لا شكّ أنّ الكثير من متابعي كأس العالم قطر 2022 يعرفون حارس منتخب المكسيك غييرمو أوتشوا الذي يتألق دوماً خلال البطولة، وينتظر منه قيادة المكسيك للعب مونديالٍ جيد، لكنّ حارساً آخر في تاريخ المنتخب المكسيكي كان قد سبق غييرمو أوتشوا شهرة من خلال مسيرته الرائعة مع المنتخب المكسيكي وهوسه بالألوان إضافة إلى قدرته على حراسة مرمى فريقه وتهديد مرمى خصومه في الوقت نفسه! يتعلق الأمر بالحارس خورخي كامبوس الذي لعب في منصبين واشتهر بملابسه الملونة اللافتة للانتباه.
سجّل 35 هدفاً.. كامبوس حارس ومهاجم في الوقت نفسه!
وُلد الحارس المكسيكي جورج كامبوس في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1966، في مدينة أكابولكو المكسيكية، من عائلة ثرية تملك عدة مزارع للموز والكاكاو.
خلال سنة 1983، رفضت إحدى الفرق التي تلعب بالبطولة الوطنية الأولى التوقيع له لقِصَر قامته، والذي لم يكن يتجاوز 175 سنتيمتراً، لينتقل بعدها إلى فريق مدينته دلفين أكابولكو سنة 1984 وظلّ معه إلى غاية 1988، حيث لعب كمهاجم بديل.
في سنة 1988، كان كامبوس مع موعدٍ مع بداية مسيرته الحقيقية، من خلال انتقاله إلى فريق لاس بوماس، وهو الفريق الذي قضى به أكثر من نصف مسيرته الكروية.
عند انضمامه للنادي المكسيكي، كان حارس مرمى النادي هو أدولفو ريوس، أراد خورخي كامبوس الحصول على فرص الفريق الأول ولذا أراد أن يلعب دور المهاجم.
وبالفعل منحت لكابوس الفرصة لتغيير مركزه من حارس مرمى إلى مهاجم، واستطاع كامبوس أن يبرز مهاراته في مركزه الجديد، من خلال تميزه في موسمه الأول، حيث نجح في تسجيل 14هدفاً ونافس على لقب الهداف في البطولة خلال موسم 1989- 1990.
ورغم مهارته في التسجيل وإحرازه للأهداف، كان كامبوس يعشق حراسة المرمى، ويأمل أن يعود إلى منصبه الأصلي سريعاً، وهو ما كان في المواسم التالية مع ناديه لاس بالماس؛ حيث نجح في إثبات جدارته في حراسة مرمى الفريق واللعب أساسي، والفوز بالبطولة المكسيكية في موسم 1990-1991 مع فريقه لاس بوماس، على حساب غريمه المحلي كلوب أمريكا.
وبسبب تعدد مناصبه كان كامبوس لا يزال يُستخدم من طرف مدربه في العديد من مرات كمهاجم حين يعجز زملاؤه في التسجيل، حتى إنّ الرقم الذي كان يحمله في حراسة المرمى كان الرقم تسعة المعروف عند المهاجمين، حيث إنّه سجّل 35 هدفاً في مسيرته الكروية.
ملابس كامبوس تثير الجدل أكثر من منصبه
كان أسلوب كامبوس في حراسة المرمى فريداً بلا شك، وكان هدفاً سهلاً للازدراء والنقد، من خلال ملابسه اللافتة للأضواء؛ إذ يعد الزيّ الذي ارتداه حارس مرمى المكسيك خورخي كامبوس في نسختي 1994 و1998 الأكثر شهرة في تاريخ كأس العالم.
وتتميز ملابس كامبوس بألوانها الزاهية وغير المألوفة في الملاعب، وأكد كامبوس في الكثير من المرات أنه يصمم ثيابه بنفسه للتنفيس عن الآلام والمصاعب التي عاشها في طفولته.
كان كامبوس أشبه برجل سيرك مُزركش يقدم عروضه للجماهير داخل المستطيل الأخضر، فخلف القميص الملون، كان يتطوّر كامبوس ليصبح أحد أعظم حراس مرمى المكسيك.
ولم يكن دور كامبوس في الملعب بصفته حارساً للمرمى أو مهاجماً فقط، بل كان قائداً جيداً يجيد تنظيم دفاعه لتجنب تسجيل الأهداف، غالبًا ما كان يعمل على تنظيم وتحريك خط دفاعه من خلال توجيهاته للمدافعين، هذا التكتيك سوف يتكيف مع قدراته في حراسة المرمى ليغطي على قصر قامته.
في العام 1996، وعند انتقال كامبوس إلى الولايات المتحدة بالتوقيع مع فريق لوس أنجلوس جالاكسي، هناك أصبح كامبوس أول لاعب كرة قدم مكسيكي يتم توقيعه من قِبَل شركة Nike للألبسة الرياضية، إذ ظهر كحارس مرمى في إعلانها التجاري "Good vs Evil" إلى جانب لاعبين بارزين من أمثال إريك كانتونا وباولو مالديني وباتريك كلويفرت ولويس فيجو.
عاد كامبوس إلى المكسيك في 1999 ولعب بفترات طويلة مع بوماس وتيجريس وأخيراً في بويبلا، حيث اعتزل كلاعب في عام 2004، وهو نفس العام الذي فاز فيه بآخر مبارياته الدولية.
الحارس المجنون الذي لعب 130 مباراة مع منتخب المكسيك
على الصعيد الدولي بدأ خورخي كامبوس مسيرته الكروية مع المنتخب المكسيكي كحارس مرمى خلال بطولتين لكأس العالم 1994 و1998، وغاب عن نسخة إيطاليا 1990 بسبب إقصاء فيفا للمنتخب المكسيكي بسبب تزوير أعمار اللاعبين، كما شارك في دورة الألعاب الأولمبية عام 1996.
ساعد كامبوس المكسيك في الحصول على لقب الكأس الذهبية في عام 1996، وحافظ على شباكه نظيفة أمام البرازيل في المباراة النهائية.
في كأس العالم 1994 في أمريكا، كانت جماهير كرة القدم العالمية تحرص على مشاهدة مباريات المكسيك بسبب الحارس كامبوس وجنونه داخل الملعب، فقد كان يدعى بالحارس البهلوان.
عندما سُئل كامبوس عن سبب تركه المرمى والتوجه إلى الهجوم، قال كامبوس إنّه يفعل ذلك للمتعة، فهو يحب حراسة المرمى ويحب الهجوم ويريد فعل الأمرين بكل بساطة، لذلك كانت الجماهير المكسيكية تنظر إليه نظرة المجنون.
في نهاية مسيرته مع المنتخب المكسيكي سنة 2004، كان كامبوس قد لعب 130 مباراة دولية مع منتخب بلاده.
وبعد اعتزاله، دعاه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي للمشاركة في مباراة ودية لمساعدة الجمعيات الخيرية.
وفي إحدى اللقطات الشهيرة بتلك المباراة، انفرد ميسي أمام مرمى كامبوس، وسدد تسديدة قوية، ولكن كامبوس تصدى لها ببراعة.