جرت العادة مع كل بطولة لكأس العالم أن يشجع الجمهور المنتخبات العربية أو المنتخب المشارك في ذلك المونديال، باعتباره ممثلاً لكل العرب، وهناك شعور بالانتماء حوله، وبأنه يمثلهم من ناحية الهوية والثقافة واللغة.
إلا أنه لوحظ مؤخراً أن التشجيع العربي، خلال بطولة كأس العالم، لا يقتصر على المنتخبات العربية، بل يتعداها إلى نظيراتها الإفريقية والآسيوية، فخلال بطولة كأس العالم عام 2002، والتي استضافتها كوريا الجنوبية واليابان مناصفة، ومع خروج المنتخبين الممثلين للعرب آنذاك، والحديث هنا عن منتخبي تونس والسعودية، حدث هناك التفاف جماهيري عربي حول منتخبات مثل: السنغال، وحتى كوريا الجنوبية التي حققت مفاجأة كبيرة، بوصولها للنصف النهائي بعد إقصاء منتخبات إيطاليا وإسبانيا.
وفي مونديال 2006 كان هناك تعاطف كبير مع منتخب ساحل العاج خلال مواجهته منتخبي الأرجنتين وهولندا في مجموعته، ثم انتقل التعاطف إلى منتخب غانا الذي تأهل للدور الثاني وخرج من إيطاليا، وهو ذات المنتخب الذي حظي باهتمام كبير، وتشجيع في مونديال جنوب إفريقيا 2010، والذي بلغ فيه الدور ربع النهائي، وكان قريباً من نصف النهائي.
وفي مونديال روسيا 2018، وبعد توديع المنتخبات الأربعة الممثلة للعرب من دوري المجموعات، حظي المنتخب الياباني بتشجيع كبير في مباراة الثمن النهائي ضد بلجيكا، والتي خرج فيها اليابانيون في آخر لحظة، رغم تقدمهم في الشوط الأول بهدفين دون رد.
لماذا نشجع منتخبات إفريقيا وآسيا عندما تواجه منتخبات أوروبية؟
سؤال دائماً ما يجول في خاطري، خاصة عندما أستمع للأجيال القديمة، وحكاياتهم عن المنتخبات الإفريقية في كأس العالم، فهناك شعور جعلني أتساءل عن كمية الحب هذه للمنتخبات الإفريقية في كأس العالم، ويجعلنا أيضاً نتساءل عن سبب تعاطف الجماهير العربية معهم؟
أتذكر جيداً حادثة منتخب غانا في مباراته ضد الأوروغواي خلال مونديال 2010، حين أوقف اللاعب لويس سواريز في آخر لحظة حلم منتخب غانا في الوصول للنهائي، بعد صده هدفاً قاتلاً بيديه وطرده وتحول الهدف الغاني القاتل إلى ركلة جزاء، ضيعها نجم غانا جيان أسامواه.
وذهبت المباراة إلى ركلات الجزاء، وتأهلت الأوروغواي إلى نصف النهائي، ذلك السيناريو المجنون الذي تفاعلت معه الجماهير العربية، وكأن منتخباً عربياً هو الذي فشل في بلوغ نصف النهائي، وأخيراً الثناء والاحترام الذي حظي به المنتخب الكوري عندما أقصى ألمانيا في مونديال 2018.
الحقيقة أن تشجيعنا لتلك المنتخبات، لا يقتصر على كرة القدم، بل به بُعد اجتماعي، ونفسي، وواقعي، ففي الحياة اليومية دائماً ما يجد العربي نفسه يناصر الأشخاص المستضعفين، والمظلومين، والذين لم يحققوا بعد نجاحات كبيرة في مجالهم، رغم استحقاقهم لذلك.
هكذا ترى بعض الجماهير العربية منتخبات إفريقيا وآسيا في عالم كرة القدم مستضعفين في الرياضة، ولا ينالون ما يستحقونه من الإعلام الرياضي، رغم أن إفريقيا أصبحت تصدّر مواهب لكل بلدان أوروبا، وهناك بعض المواهب تلعب في أفضل الفرق الأوروبية، مثل: ساديو ماني ومحمد صلاح، وحكيم زياش وسون هيونغ مين نجم توتنهام، والقائمة تطول.
والسبب الثاني وراء تشجيع الجماهير العربية لتلك المنتخبات، حسب رأيي، ما تضيفه تلك المنتخبات من إثارة في المونديال، وثقافتهم الرائعة في كأس العالم بإيصال رسالة بأننا موجودون رغم قلة الإمكانات، وبساطة الحال التي تجمعنا بهم.
والآن وقبل أيام قليلة من انطلاق مونديال قطر 2022، وفي ضيافة عربية، هل ستحظى المنتخبات الإفريقية والآسيوية المشاركة بذلك التشجيع والاهتمام إلى جانب الفرق الأربع العربية المشاركة في البطولة؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.