وسط عائلة مغربية في العاصمة الفرنسية باريس، ولد سفيان بوفال في 17 سبتمبر/أيلول 1993، لكن سرعان ما انتقلت العائلة إلى مدينة أنجي في حي "لاروز ياري". أحب بوفال كرة القدم في سن صغيرة، الشيء الذي جعله يلتحق بمدرسة نادي أنجي بالمدينة بداية الألفينات.
عُرف منذ الصغر بمراوغاته الاحترافية في كرة القدم، وبدأ يتدرج داخل النادي بتميز ملحوظ، لكنه كان يعاني من مشكل كان يهدد استمراريته في الأكاديمية.
البداية الصعبة لسفيان بوفال
عند وصول بوفال إلى سن 16 لم يتجاوز طوله 150 سنتيمتراً، ما جعل المسؤولين يقررون طرده من نادي أنجي، لكن تدخل مدرب فريق الرديف "ستيفان مولان" الذي كان لديه ابن يلعب مع بوفال والذي يعرف جيداً إمكانياته، ما جعله يقنع المسؤولين بالتريث قليلاً.
للتفرغ لكرة القدم، قرر بوفال التخلي عن دراسته والتركيز على مسيرته الكروية، مع بلوغه سن 19 أصبح بوفال في طوله الطبيعي لكنه اشتهر في الفريق بإمكانياته الكروية وخاصة في المراوغة.
سنة 2011 تم تعيين "ستيفان مولان" المدرب الرئيسي لفريق أنجي، والذي كان من بين أول قراراته مناداة بوفال للعب في أول مقابلة رسمية في 24 أغسطس/آب 2012 ضد نادي ليستر، بعد مرور سنة سيعقد بوفال أول عقد رسمي مع الفريق الرسمي للنادي بعد 13 سنة كلاعب متدرب في مدرسة الفريق.
اعتمد المدرب "مولان" على بوفال كلاعب أساسي في بداية الموسم في كل المقابلات، ما جعله اللاعب الأكثر شهرة به خلال الموسم. في الموسم المقبل أصبح بوفال حديث الصحافة الفرنسية ويكمل الموسم بتسجيله لأربعة أهداف وثلاث تمريرات حاسمة.
ليحصل على أفضل لاعب في الشطر الأول من الليغا الثانية، لينتقل إلى نادي ليل في الانتقالات الشتوية بمبلغ 4 ملايين يورو بعقد أربع سنوات ونصف، لينتقل بوفال من الليغا الثانية إلى الأولى، بعد خمسة أيام من توقيع العقد لعب بوفال أول مباراة رسمية له بالفريق دخلها كبديل في الدقيقة 77.
اشتهر بوفال في صفوف الفريق بالليغا الأولى؛ إذ إنه في كل مباراة يقوم بهدف أو تمريرة حاسمة، ليكمل موسمه الأول بثلاثة أهداف وست تمريرات حاسمة رفقة نادي ليل، خلال الموسم الثاني أصبح هيرفي رونار مدرباً للفريق، فيما قام المدرب المغربي بادو الزاكي بمناداة بوفال إلى اللائحة الرسمية لكأس إفريقيا.
لكن بسبب الإصابة لم يتمكن بوفال من المشاركة في كأس أمم إفريقيا حينها، الشيء الذي جعل الصحف الفرنسية تفسرها على أنها تهرب من بوفال وأنه لا يريد تمثيل المغرب في كأس إفريقيا وأنه يريد الانضمام إلى صف فريق الديوك الفرنسية.
انتقالات عديدة والموهبة واحدة
بعد التعافي، عاد بوفال إلى صفوف نادي ليل الفرنسي، وأصبح من اللاعبين الأساسيين في جل المباريات كما ظن جميع محبي الفريق أنه برازيلي الجنسية نظراً لمراوغاته وأهدافه الجميلة، لينهي الموسم بـ 11 هدفاً و 5 أسيستات؛ ما جعله يفوز بجائزة "Vivien Foé" كأحسن لاعب إفريقي بالليغا الأولى.
على مستوى النادي وصل اللاعب إلى نهاية البطولة، لكن قبل نهاية الموسم أصيب بوفال على مستوى الغضروف المفصلي لإحدى ركبتيه، موهبته جعلت نادي ليل يخصص مبلغ 30 مليون يورو لبقاء سفيان بوفال في الفريق، أما دولياً فأصبح هيرفي رونار مدرب أسود الأطلس المغربي، الشيء الذي جعله ينادي سفيان بوفال للعب في صفوف الفريق بحكم معرفته بقدرات اللاعب.
