يمثل الزواج من الدول العربية والآسيوية الحل الأمثل لمشكلة ارتفاع تكاليف الزواج في البحرين – والخليج عموماً -، خاصةً بعد أن شاهدوا أقرانهم المتزوجين وقد أثقلت كاهلهم الديون، فقلما تجد شابا بحرينياً متزوجاً غير مدين للبنوك.
وأصبحت تكاليف زيجات البحرينيات والخليجيات باهظة جداً مقارنةً بغيرها من الدول العربية والآسيوية، ما دفع الشباب فيما يشبه الظاهرة إلى البحث عن زوجات تناسب إمكانياتهم المالية في دول خارج منطقة الخليج العربي، رافعين شعار "تكاليف أربع زيجات من خارج الخليج وشقه مقابل زيجة واحدة من داخله".
وترتبط تكاليف الزواج في البحرين بنوع الجنسية والعادات والتقاليد، وإن كانت في مجملها باهظ التكلفة، حيث تقدر تكلفة الزواج من الخليجية ما يقارب 70 ألف دولار شاملة المهر والحفل، فيما يبلغ متوسط تكاليف زواج البحرينية 60 ألف دولار، ولا تتعدى تكاليف الزواج من أجنبية ربع هذا المبلغ.
ولاتقتصر تكاليف الزواج على المبالغ السابقة فحسب، بل تمتد إلى ما بعد الزواج حيث الشقة والخادمة والسيارة، وهو ما جعل من الزواج هدفاً صعب المنال وأصبح من الأمور التي تندرج تحت عنوان " من استطاع إلى ذلك سبيلا".
الزواج من خليجية تكلفة جنونية
حصيلة 9 سنوات من العمل + قروض هي قيمة تكاليف زيجة أبو بكر عبد القادر الموظف في إحدى شركات العقارات ومتزوج من إماراتية العام الماضي.
يقول عبد القادر لـ "عربي بوست" إنه "لايمكن لكثير من الشباب البحريني الزواج من عدد من دول الخليج، وذلك لضعف الإمكانات المالية لديهم في مقابل تكاليف باهظة. كما أن هناك بعض الشباب غير قادر على الزواج من البحرين لنفس الأسباب، حتى وإن كانت التكلفة في البحرين أقل من تكلفة الدول الخليجية الأخرى".
وكشف عبد القادر أن زواجه كلف أكثر من 20 ألف دينار – ما يعادل أكثر من 50 ألف دولار -، معتبراً هذا التكلفة منخفضة مقارنة بزيجات أخرى من الإمارات نظراً لأن زوجته من نفس عائلته وهو ما أدى إلى تعاون الأهل معه.
وأشار عبد القادر أن زيجة كزيجته تكلف أكثر من 40 ألف دينار – قرابة مائة ألف دولار -، وذلك لارتفاع أسعار صالات الأفراح وهو ما يمثل عبء إضافي.
وأضاف أبوبكر، "هناك نماذج لشباب أقدموا على خطوة الزواج من خليجية حملوا على كاهلهم بسببها ديوناً ستلازمهم لعشر سنوات قادمة".
وأوضح أن أمر تكلفة الزواج من خليجية يمتد إلى ما بعد عقد القران حيث السفريات المتعددة لزيارات أهلها ومايصاحب ذلك من تكلفة مضافة.
الزواج من بحرينية.. لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً
ويشتكي معظم الشباب البحريني من ارتفاع تكاليف الزواج بالبلاد والتي هي أقل نوعاً ما من تكاليف الزواج بخليجية، ويرون أنها مبالغ فيها وغير منطقية وتحملهم ما لا يطيقون حتى أصبح معظم العرسان ضيوفاً دائمين في البنوك.
وبحسب حديث خالد أنس لـ " عربي بوست"، فإن "تكلفة زواجه بلغت 20 ألف وهو قرابة 50 ألف دولار، برغم أني متزوج من 10 سنوات وهي تشمل المهر والذهب والأثاث والهدايا والحفل بعيداً عن الشقة".
وأضاف أن "أخي متزوج منذ 4 سنوات، وقد زادت تكلفة زواجه عن 20 ألف دينار ما يعادل أكثر من 50 ألف دولار".
وأكد خالد أنه "نظراً للعادات والتقاليد وتمسك الأهل ببعض الأمور الشكلية وغير الأساسية، فقد زادت الأعباء الآن بصورة كبيرة، ما اضطر كثير من الشباب إلى البحث عن زوجة خارج حدود الوطن"، مدللاً على ذلك بصالات الأفراح التي زادت قيمة تأجيرها إلى ثلاثة آلاف دينار ما يعادل 7500 دولار.
أربع زوجات وشقة مقابل زوجة خليجية واحدة
وفيما يشبه الظاهرة لجأ بعض البحرينيين إلى الزواج من خارج منطقة الخليج العربي قاصدين عدد من الدول العربية كالمغرب والجزائر ومصر وسوريا ودول آسيوية كالفلبين واليمن وإيران، وذلك لانخفاض تكاليف الزواج في هذه الدول مقارنة بزيجات الخليج باهظة التكاليف، مرددين أن "تكلفة الزواج من خليجية واحدة يكفي للزواج من أربع خارج الخليج إضافة إلى الشقة".
ولا تتجاوز تكلفة الزواج من أجنبية 15 ألف دولار، وبعضها أقل من ذلك بكثير، إلا أن المفارقة تكمن في أن ما تم توفيره في تكاليف الزواج يقوم الزوج بدفعه بعد الزواج في تكاليف زيارات الزوجة والأبناء لأهلها في الخارج.
عروس إلى باب بيتك!
نوع جديد من الزواج، ظهر فجأة في البحرين منذ سنوات، أسماه بعض الكتاب "زواج البارسل" أو "زواج التيك أوي أو الشحن"، وهو الأقل تكلفةً في البلاد، حيث يصل ثمنه شامل الوسطاء "سماسرة" لحدود 500 دينار ما يعادل 1300 دولار.
وتحدث حول هذه الظاهرة الكاتب البحريني جاسم العطاوي في مقال له بصحيفة "الأيام"، مشيراً إلى أنها "عملية جلب لامرأة أجنبية بترتيبات معينة من بلدها إلى البحرين لتكون زوجة لرجل ينتظرها هنا.
وهذه العملية يقوم بها وسطاء سماسرة بثمن يصل لحدود 500 دينار لكل عملية، ويشكل بعض من كبار السن في البحرين الزبائن الرئيسيين لهذا الزواج.
وبالنسبة للبعض وليس الجميع، يرحب وبكل سرور للحصول على زوجة تصله من باب بيتها في بلدها إلى باب بيته.
دعم الجمعيات الخيرية للزواج
نظراً لغلاء المهور وضعف الحالة المادية لدى معظم الشباب، قامت عدد من الجمعيات الخيرية في البحرين في دعم الزواج مادياً من خلال إقامة حفلات الزواج الجماعي، إضافة إلى تقديم دعم مالي من 1000 إلى 2000- دينار ما يقارب 2500 إلى 5000 دولار.
وفي تصريح لموقع "هافينتغون بوست عربي"، أوضح الشيخ طارق طه المدير التنفيذي للجنة الأعمال الخيرية، أن "الدوافع التي تقف وراء هذا المشروع الذي تقوم عليه اللجنة منذ 4 أعوام هي ضعف الحالة المادية لغالبية الشباب المقبل على الزواج، وعدم قدرتهم على تلبية مطالب الزواج، والمبالغة في المطالب غير الأساسية وغلاء المهور".
وأشار طه إلى أن اللجنة تتحمل تكاليف حفل الزواج كاملة، خاصة وأن أسعار صالات الحفلات وصلت إلى 3000 دينار، إضافة إلى دفع مبلغ مالي مساهمة من اللجنة مع الشباب.
وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة العدل والشؤون الإسلامية، سجلت البلاد 58، ألف حالة زواج في مقابل نحو 14 ألف حالة طلاق وذلك منذ 2005 وحتى 2014.