الغبار الأسود بالقنيطرة.. قاتل متطاير بالأجواء يتربَّص بأهل المدينة المغربية

عدد القراءات
710
عربي بوست
تم النشر: 2022/01/15 الساعة 09:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/15 الساعة 09:54 بتوقيت غرينتش
الغبار الأسود بالقنيطرة - صورة تعبيرية من iStock

يلاحظ سكان مدينة القنيطرة المغربية الغبار الأسود الذي يجلبه الهواء الملوث، والذي يتطاير إلى أجسادنا مثل تطايره في هواء المدينة، مخلفا آثاراً وخيمة على البيئة وصحة المواطنين وجميع الكائنات الحية الأخرى.

لهذا، راسلت جمعية أوكسجين للبيئة والصحة شهر ديسمبر/كانون الأول 2021، باعتباري رئيساً لجمعية "أوكسجين" للبيئة والصحة بالمغرب، كما راسلت كلاً من عمالة إقليم القنيطرة، والجماعة الترابية بالقنيطرة، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، عبر مراسلات رسمية تطالب من خلالها بفتح تحقيق عاجل والحصول على المعلومات حول مصدر الغبار الأسود الذي أصبح يستشري في عدد من مناطق مدينة القنيطرة.

جاءت مراسلات الجمعية بناءً على الفصول 31 – 35 – 71 و 136 من الدستور التي نصت على الحق في البيئة وفي التنمية المستدامة، والقانون الإطار رقم 99.12 الذي يعتبر بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، والقانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء، والقانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وعملاً بالتزامات المغرب الدولية تجاه البيئة والتنمية المستدامة المعبر عنها في اتفاقية "باريس" حول التغيرات المناخية.

لهذا، عبرت جمعية "أوكسجين" للبيئة والصحة عن قلقها الكبير من الانتشار الواسع للغبار الأسود في مختلف المناطق بالقنيطرة وما يحدثه من أضرار بيئية متعددة تؤثر سلباً على بيئة وصحة المواطنين، وناشدت المسؤولين بالتدخل العاجل من أجل الكشف عن النتائج الدقيقة التي ترصدها محطات القياس والكشف عن مصدر تلوث الهواء وأسبابه، وكذلك للوقوف على الإجراءات التي اتخذت بهدف إيقاف هذه الظاهرة، وتطبيق كل وسائل المراقبة، والحماية بصفة منتظمة واتخاذ كافة الإجراءات لحماية هواء المدينة من كل المخاطر المحدقة به.

كوني رئيساً لجمعية أوكسجين للبيئة والصحة، وباحثاً في إعداد المجال والتنمية الترابية المستدامة، أستطيع أن أقول إن جودة الهواء بالقنيطرة تتعرض لمختلف مصادر التلوث التي تحدث تأثيرات خطيرة، وتعد معظم الأنشطة الصناعية المتمركز حول المدينة مصدراً لتلوث الهواء.

إضافة للمصادر المتحركة التي يمثلها قطاع النقل، والنفايات، والتي تزيد من حدة التلوث، ويزداد الوضع تأزما مع اجتثاث وقطع العديد من المساحات الشاسعة من الغابات والمساحات الخضراء، الشيء الذي يجعل من مدينة القنيطرة في ظل هذا الوضع المأساوي إحدى أكثر المدن خطورة على صحة الإنسان وبيئته.

كما بينت دراسات وبائية تم إجراؤها في جهات أخرى مدى أثر تلوث الهواء على الصحة، وخصوصاً صحة الأطفال، كما مكنت من إقامة الدليل على العلاقات الواضحة إحصائياً ما بين مستوى التلوث الجوي الذي يجري قياسه خصوصاً عبر قياس تركيز الجزيئات الدقيقة من نوع "الدخان الأسود" من جهة، وبين نسب الوفيات ونسب الاستشارات الطبية بسبب أمراض الربو وتعفنات المسالك التنفسية وداء الرمد من جهة أخرى.

ولا يخفى على أي من العاملين في مجال البيئة، تأثير الهواء الملوث، واعتباره أحد أكبر المخاطر البيئية التي تهدد صحة الإنسان، إلى جانب تغير المناخ. وتفيد بعض التقديرات حسب منظمة الصحة العالمية على أن التعرض لتلوث الهواء يتسبب كل عام في حدوث 7 ملايين وفاة مبكرة ويؤدي إلى فقدان ملايين إضافية من سنوات العمر الصحية. 

كما يمكن أن يسبب عند الأطفال قصوراً في نمو الرئتين ووظيفتهما، والتهابات الجهاز التنفسي، وتفاقم الربو. أما عند البالغين، فإن أمراض القلب الإقفارية والسكتة الدماغية التي تعد من الأسباب الأكثر شيوعاً للوفاة المبكرة ترتبط بتلوث الهواء خارج المباني، وقد بدأت تظهر أيضاً أدلة على تأثيرات أخرى مثل داء السكري والأمراض العصبية.

هذا ما يجعل عبء المرض الذي يعزى إلى تلوث الهواء مماثلاً للمخاطر الصحية العالمية الرئيسية الأخرى مثل اتباع نظام غذائي غير صحي وتعاطي التبغ.

وجدير بالذكر أن جمعية أوكسجين للبيئة والصحة أطلقت حملة ترافعية حول مشكل الغبار الأسود توازيها حملة تفاعلية في مواقع التواصل الاجتماعي، لتنبيه مدبري الشأن العام إلى خطورة تلوث الهواء الناجم عن أنشطة المصانع والمعامل بمدينة القنيطرة، حيث جعلت من هشتاج #القنيطرة_تختنق تعبيراً عن خطورة الوضع بالمدينة، ودعت الجميع إلى المشاركة المكثفة في هذه الحملة حتى تتخذ السلطات والجهات المختصة وأصحاب القرار، إجراءات فورية ومستدامة لحماية بيئة وصحة المواطن القنيطري.

مقالات الرأي المنشورة في "عربي بوست" لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أيوب كرير
باحث مغربي في التنمية المستدامة
باحث مغربي في علوم المجال والتنمية المستدامة، ورئيس جمعية أوكسجين للبيئة والصحة بالمغرب
تحميل المزيد