كانت أول مباراة لبوفال مع أسود الأطلس في مقابلة مع الرأس الأخضر في تصفيات كأس إفريقيا، لكن لم يطل بقاؤه مع الفريق بسبب الإصابة.
في 29 أغسطس/آب 2016 أعلن نادي ساوثهامبتون التعاقد من اللاعب المغربي بمبلغ 25 مليون يورو كأغلى صفقة في تاريخ النادي الإنجليزي، أبدى خلالها بوفال رغبة وحماساً قوياً للعب في أقوى دوري في العالم.
لكن بسبب إصابته تأخر في الانضمام إلى الفريق، كانت أول مشاركاته مع الفريق في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2016 دخلها كبديل في الدقيقة 73، ثم لعب مقابلة ضد مانشستر سيتي والتي دخلها كبديل في الدقيقة 70 لينتهي الموسم على هذا النحو.
ليصرح بوفال بعدها- حسب وثائقي- بـ"لقد تطور أسلوب ساوثهامبتون مع مرور الوقت، وأسلوبي لا يتناسب كثيراً مع المخطط التكتيكي، وبالتالي وجدت صعوبة أكثر في تقديم ما كان مطلوباً مني خاصة أنني وصلت مصاباً لم ألعب، لم أتابع المباريات؛ لذا فقدت مكاني وخاصة ثقتي".
خلال الموسم المقبل لم تتغير الأوضاع عن الموسم الأول؛ إذ كان يدخل دائماً كبديل في الدقائق الأخيرة من المباراة، رغم الأهداف القليلة في الموسم إلا أنه استطاع الظفر بلاعب الموسم بعد مراوغة وصفت بـ"المارادونية" خاصة بعد مروره بين 4 لاعبين في دفاع الفريق المنافس وتسجيل هدف في شباكهم، من الدوري الإنجليزي انتقل بوفال إلى الدوري الإسباني الذي توج معه بلقب أحسن مراوغ في الدوري.
بالعودة إلى المنتخب الوطني قام المدرب هيرفي رونار بضم سفيان بوفال إلى لائحة اللاعبين الأولية المشاركين في كأس العالم 2018 بروسيا لكن لم يتم ضمه في اللائحة النهائية، لكنه حظي بالمشاركة في كأس أمم إفريقيا بمصر التي لعب خلالها ثلاث مباريات ليتم إقصاء المغرب في ضربات الجزاء في الدور الثاني أمام بنين، أقيل بعدها المدرب هيرفي رونار والتعاقد مع البوسني وحيد خليلوزيتش.
هذا الأخير وضع الثقة ببوفال، خاصة بعد رجوعه إلى فريقه الأم أنجيه الفرنسي، ليلعب مع المنتخب المغربي تصفيات كأس العالم 2022، ليسجل أول هدف له مع الأسود ضد المنتخب الغيني في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
ثم تم اختياره لتمثيل المغرب في كأس إفريقيا بالكاميرون التي خسر فيها المغرب ضد المنتخب المصري بهدفين مقابل هدف واحد، وحالياً يلعب بوفال في التشكيلة الرئيسية للمنتخب المغربي في مونديال كأس العالم بقطر الذي وصل فيه الأسود إلى المربع الذهبي.
بوفال وعلاقته بوالدته
بعدما تمكن المغرب من الفوز على المنتخب البرتغالي في دور ثمن النهائي من كأس العالم 2022، ظهر سفيان بوفال وهو يحتفل مع والدته وسط الملعب بتأهل المغرب إلى الدور نصف النهائي من البطولة.
بالعودة إلى الصغر، حسب مقابلة نشرتها "Bein Sport" كانت والدة بوفال تذهب إلى العمل في المنازل في وقت مبكر وهي سيدة مغربية من مدينة مكناس هاجرت إلى فرنسا حيث ولد سفيان، كانت طفولته الصعبة سبباً في صموده لكي يتمكن من تحقيق دخل لكي يجعل والدته ترتاح من عبء العمل الثقيل.
حسب نفس المصدر، يحكي بوفال أن لوالدته الفضل في نجاحه الكروي؛ إذ كان يعود إلى المنزل يجد والدته أعدت طعامه المفضل ومكان نومه جاهزاً؛ ما كان يساعده في بلوغ الأفضل بسبب الرعاية النفسية التي يحظى بها في المنزل.