إذا كنتم تتابعون مباريات كأس العالم في قطر، فعلى الأرجح أنكم استمعتم إلى هتاف "ميسي وينه كسرنا عينه"، هذا الهتاف الذي بات يجتاح مدرجات ملاعب المونديال، واحتفالات الجماهير العربية، بل وحتى الأجنبية في الشوارع القطرية احتفاءً بأداءات منتخباتها، فما قصة هذا الهتاف؟
ليس الهتاف حديث النشأة في مونديال قطر، وإن كان الجمهور السعودي قد ساهم بشكل كبير في انتشاره بكأس العالم، بعدما تغلب "الأخضر" على منتخب الأرجنتين بنتيجة 2-1 في بداية مباريات المجموعة الثالثة.
هتفت الجماهير السعودية في المدرجات وخارجها: "ميسي وينه.. كسرنا عينه"، في إشارة منها إلى الهزيمة غير المتوقعة التي مُني بها نجم نادي "باريس سان جيرمان"، ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني، ومثلت هذه الهزيمة واحدة من أبرز المفاجآت في بطولة كأس العالم.
ثم ما لبث أن اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات متعددة يظهر فيها جماهير يرددون نفس الهتاف، حتى بات واحدة من أبرز سمات الاحتفالات في المونديال.
تعود قصة شهرة هذا الهتاف إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2019، حينما لعب المنتخب الأردني مع نظيره "السوري" في المجموعة الثانية لكأس آسيا، وانتهت المباراة بفوز منتخب النشامة بنتيجة هدفين مقابل لا شيء.
قبل نحو عامين من هذه المباراة، التقى رئيس النظام في سوريا، بشار الأسد، بلاعبي منتخب كرة القدم، ووقع على ملابسهم والتقط صوراً معهم، وعبّر اللاعبون عن تأييدهم له، في وقت كانت تتعرض فيه مدن سورية لقصف من قوات النظام.
من بين لاعبي المنتخب الذي يطلق عليه معارضون سوريون اسم "منتخب الأسد"، كان اللاعب عمر السومة، وهو من محافظة دير الزور التي تعرضت لتدمير كبير جراء عمليات القصف.
شكل لقاء السومة مع الأسد مفاجأة لدى المعارضين للنظام والموالين له، إذ اعتُبر السومة من المؤيدين للاحتجاجات، وظهر في مقطع فيديو سابق وهو يحيي جماهير سورية كانت ترفع "علم الثورة" (وهو علم الجمهورية السورية الأولى التي قامت بعد استقلال سوريا عن الانتداب الفرنسي).
منذ تأييد لاعبي منتخب كرة القدم في سوريا للأسد، بات المعارضون السوريون يرفضون اعتباره منتخباً وطنياً، ويقولون إن اللاعبين يدعمون الأسد وجيشه الذين قتلوا المدنيين وهجروهم، ويطلقون عليه أيضاً اسم "منتخب البراميل"، في إشارة إلى البراميل المتفجرة التي كانت تلقيها طائرات النظام على المدن السورية.
في مباراة الأردن وسوريا عام 2019، شجع سوريون منتخب النشامة، وكان من بينهم الشاب السوري محمد شنبو الذي حضر المباراة مع جمهور الأردن داخل الملعب.
عندما انتهت المباراة، بدأ الشاب السوري بالهتاف محتفلاً: "السومة وينه كسرنا عينه"، لتشتعل بعد ذلك مدرجات الجمهور الأردني بترديد نفس الشعار، وتحوّل الفيديو الذي ظهر فيه الشاب السوري إلى "تريند" على شبكات التواصل الاجتماعي.
تردد صدى الهتاف لدى الجماهير السعودية، لكون السومة كان يلعب في نادي "الهلال" عندما خسر "المنتخب السوري" أمام نظيره الأردني، وبات مشجعو النوادي السعودية الأخرى المنافسة للسومة يستخدمونه أيضاً.
يقول بعض المغردين السعوديين إن الهتاف سبق أن رددته جماهير في المملكة في العام 2010.
جاء كأس العالم 2022 في قطر، وانتقل الهتاف من كونه هتافاً محلياً إلى هتاف يردده العرب والعجم، وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، هتاف الجماهير المغربية "ديبروين وينه كسرنا عينه"، بعدما حقق "أسود الأطلس" انتصاراً تاريخياً على بلجيكا، الأحد 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بنتيجة هدفين مقابل لا شيء.
الهتاف الذي يثير حماسة بين الجماهير، بات يُردد أيضاً على ألسنة جنسيات غير عربية، إذ انتشرت مقاطع فيديو لمشجعين برازيليين في قطر يهتفون: "ميسي وينه.. كسرنا عينه"، كما انتشر فيديو لمشجعين آسيويين يرددون الهتاف ذاته.
لم يكن الشاب السوري شنبو يعلم أن هتافه سيلقى طريقه إلى العالمية، وتعج صفحته على "فيسبوك" بإشارات من حسابات أخرى تذكّره بأن هتافه بات يُردد في ملاعب كرة القدم والمباريات التي يشاهدها ملايين الأشخاص حول العالم.