الفارق و الطريق

لن تقوم لمصر قائمة إلا بعودة المسار الديموقراطي ودولة العدل وسيادة القانون والعمل باستراتيجيات واضحة ومحددة يراقبها الشعب لبناء المُستقبل، والإنسان في كل هذا هوالأصل. لذا فالتعليم والصحة ركيزتان للبناء والرخاء المنشود وليس "اللواء" عبدالعاطيوجهاز الكفتة والسهوكة والشحاتة وتحيا مصر

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/20 الساعة 04:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/20 الساعة 04:18 بتوقيت غرينتش

المتابع لأسلوب إدارة الأزمة وتعاطي المسؤولين والمؤسسات المنتخبة والإعلام والرأي العام الفرنسي بعد الحادث الإرهابي الأخير هناك يدرك جيداً معنى أن تكون للدولة مؤسسات منتخبة تواجه عملاً إرهابياً في إطار احترام القانون والشفافية واحترام حياة مواطنيها ومحاسبة المسؤولين والمقصرين وأولهم رئيس الجمهورية المنتخب الذي يواجه الآن موجة انتقاد عارمة لأدائه الذي يعتبره كثير من السياسيين في فرنسا سيئاً للغاية.

فالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند هبطت شعبيته لأدنى مستوياتها في أكتوبر الماضي لتبلغ 20% في آخر استطلاع رأي، ولا تزال مؤسسات الجيش والشرطة يأتمرون بأمره، ولم نسمع أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان خاطب شعبه "بسهوكة" أنهم لم يجدوا من يحنوا عليهم. فضلاً عن كل ذلك فإن إعلامهم يناقش كل شيء بمنتهى الوضوح والصراحة والانتقاد الموضوعي واللاذع لسلطات الدولة المنتخبة.

أما المتابع لما يجري في مصر في العامين الآخيرين وكيف كان يروّج لهما سيسي مصر نفسه على أنه محارب الإرهاب "الذي كان محتملاً قبل أن يبتلينا الله به"، فيدرك أن هناك مجموعة من المرتزقة يمتهنون آلة لتغييب الوعي وتجهيل وتسطيح الفكر لا يمكن تسميتها إعلاماً بل "أذرع إعلامية موجهة أمنياً"، ومجموعة من المجرمين يرهبون الشعب ويمتهنون كرامته ويقتلون حرياته ويوبخونه ليل نهار على أنه لا يفهم ولا يعرف أي شيء، وعصابة مسلحة قامت بأكبر عملية سطو مسلح على مؤسسات ديمقراطية منتخبة كانت تتحسس بدايات طريقها للبناء بعد ٦٢ سنة من بقاء الشعب أسيراً لعصابة سلبت مقدراته وممتلكاته.

لن تقوم لمصر قائمة إلا بعودة المسار الديمقراطي ودولة العدل وسيادة القانون والعمل باستراتيجيات واضحة ومحددة يراقبها الشعب لبناء المُستقبل، والإنسان في كل هذا هوالأصل. لذا فالتعليم والصحة ركيزتان للبناء والرخاء المنشود وليس "اللواء" عبدالعاطي وجهاز الكفتة والسهوكة والشحاتة وتحيا مصر.

الفارق بيننا وبين فرنسا في أسلوب إدارة الدولة والمؤسسية وسيادة القانون كبير وشاسع، ويمكن أن تعبر عنه الفجوة الزمنية بين الثورة الفرنسية (1789- 1799) وثورة المصريين التي بدأت في 2011 ولم تنتهِ بعد.

بالطبع يمكن اختصار هذا الفارق الزمني بشكل كبير، وتقليصه ليصبح في عداد عشرات السنين بدل المئات، بفضل عوامل التكنولوجيا والتقدم التي أصبحت متاحة الآن ولم تكن متاحة قبل أكثر من 200 عام، وكذا الاستفادة بخبرات الدول التي سبقتنا في مجال التقدم وتتشابه مع الدولة المصرية فيما مرت به من مرارات الديكتاتوريات العسكرية – البرازيل مثالاً بقيادة لولا دي سيلفا الذي وضع البرازيل على طريق النمو الى أن أصبحت إحدى الدول الناهضة والمؤثرة دولياً والأسرع نمواً في العالم من خلال تجمع بريكس الذي أسسته مع روسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا – لكن لا يمكن أن يكون الفارق الزمني "صفر".
تحتاج مصر إلى وقت وعمل دؤوب منذ أن تضع أقدامها الطريق السليم، وبداية الطريق هو إتمام ثورة المصريين.

ونحن نقارن هذين المشهدين، لا نستطيع أن نغفل تجربة نجاح مهمة وملهمة تحققت في عشرات من السنوات قريباً. هناك في مدينة أنطاليا التركية، حيث تنعقد قمة الدول العشرين الكبار في العالم، برئاسة تركيا ورئيسها أردوغان الذي وضع هو وحزبه تركيا في مصاف الدول العشرين الكبار في العالم في حدود العشرين من السنوات كانت تركيا قبلها منهارة. بالطبع من السهل على العصابة المجرمة الجاهلة والفاشلة أن تنعت الدولة صاحبة هذه التجربة الرائدة والنجاح الملهم، من السهل أن تنعتها هي وحكامها بالأعداء هروباً من سخرية المقارنة بين قمة النجاح وأعماق الفشل ووحل التخلف.

طريق مصر يبدأ بالعودة للميدان، لاسترداد الإرادة والتحرر للاستعداد لمسيرة المستقبل الذي نحلم به.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد