شهود مجزرة باريس.. بين قبلة الشيطان والحرب على السعادة

هذه الهجمات ضد فرنسا، ضد "القيم التي ندافع عنها بجل أرجاء العالم، ضد ما نحن: دولة حرة تمثل شيئا لهذا الكوكب"، منادياً بـ"الوحدة والشجاعة"، واصفا الهجمات بـ"الجبانة" و"أعمال الحرب" التي تم "التخطيط والترتيب لها خارج البلاد، لكن بمساعدة من الداخل". مضيفاً: "يلزم الرد بقسوة على همجية جماعة الدولة الإسلامية. بمواجهة الحرب، يجب على الدولة أن تتخذ الإجراءات الملائمة".

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/16 الساعة 05:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/16 الساعة 05:20 بتوقيت غرينتش

شهود مجزرة باريس.. بين قبلة الشيطان والحرب على السعادة

"فرنسا والتابعون لصوتها يلزمهم أن يعلموا أنهم سيظلون هدفاً رئيسياً للدولة الإسلامية، وسيستمرون في شم رائحة الموت لقيادتهم الحملة الصليبية، لتباهيهم بمحاربة الإسلام في فرنسا، ولاستهدافهم دولة الخلافة بطائراتهم"، ذلك ما جاء ببيان الدولة الإسلامية، التي أكدت أنها أرسلت ثمانية جهاديين مفخخين حاملين للرشاشات، نحو العاصمة الفرنسية للقيام بـ"هجمة مباركة" تضرب قلب فرنسا الصليبية.

وانطلاقا من استخدام اصطلاحي يعود للقرن الحادي عشر، تؤكد الدولة الإسلامية أن العملية مقصودة باستهدافها لمواقع معينة، كإشارة إلى أن فرنسا ستظل هدفاً رئيسياً مادامت مستمرة على سياستها الحالية.

"يحاولون التلاعب بعقولنا" يقول شاهد، يوهان هيرڤي، مشرف على فندق يبلغ من العمر 40 سنة، مضيفاً: "لقد كان هناك تضامن بعد أحداث شارلي إيبدو واستمرت الحياة. لكن ما يحدث الآن شيء مروّع. إنها رسالة تقول: سنصل إليكم متى أردنا".

بالنسبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، هذه الهجمات ضد فرنسا، ضد "القيم التي ندافع عنها بجل أرجاء العالم، ضد ما نحن: دولة حرة تمثل شيئا لهذا الكوكب"، منادياً بـ"الوحدة والشجاعة"، واصفا الهجمات بـ"الجبانة" و"أعمال الحرب" التي تم "التخطيط والترتيب لها خارج البلاد، لكن بمساعدة من الداخل". مضيفاً: "يلزم الرد بقسوة على همجية جماعة الدولة الإسلامية. بمواجهة الحرب، يجب على الدولة أن تتخذ الإجراءات الملائمة".

بنيامين رومين، وهو زبون ألف التواجد بإحدى الحانات المستهدفة، كان ليلتها بالملعب يشاهد المباراة مرافقاً لأخيه وابن أخيه. عند سماعه لدويّ الانفجار اعتقد بأن الأمر يتعلق بمفرقعات ـ وهو نفس الاعتقاد لمن سمعوا الانفجار بمسرح كاتالان. ولدى خروج جميع المتفرجين من الملعب وأيديهم خلف رؤوسهم، لم تكن لديه أي فكرة عما يجري حيث لمح رجال الشرطة متوترين، فانكب الجميع على هواتفهم للاستعلام، هكذا علِم رومين أن الحانة التي كان يرتادها تعرضت لمجزرة.

"إنها حرب على السعادة، الناس بالخارج هكذا، يعيشون حياتهم، لا يفكرون بشيء"، يقول رومين، وقد حضر للحانة حاملاً معه شجرة زيتون صغيرة، "رمز الأمل، والسلام" بالنسبة له. صاحب الحانة كان جزائرياً معروفاً يقطن بالمدينة لما يقارب 40 سنة، أموكران حاجيم، الملقب بـ"كوكو". لقد عاش، لكن 14 شخصاً من زبائنه لقوا حتفهم، معظمهم شباب بمنطقة معروفة بزبائنها الطيبين.

هذا المكان يقول رومين: "مكان شعبي، إنه الأرخص"، ليتر من البيرة البلجيكية لا يكلف سوى 3 يورو. هؤلاء القتلة، يقول "ليسوا مسلمين، إنهم إرهابيون. لقد تربيت مع مسلمين وهم ليسوا بهذه الشاكلة"، حيث ترعرع بالضاحية الشمالية للمدينة، وهناك يقطن معظم المهاجرين.

