يتطلع منتخب إسبانيا إلى التتويج بكأس العالم مرة أخرى بجيل جديد من اللاعبين، بقيادة المدرب الإسباني، لويس إنريكي، الذي نجح حتى اللحظة في الفوز بأوّل مباراة له بسباعية كاملة أمام منتخب كوستاريكا، وتعادل في مباراته الثانية مع منتخب ألمانيا.
ويواجه المنتخب الإسباني في مباراته الثالثة منتخب اليابان اليوم الأوّل من ديسمبر/كانون الأوّل، والتعادل فقط يكفي الماتدور الإسباني للتأهل إلى الدور الثاني، أمّا إذا أراد الحفاظ على الصدارة فيتعين عليه الفوز أمام الأزرق الياباني.
وبعيداً عن حسابات المباراة الفنية، هناك أمر آخر يشد عشاق منتخب لاروخا الإسباني كلّما دخل لاعبوه أرضية المباراة، فبينما يقف المنتخبان على أرض الملعب قبل المباراة، سيلاحظ المشجعون أنه، على عكس معظم لاعبي وأطقم المنتخبات المشاركة في كأس العالم، يبقى لاعبو المنتخب الإسباني وطاقمه الفني صامتين عند عزف النشيد الوطني الإسباني.
لماذا لا يردد اللاعبون الإسبان نشيد منتخب بلادهم؟
قد يعزو البعض سبب عدم ترديد لاعبي المنتخب الإسباني لنشيد منتخبهم الرسمي إلى نفس الأسباب الذي دفعت لاعبي المنتخب الإيراني إلى عدم ترديد نشيد بلادهم في مباراتهم الأولى بكأس العالم قطر 2022، ضد منتخب إنجلترا، احتجاجاً على الأوضاع التي تشهدها إيران، لكن ذلك بعيد جداً عن السبب الذي يمنع لاعبي إسبانيا من ترديد نشيدهم الوطني.
ويعود السبب الوحيد في عدم ترديد رفقاء اللاعب بيدري لنشيد منتخبهم، إلى طبيعة السلام الوطني الإسباني، الذي لا يحمل أي كلمات، فالنشيد الإسباني عبارة عن موسيقى فقط.
النشيد الإسباني أقدم الأناشيد الوطنية في العالم.. لكنه بدون كلمات!
يسمى النشيد الوطني الإسباني باسم Marcha Real، وهو واحد من 4 أناشيد وطنية في العالم لا يحتوي على كلمات رسمية، بالرغم من كونه يعدّ واحداً من أقدم الأناشيد في العالم.
وتعود أصوله إلى أغنية من القرن الثامن عشر تُعرف باسم "مسيرة غرناطة"، أو ما تسمى باللغة الإسبانية "Marcha de "Granaderos، والتي ظهرت لأول مرة عام 1761، في كتاب المسيرات العسكرية للمشاة الإسبانية الذي كتبه إسبينوزا دي لوس مونتيروس.
كانت النغمة نفسها رقماً شائعاً بين الشعب الإسباني، حتى أعلنها الملك تشارلز الثالث في نهاية المطاف مسيرة شرف عام 1770، وجعلها نشيداً وطنياً.
وفي بداية القرن العشرين، قام الموسيقي الرئيسي في سلاح الحرس الملكي الإسباني، بارتولومي بيريز كاساس، بتعديل النشيد الإسباني إلى الصورة التي يُعزف بها الآن.
هناك عدة نسخ رسمية مختلفة للنشيد الوطني الإسباني، أحدها مخصص للملك، والأخرى مخصصة للحكومة أو الأحداث الرياضية مثل كأس العالم لكرة القدم، وهناك نسخٌ أخرى للجيش.
محاولات إدخال كلمات على النشيد الإسباني
على مر السنين، كان هناك عدد من المحاولات لابتكار كلمات إلى النشيد الإسباني، فقد كانت المحاولة الرئيسية الأولى عام 1870، من قبل الجنرال خوان بريم، القائد العسكري والشخصية السياسية الإسبانية التي لعبت دوراً مهماً في ثورة 1868.
فبناء على أوامره، كلف بريم المسؤولين الإسبان بإجراء مسابقة للموسيقيين والشعراء لوضع كلمات ترنيمة خاصة بالنشيد الإسباني، ومع ذلك، فشلت المسابقة في الإعلان عن الفائز، حيث فشل الحكام في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن أي من التعديلات تكون مناسبة للنشيد، ليُترك نشيد "مسيرة غرناطة" بدون كلمات.
في وقت لاحق، جرت محاولة أخرى في عهد ألفونسو الثالث عشر (1886-1931)، وكانت عبارة عن نسخة أنشأها إدواردو ماركوينا بـ3 كلمات بعنوان: علم إسبانيا ودستور إسبانيا وتحيا إسبانيا!، استعملت هذه النسخة من النشيد لفترة خلال ذلك الوقت.
وخلال فترة حكم الجنرال فرانسيسكو فرانكو من عام 1939 إلى عام 1975، تم توظيف كلمات الشاعر الإسباني خوسيه ماريا بيمان، ولكن بمجرد سقوط فرانكو، تم حذف كلمات النشيد من النشيد الوطني الإسباني عام 1978، بسبب ارتباطها بفرانكو والأيديولوجية اليمينية المتطرفة التي كانت تعكسها.
في عام 2007، جرت محاولة أخرى لإضافة كلمات إلى النشيد الوطني، بحيث أقامت اللجنة الأولمبية الإسبانية مسابقة للعثور على كاتب لمجموعة من كلمات النشيد الإسباني، هذه المرة كان هناك فائز، إذ تمّ تكليف الكاتب بولينو كوبيرو بكتابة كلمات النشيد.
كانت كلمات النشيد المقترح هذا: "تحيا إسبانيا! دعونا جميعاً نغني معاً بأصوات مختلفة وقلب واحد، تعيش إسبانيا طويلاً! من الوديان الخضراء إلى البحر الهائل ترنيمة الأخوة، أحب الوطن لأنه يعرف كيف يحتضن، تحت سمائه الزرقاء كل الشعوب بحرية. المجد للأطفال الذين يقدمون العدل والعظمة للتاريخ والديمقراطية والسلام".
ومع ذلك، تم توجيه انتقادات كبيرة لهذه الكلمات، التي لم تجد طريقها للاعتماد داخل النشيد الإسباني؛ ليبقى نشيد لاروخا الإسباني بدون كلمات حتى الآن.