة السياسي" التي تتضح منها أنماط القوة من منظور احتمالي من خلال الدراسات التطبيقية للتأثيرات الإنسانية، والعمل على سياسة التغيير البيئي، وفي الآونة الأخيرة الجغرافيات النقدية فيما يخص الحدود بين البناء الاجتماعي للنشاط "الطبيعي" و"الإنساني".
وأدت هذه العوامل كلها إلى تزايد غير مسبوق تاريخيا في سرعة واتساع وكثافة التأثير الإنساني على البيئة. كثيرة تلك المشاكل التي بقيت بارزة اليوم، بما في ذلك استنزاف الأوزون والاحتباس الحراري وإزالة الأحراج والتصحر والتلوث الهوائي والبحري وتدهور التنوع البيولوجي والنفايات النووية بدأت في هذه الفترة.
ومجمل تلك المشكلات كان لها صدى واسع في قمة المناخ التي عقدت بالعاصمة الفرنسية باريس 2015م، وكأنها تؤسس لمرحلة ليبرالية جديدة لموجة ما بعد الاستعمار، والتي كان لها أثر في تضخيم تلك المشكلات المذكرة سابقا، من خلال التحول إلى اقتصاد السوق الحرة وانخفاض تنظيم الدولة والانتشار السريع لنماذج من التنمية صناعية / حضرية /استهلاكية غربية إلى الدول الفقيرة، وأدى إصلاح التجارة الحرة تحت منظمة التجارة العالمية مثلا، إلى تفكيك القوانين البيئية تحت قواعد تجارية "غير عادلة" في بعض الحالات التي يقابله الانحلال العالمي النظامي.. ارتفاع درجات الحرارة العالمي والعولمة مما أثار جدالا علميا وسياسيا كبيرا حول قضية المناخ ..وتحديات العولمة البيئية التي تتطلب استراتيجيات بديلة لسبل العيش في المناطق المتأثرة ومنها مشروعات الطاقة المتجددة والإصلاحات الهيكلية للقطاعات المسئولة عنها في إطار شراكة بين القطاع العام والخاص والجهات المعنية من حوكمة القطاعات المناط بها تبني مثل تلك المشروعات..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.