قُتل حفيظ الله أمين وقُتل قبله نور محمد تراكي وقُتل قبل التراكي محمد داوود خان. المشترك بين هؤلاء الثلاثة هي الديكتاتورية والإخلاص للدولة السوفييتية والتسلّط على رقاب الشعوب، فلا عرف التاريخ نهايات لمثل هؤلاء إلا بالقتل.
حدث ذلك في أفغانستان بعد أن استدعي السوفييت من قبل الحكومة الأفغانية لابتلاع وهضم أفغانسان كما ظننا. فكانت انتفاضة الشعب الأفغاني المسبب الرئيسي بانهيار الدولة السوفييتية بعد مرور سنتين من حربها على أفغانستان بل وتحرر شعوب وقوميات مختلفة من قبضة هذه الإمبراطورية. حدث ذلك تماماً كما يحدث بسوريا حيث استدعيت الحكومة (الشرعية) السورية روسيا للتدخل فوق أراضيها.
مخطئ من يظن أن التدخل الروسي اليوم جاء لنجدة من يسمى بالأسد ومن يقف وراءه في طهران، فعلى أرض الواقع لا وجود لنظام وحكم الاسد. بل المسير للأمور اليوم في النظام السوري هو النظام الايراني.
والمسألة في الواقع تعتمد على مصالح استراتيجية وجغرافية في المنطقة بين الغرب وبوتين. تاريخ الدولة الروسية وتجاربها لا يحوي أية مصطلحات تتعلق بالإخلاص والوفاء لأصدقائها وحلفائها تماماً كما فعلت مع نظام صدام حسين في كشف أسراره للغرب. وسياسة بلع الأراضي هو ما ينتهجه وكل ما يعرفه النظام الروسي مذ وجد كما فعل بجزيرة القرم مؤخراً ودول وقوميات مبتلعة بداخلها منذ مئات السنين.
يبدو أن عهد الأسد قد ولّى وبدأت مرحلة ابتلاع وهضم سوريا من قبل الدولة الروسية لضمها إليها، روسيا التي فقدت الكثير من أراضيها وولاياتها في السنين الأخيرة. يأتي ذلك بعد سلسلة كوارث اقتصادية وضياع مساحات شاسعة من قبضتها. ونبذها من قبل الاتحاد الأوروبي لأسباب كثيرة ومخيفة ترجع أسبابها لدواعٍ دينية وطائفية. سيكون آخرها انضمام الدولة التركية للاتحاد الأوروبي.
السيناريوهات المرتقبة لا تنبي بالكثير. ولكن الأيام القادمة ستكسر مقولة لافروف وزير الخارجية الذي استنكر وجود ثورة شعبية حقة. ويبدو أن الدولة الروسية لم تعِ جيداً لما حصل معها في أفغانستان، فالشعوب الإسلامية والعربية لا يمكن حبسها أو أن يحكم على ماضيها وتاريخها بالسجن أو تقييد مستقبلها بالسلاسل.
على بوتين ونظامه الديكتاتوري الجديد أن يفهم أن الشعوب العربية تعي جيداً أن أمرهم لا يكون تبع لدين أو لقوميات أخرى غير ما هم عليه، فلغتهم ودينهم وقوميتهم وعاداتهم وميراثهم يحتم عليهم ذلك. وإذا صار الأمر الى حال من القهر لن ينخذل أو يتضعضع بل ستبقى هذه الشعوب كشوكة حادة. إن لم تترك وشأنها لن تعطي إلا الوخز والألم.
يبدو أن سياسة الغرب الجديدة اتجهت لأسلوب استعبادي إنساني جميل حاملة ملفات الصداقة ودعم الهبات الشعبية حسب شروطها طبعاً، ولا يمكن أن يتبع هذه الأحداث استقرار وثقل زماني ممتد وهذا ما أصاب دول الربيع العربي، وسياسة الهدم والنقض الغربية كانت هي اللبنة الأساسية التي أدت لخلق جماعات وأحزاب هي أقرب الى التفكك والتبعثر. لعدم ارتكازها على شيء أصلاً سوى هوى يعبث بها يمنة ويسرة. ولا يخفى استعمالها كفزاعة لتغطي جرائم الأنظمة العربية والنظام السوري خاصة. ولا يخفى هنا تأثر بعض الجماعات بممارسات إعلامية غربية كجملة قرب عودة الخلافة، والفتوحات العبثية، وقوالب فكرية بالية وفكر سياسي فاشل خلقت استبداد متطرف بين بعضها بعضاً.
يبدو أن لفظ الأسد سيأتي على يد حلفائه كما حصل بأفغانستان. وبوجود الشعب السوري في نقطة اللا رجعة بتسلحه وبمقاومته سيزيد من فرص انهيار الدولة الروسية وسيكون له الفضل بخروج شعوب وقوميات مبتلعة بداخلها مستقبلاً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.