تعتبر الرحلات الجوية من بين أكثر طرق السفر المفضلة عند الكثيرين، سواء لأنها توفر تجربة فريدة للمسافر، أو أنها وسيلة لتقليل المسافات الطويلة، وتسهيل الوصول من مكان إلى آخر.
إلا أنه في نفس الوقت تعتبر حوادث الطائرات من بين أكثر الحوادث التي تثير الخوف عند الكثيرين، الشيء الذي يجعلهم يرفضون اختيار الطائرة للتنقل، حتى وإن كانت أسرع.
وعلى مر السنين، شهد تاريخ الطيران العديد من حوادث الطائرات واختفائها، والتي أثارت حيرة المحققين وجذبت انتباه الجمهور حول العالم.
وقد كانت حوادث الطائرات هذه غريبة، ومخيفة، إذ بعضها كانت نهايتها غامضة، فيما تسبب أخرى في وفاة جميع الركاب، وعدم نجاة ولا شخص واحد.
1-حوادث الطائرات.. رحلة الخطوط الجوية الماليزية
في 8 مارس 2014، أقلعت الطائرة بوينغ 777-200ER التابعة للخطوط الجوية الماليزية برحلة رقم MH370 من مطار كوالالمبور الدولي في ماليزيا متجهة إلى مطار بكين العاصمة الدولي في الصين. كان تقل هذه الطائرة 227 راكباً و12 من أفراد الطاقم، من جنسيات مختلفة، قد تم الإقلاع على الساعة 00:41 بالتوقيت المحلي.
وبعد حوالي 38 دقيق من الرحلة، تواصل الطيار لآخر مرة مع مراقبة الحركة الجوية الماليزية، قبل أن ينقطع التواصل معهم بشكل كامل.
وقال الطيارة في رسالته الأخيرة: "ليلة سعيدة، ماليزيا 370″، بعد ذلك، تم إغلاق نظام الاتصال والإبلاغ عن بيانات الطائرة (ACARS) يدوياً.
بعد ثلاث دقائق فقط من الرسالة، أي على 01:22، وعندما كانت الطائرة فوق بحر الصين الجنوبي، بين الحدود الفيتنامية والماليزية، اختفت بشكل كامل من على شاشات الرادار المدنية.
وقد أظهرت البيانات العسكرية أن الطائرة غيرت مسارها إلى الغرب، وحلقت فوق شبه جزيرة ماليزيا، ثم اتجهت نحو الجنوب في المحيط الهندي.
تم الاستدلال على هذه البيانات من إشارات الأقمار الصناعية التي استمرت حتى الساعة 08:19، حيث يُعتقد أن الطائرة نفذت وقودها وسقطت في المحيط الهندي الجنوبي.
بدأت عمليات البحث على الفور، بمشاركة العديد من الدول، و تم تقسيم عمليات البحث إلى مراحل مختلفة، وهي البحث الأولي في بحر الصين الجنوبي، والبحث الجنوبي في الجزء الجنوبي من المحيط الهندي.
وفي يوليو 2015، تم العثور على قطعة جناح من الطائرة المفقودة في جزيرة ريونيون الفرنسية، تلت ذلك اكتشافات لقطع أخرى في موزمبيق ومدغشقر.
وقد أصبح حادث سقوط الطائرة هذا عبارة عن لغز محير، ما جعل العديد من النظريات والتكهنات تطفوا على السطح، في محاولة لفهم ما الذي حدث.
ومن بين هذه النظريات، هي احتمالية اختطاف الطائرة من قبل شخص ما على متنها، أو تعرضها لعطل مفاجئ تسبب في فقدان السيطرة عليها، أو أن الطيار غير مسار الطائرة بشكل متعمد بعد إغلاقه أنظمة الاتصال.
وحسب آخر تقرير رسمي صدر عن السلطات الماليزية بخصوص هذا الحادث، المصنف من بين أغرب حوادث الطائرات، في يوليو 2018، جاء فيه أن التلاعب اليدوي بأنظمة الطائرة أدى إلى تغيير مسارها، لكنهم لم يستطيعوا تحديد السبب أو المسؤول بشكل قاطع.
2- رحلة طائرة يو إس إيرويز 1549
في يوم 15 يناير من سنة 2009، أقلعت طائرة إيرباص A320 التابعة لشركة "يو إس إيرويز" الأمريكية، برحلة رقم 1549 من مطار لاغوارديا في نيويورك، متجهة إلى مطار شارلوت دوغلاس الدولي في كارولاينا الشمالية.
الطائرة كانت تقل 150 راكباً، بالإضافة إلى 5 أفراد من الطاقم، وقد أقلعت على الساعة 15:25 بالتوقيت المحلي.
لكن الطائرة لم تحلق كثيراً، وبعد ثلاث دقائق فقط، وعندما كانت على ارتفاع 850 متراً على سطح الأرض، اصطدمت بقطيع من الطيور، ما أدى إلى تعطل كلا المحركين.
أبلغ الطيار مراقبة الحركة الجوية مباشرة بفقدان السيطرة على المحركات وطلب الإذن للعودة إلى مطار لاغوارديا أو الهبوط في مطار قريب في نيوجيرسي.
لكن بعد تقييم الوضع وإدراك أن الطائرة لن تستطيع الوصول إلى أي مطار قريب، قرر الكابتن الهبوط الاضطراري في نهر هدسون.
وبفضل خبرة ومهارة الطيار، تمكن من إجراء هبوط ناعم نسبياً على سطح الماء في نهر هدسون، ليتم الهبوط بشكل سلس على تمام الساعة 15:31.
بدأت عملية إخلاء الطائرة فوراً، حيث فتحت أبواب الطوارئ ونفخت أطواق النجاة، لكن المياه كانت باردة، وكانت تمثل خطراً كبيراً على الركاب، لكنهم نجحوا في الخروج بسرعة.
وبعد دقائق من النزول، وصلت قوارب الإنقاذ التابعة لخفر السواحل والعبارات المدنية، حيث تم إنقاذ جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 155 شخصاً.
و رغم الحادث المروع، كانت الإصابات طفيفة نسبياً، حيث أصيب عدد من الركاب بجروح خفيفة جراء الاصطدام أو التعرض للمياه الباردة، لكن لم يكن هناك أي وفيات.
وحسب التحقيقات التي أجراها
التحقيقات والاستنتاجات المجلس الوطني لسلامة النقل الأمريكي، أكد أن الاصطدام بقطيع من طيور الإوز الكندي أدى إلى تعطل المحركين.
وقد تم الاشادة في التقرير بالكابتن ومساعده، لأدائهم الممتاز في ظروف طارئة وضاغطة، وأكد أن تصرفهم السريع والمهني كان حاسماً في نجاة الجميع.
و في عام 2016، أُنتج فيلم بعنوان "Sully" من إخراج كلينت إيستوود وبطولة توم هانكس، استعرض الحادثة والتحديات التي واجهها الطيار بعد الحادث.
3- رحلة طائرة خطوط إير فرانس 447
في الأول من يونيو 2009، كانت رحلة الخطوط الجوية الفرنسية 447، في طريقها من ريو دي جانيرو إلى باريس عندما اختفت بشكل مفاجئ فوق المحيط الأطلسي.
كان على متن الطائرة التابعة لشركة "اير فرانس"، 216 راكباً و12 فرداً من الطاقم، وقد أقلعت على الساعة 19:29 بتوقيت البرازيل.
كانت الرحلة تسير بشكل طبيعي، إلى حدود الساعة 01:35 بتوقيت غرينتش عندما بدأت الطائرة تدخل منطقة من العواصف فوق المحيط الأطلسي.
واجهت الطائرة عاصفة جد قوية، إلى غاية الساعة 02:10، عندما تعطل نظام الاوتو بايلوت (الطيار الآلي) بسبب تجمد مجسات قياس السرعة، مما أجبر الطيارين على الانتقال إلى التحكم اليدوي.
لكن واجه الطيارون صعوبة كبيرة في التحكم اليدوي، الشيء الذي تسبب في صعود الطائرة بشكل حاد، وفقدان السيطرة عليها بشكل كامل.
خلال الدقائق الأخيرة، كانت الطائرة في حالة سقوط حر، حيث لم يتمكن الطيارون من استعادة السيطرة، لتختفي بعد ذلك من على شاشات الرادار في تمام الساعة 02:14، وتحطمت في المحيط الأطلسي.
بدأت عمليات البحث فوراً بعد اختفاء الطائرة، واستمرت لعدة أيام بمشاركة فرق من دول عديدة، وقد تم العثور على حطامها وبعض الجثث الطافية على سطح المحيط يوم 6 يونيو 2009.
ومع ذلك استمرت عمليات البحث تحت الماء حتى شهر مايو من سنة 2011، عندما تم العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة.
وقد تولت هيئة الطيران الفرنسية (BEA) التحقيق في الحادث، الذي استمر لأكثر من عامين، وتوصلت النتائج إلى أن تجمد مجسات قياس السرعة أدى إلى تعطيل نظام الاوتو بايلوت، فيما كانت رد فعل الطيارين غير مناسبة، مما أدى إلى فقدان السيطرة على الطائرة.
وبسبب هذا الحادث، حدثت تغييرات كبيرة في إجراءات الطيران والتدريب، وتحديث مجسات قياس السرعة المستخدمة في الطائرات، وتحسين أنظمة التدريب والتواصل بين الطيارين.
4- رحلة طائرة الخطوط الجوية الهندية 182
في 23 يونيو 1985، كانت رحلة الخطوط الجوية الهندية 182، على متنها 329 شخصا، في طريقها من مونتريال إلى نيودلهي عبر لندن، عندما انفجرت فوق المحيط الأطلسي قبالة سواحل أيرلندا.
أقلعت الطائرة على الساعة 07:14 بتوقيت غرينتش، تم فقدان الاتصال بالطائرة بينما كانت فوق المحيط الأطلسي.
فور اختفاء الطائرة، بدأت عمليات البحث والإنقاذ بمشاركة فرق من عدة دول، وقد كان السبب في ذلك هو انفجارها في السماء بسبب قنبلة وضعت في قسم الأمتعة.
وقد كان الانفجار كفيلا بتدمير الطائرة بالكامل، ووفاة كل من فيها، من ركاب وطاقم الطائرة، وقد سقط الحطام في المحيط.
تم العثور على بعض الحطام وأشلاء الضحايا على سطح المحيط الأطلسي قرب سواحل أيرلندا، وقد استمرت عمليات البحث لعدة أيام في محاولة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجثث والحطام.
وقد تولى مجلس سلامة النقل الكندي (TSB) والشرطة الملكية الكندية (RCMP) التحقيق في الحادث.
وأشارت النتائج النهائية إلى أن الإنفجار كان من تنفيذ جماعة تسمى "بابار خالصا"، وقد تم إلقاء القبض على الأشخاص المتورطين وتقديمهم للمحاكمة.
في عام 2005، أي بعد عشرين سنة على الحادث، تم تبرئة المتهم الرئيسي، ولكن استمرت التحقيقات والبحث عن المتورطين الآخرين.
وقد كان حادث إنفجار الطائرة هذا سبب في زيادة التركيز على أمن الطيران ومراقبة الأمتعة، وكذا تعزيز الإجراءات الأمنية في المطارات، خوفا من حوادث الطائرات، خاصة فيما يتعلق بفحص الأمتعة والتأكد من هوية الركاب.