"لقد كانوا مسلحين، محترفين، أربعة أشخاص في العشرينيات، يرتدون سترات سوداء، واحد منهم سترته بنية فاتحة بلحية قصيرة، بدوا كأنهم ينحدرون من الشرق الأوسط، لكنهم يتحدثون الفرنسية دون لكنة واضحة".

تقول سيليا التي كانت ترافق كازينوفز بمسرح كاتلان لمشاهدة حفل فرقة الروك "إيغل أوف الديت ميتال" Eagles Of Death Metal، يقول كازينوفز : "عندما غنّت الفرقة أغنية "قبّل الشيطان"، بكلمات "التقيتُ الشيطان وهذه أغنيته.." سمعنا دوي انفجار، معتقدين بأنها مفرقات، ثم تلاه ذلك انفجار آخر، ارتمى الجميع بالأرض، وقع رجل دامٍ فوقي، بجانبي رأيت وجهاً دامياً لامرأة لاتزال على قيد الحياة، أصيب جاري البالغ من العمر 50 سنة بطلق في الرأس فتناثر الدم على زجاج نظارتي"، أحد القتلة صاح: "أي شخص يحرك مؤخرته سيتعرض للقتل"، وهم يصوبون نحو كل من يبدي حركة. سيليا التي كانت تصور الحفل بهاتفها، لم تستطع أن تلمس هاتفها حتى لا تلفت انتباههم. الأرض صارت حمام دم.

قال فرانسوا مولان، المدعي العام الفرنسي، خلال الندوة التي أقيمت يوم السبت ـ كان عدد القتلى قد وصل لـ129 شخصاً و352 جريحاً، من بينهم 90 حالة خطيرة ـ إنه تم توقيف ثلاث أشخاص ببلجيكا حاملين للجنسية الفرنسية، مرتبطون بالهجمات الإرهابية، وهي الهجمات الدموية التي لم تشهدها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، والأسوأ في القارة الأوروبية منذ تفجيرات مدريد سنة 2004. مضيفاً أنه تم تحديد هوية شخص من المسلحين من خلال بصمات أصابعه، وهو فرنسي الجنسية من ضاحية كوركورونيه جنوبي فرنسا، من مواليد سنة 1985، له سجل إجرامي ومسجّل باعتباره متطرفاً منذ سنة 2010. ذكر أيضاً جواز سفر سورياً يعود لشخص من مواليد 1990 وغير معروف لدى السلطات الفرنسية، وجد ملقياً بالقرب من جثتي جهاديين آخرين.

وزير حماية المواطنين اليوناني نيكوس توسكاس، قال بوقت سابق إن الجواز يعود للاجئ دخل الاتحاد الأوروبي من خلال تسجيله في جزيرة ليروس اليونانية يوم 3 أكتوبر، مضيفاً: "لا نعلم إن تم فحص الجواز من طرف بلدان أخرى حيث تمكّن صاحبه من المرور".

مسؤول حكومي بأثينا قال لجريدة الغارديان: "لقد وجدنا الرقم التسلسلي وبصمات الأصابع والكف التي تؤخذ من كل لاجئ"، لكنه حذّر من "الإجراء التلقائي" في ربط صاحب الجواز بالمهاجمين. موضّحاً "يجب الآن على السلطات الفرنسية أن تربط بصمات الأصابع بجسد المعتدي، وتعلن هويته.. وسواء مر هذا الشخص عبر اليونان بصفته لاجئا، أو قام بشكل ما بشرائه أو سرقته، فبهذه الحالة، كلا السيناريوهين محتملان".

رئيس مقاطعة بافاريا الألمانية هورست سيهوفر، قال إن هناك سبباً "للاعتقاد" بأن رجلاً اعتقل الأسبوع الماضي خلال جولة تفتيش طرقية، بحوزته عدد من الأسلحة والمتفجرات داخل سيارته في جنوب ألمانيا، قد يكون على صلة بالمعتدين.

وقد تم تحديد هوية ثلاثة من الانتحاريين، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام، وتحقيق مع 7 أشخاص لهم ارتباط بالهجمات في بروكسيل، حيث صرح المدعي العام البلجيكي بأن اثنين من منفذي العمليات فرنسيان يقطنان بلجيكا. ونشرت السلطات الفرنسية صورة "عبدالإسلام صالح" مع تقديم مواصفات باعتباره أحد المطلوبين.

* عن تقارير من الغارديان ومختلف وسائل الإعلام

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد