لا يختلف أحد في الأرجنتين والعالم على أنّ أحلام هذا البلد في الفوز بكأس العالم للمرة الثالثة يحملها كتف أحسن لاعبٍ في العالم 7 مرّات، لاعب نادي برشلونة السابق ونادي باريس سان جيرمان الحالي ليونيل ميسي، وحتى الآن نجح البرغوث في قيادة الأرجنتين إلى المحطة الختامية من مونديال قطر 2022، لكن رجلاً آخر يحمل نفس الاسم الأول لميسي هو أيضاً كان سبباً في نجاح منتخب الأرجنتين حتى الآن في الوصول إلى حلم تحقيق كأس العالم للمرة الثالثة.
هذا الرجل هو المدير الفني ليونيل سكالوني، البالغ من العمر 44 عاماً، والذي يعدّ أصغر مدرب في كأس العالم الحالية، حيث سيواجه، الأحد القادم، 18 ديسمبر/كانون الأول، بدهائه مدرّب منتخب فرنسا ديدييه ديشان بطل العالم، في مهمة حرمانه من التتويج مرتين متتاليتين باللقب.
قال سكالوني، بعد الوصول إلى النهائي، إنّ أوّل مباراة خاضها التانغو في البطولة أمام منتخب السعودية كانت نقطة تحوّل في غرفة تغيير الملابس، حيث شجعت على التعافي والفوز بـ5 مباريات متتالية والوصول إلى نهائي البطولة، بالرغم من أنّ تلك المباراة حرمت سكالوني ومنتخب الأرجنتين من الوصول إلى رقم إيطاليا التاريخي في عدد المباريات المتتالية دون خسارة.
خلال السنوات الأربع التي قضاها في تدريب الأرجنتين، لم يتعرض فريق سكالوني للخسارة سوى 5 مرّات، بما فيها الخسارة أمام السعودية، في حين حقّق الانتصار في 38 مباراة، وتعادل في 12 آخرى من أصل 55 مقابلة، قاد فيها سكالوني منتخب التانغو من مقاعد البدلاء.
كما أنّه قاد الأرجنتين إلى التتويج بكأس كوبا أمريكا 2021، وهو أول لقب كبير للتانغو منذ تتويجه بكأس العالم 1986، كما أنّه الأولى لميسي مع منتخب بلاده.
سكالوني اللاعب.. مسيرة تتشابه مع ميسي!
قبل أسابيع قليلةٍ من فوز الأرجنتين على الطواحين الهولندية عام 1978، والتي أحرزت لمنتخب التانغو أولى ألقابه في كأس العالم، وُلد سكالوني في بلدة بوجاتو الداخلية الصغيرة بمدينة روزاريو، وهي نفس المدينة التي وُلد بها فيما بعد الأسطورة ليونيل ميسي، كان ذلك في 16 مايو 1978.
بدأ سكالوني مسيرته كلاعب مع نادي نيويلز أولد بويز، وهو الفريق الذي خطا فيه ميسي خطواته الأولى في عالم كرة القدم، ومن حسن حظه أنّه أثناء لعبه مع النادي نيولز أولد بويز سنة 1993، زامل الأسطورة الأرجنتينية الراحل دييغو أرماندو مارادونا، قبل الانتقال إلى نادي أستديونتس دي لابلاتا.
في سنة 1997، كان سكالوني على موعد مع أوّل لقبٍ له مع منتخب الأرجنتين، كان ذلك مع منتخب الشباب، حين فاز بكأس العالم للشباب في تلك السنة والتي نظمتها ماليزيا، وهو اللقب الذي حازه ميسي مع التانجو بعد 8 سنوات من ذلك بهولندا.
بعد الفوز بكأس العالم تحت 20 سنة في ماليزيا مع المدرب الأرجنتيني، خوسيه بيكرمان، وهي البطولة التي تألّق فيها سكالوني، وجلب أنظار الكشافين إليه، انتقل ليونيل سكالوني للعب في أوروبا.
في تلك البطولة كان إلى جانب سكالوني كل من مساعده الحالي في تدريب منتخب الأرجنتين بابلو أيمار وخوان رومان ريكيلمي، بحيث شكّل الثلاثي صداقة عميقة.
في ديسمبر/كانون الأوّل 1997، انضم ليونيل سكالوني برفقة شقيقه الذي كان يلعب معه إلى نادي ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني، وهو النادي الذي قضى فيه سكالوني معظم مسيرته الكروية لاعباً من سنة 1998 إلى 2006، حيث لعب 262 مباراة، وتوّج بلقب الليغا سنة 2000 وكأس ملك إسبانيا مرتين في سنتي 2001 و2002، تماماً مثلما فعل ميسي مع برشلونة بفارق عدد التتويجات فقط.
لينتقل بعدها إلى راسينغ سانتاندير، ثم إلى الدوري الإيطالي مع لازيو روما، ثمّ العودة إلى إسبانيا للعب مع نادي مايوركا، قبل أن ينهي مسيرته في أتالانتا بيرغامو في عام 2015.
كان سكالوني أيضًا في الملعب مع المنتخب الأرجنتيني، رغم أنه شارك في سبع مباريات دولية فقط مع التانجو، إلّا أنّه سجل مشاركته في مونديال 2006 في ألمانيا، أين زامل النجم ليونيل ميسي الذي كان حينها يخوض في بداية مسيرته مع الأرجنتين في مباراة التانجو أمام منتخب المكسيك.
سكالوني المدرّب يمنح ميسي أوّل لقبٍ له مع الأرجنتين
فور اعتزاله، شرع سكالوني سريعاً في إعداد نفسه لمرحلة جديدة في مسيرته المهنية، وهذه المرة في عالم التدريب، حيث تلقى العديد من الدورات التدريبية والتكوينية في عالم التدريب، وأُتيحت له أوّل فرصة مع رديف نادي مايوركا، الذي سبق أن دافع عن ألوانه لاعباً، ولم تمضِ سوى أسابيع عن ذلك حتى انتدبه المدرب الأرجنتيني لنادي إشبيلية خورخي سامباولي للعمل معه مساعداً.
وفي العام 2017، عيّن سامباولي مدرباً لمنتخب التانغو، فقرر أن يستقدم معه سكالوني مساعداً مباشراً له.
ومع إخفاق سامباولي مع منتخب الأرجنتين في كأس العالم، تمّ تعيين ليونيل سكالوني بديلاً مؤقتاً له، قبل أن يصير دائماً للتانغو، وهو في عمر لم يتجاوز الـ40 عاماً.
ومنذ تعيينه مدرباً لمنتخب الأرجنتين، نجح سكالوني في إيجاد التوليفة المثالية لرفاق ميسي، بحيث نجح سكالوني في قيادة الأرجنتين لإحراز المركز الثالث في كوبا أمريكا 2019، بعد فوز دراماتيكي على تشيلي بنتيجة 2-1.
بعد ذلك بعامين، قاد سكالوني الأرجنتين للفوز بلقب كوبا أمريكا للمرة الأولى منذ العام 1993، عندما تغلبت على البرازيل 1-0 في النهائي بملعب الماركانا، وهو اللقب الأوّل لميسي مع منتخب الأرجنتين.
وقبل هزيمته بنتيجة 2-1 أمام المنتخب السعودي في دور المجموعات من مونديال قطر 2022، لم يخسر فريق سكالوني منذ هزيمته 2-0 أمام البرازيل في يوليو/تموز 2019، في إطار نصف نهائي كوبا أمريكا، محققاً سلسلة من المباريات المتتالية دون هزيمة، بلغت 36 مباراة، بحيث لم تنقصه سوى مباراة واحدة للوصول إلى الرقم القياسي المسجّل باسم منتخب إيطاليا.
على مدى السنوات التي قاد فيها سكالوني منتخب الأرجنتين لتلك الانتصارات، طوّر أنصار التانغو لقباً جديداً لرفقاء ميسي مستوحى من اسم سكالوني، وهو لقب "لا سكالونيتا"، الذي يعني القافلة أو القطار الذي لا يتوقف.
وذلك بعد أن اكتسب فريق سكالوني سمعة طيبة في خط الدفاع، بحث لم يتلقَّ فريق سكالوني سوى 8 أهدافٍ في العالم 2022، من بينها 5 في مونديال قطر 2022.
وإن كان منتخب السعودية قد نجح في توقيف قطار سكالوني، فإنّ هذا الأخير أكّد مراراً أنّ كل المباريات في كأس العالم قطر 2022 صعبة على رفاق ميسي.
هل يحقق سكالوني حلم ميسي بالتتويج بكأس العالم؟
نجح سكالوني في قيادة منتخب الأرجنتين إلى النهائي السادس لها في التاريخ، بعد أن أطاح بالمكسيك وبولندا بعد الخسارة أمام السعودية في الدور الأوّل، ثم الفوز على أستراليا في الدور الثاني، ثم حسم التأهل في الربع النهائي أمام هولندا بركلات الترجيح، قبل دكّ حصون كرواتيا بثلاثية في الدور نصف النهائي.
وخلال مونديال قطر، اعتمد سكالوني على أكثر من 20 لاعباً أرجنتينياً حتى اللحظة، كما نوّع خططه التكتيكية من 4/3/3 إلى 5/3/2 إلى 4/2/2.
وبغض النظر عن تحقيق سكالوني حلم الأرجنتينيين رفقة ميسي، فإن سكالوني سيبقى في منصبه مديراً فنياً لمنتخب التانغو حتى المونديال القادم، بعد أن قرّر الاتحاد الأرجنتيني تمديد عقد سكالوني حتى 2026، ووفقاً لمجلة Finance Football، يعدّ راتب سكالوني سابع أكبر أجرٍ بين مدربي مونديال قطر، بحيث يحصل على راتب سنوي قدره 2.5 مليون دولار.
وبعد أكثر من 15 عاماً على مشاركتهما معاً في تحقيق حلم الأرجنتينيين بالفوز بكأس العالم للمرة الثالثة، حين كانا زميلين في المنتخب، يأمل سكالوني الآن أن يتمكن من مساعدة ميسي في إنهاء مسيرته الكروية مع لقب كأس العالم بعد أن حقّق معاً لقب كوبا أمريكا.
وقال سكالوني عن ميسي في سبتمبر/أيلول: "لدي إمكانية تدريبه، لكني سأكون مشجعاً وسأدفع تذكرة لرؤيته وسأشتري قميصه بغض النظر عن البلد"، وأضاف: "لذا، الشيء الوحيد المتبقي هو الاستمتاع به، لأنني لا أعرف ما إذا كان شيء من هذا القبيل سيتكرر. لذا، عليك أن تستمتع به، ولا شيء آخر".