لعنة صدام تطال ضابطاً عراقياً، هذا ما يمكن أن يوصف به حال الضابط العراقي الذي اشتكى، لوزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، حسبما تداول نشطاء عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي ، يوم الثلاثاء 27 فبراير/شباط 2024، مقطع فيديو له، اشتكى فيه للمسؤول العراقي من وقف ترقيته سنوات طويلة بسبب أن اسمه صدام على اسم الرئيس العراقي الراحل.
لعنة صدام تطارد ضابطاً عراقياً
الضابط اشتكى في مقطع الفيديو لوزير الدفاع العراقي ثابت العباسي من عدم ترقيته في العمل منذ 8 سنوات بسبب اسمه، وكأن "لعنة" اسم الرئيس الراحل صدام حسين تطارده. وقال: "لم أترقّ منذ 8 سنوات. من الـ2006 وحتى 2013، لأن اسمي صدام". فيما استجاب وزير الدفاع لطلب الضابط بالترقية، في حين شكره الأخير.
السلطات العراقية لم تتوقف عن استهداف أعضاء الحزب الحاكم في عهد صدام حسين، حيث كثيراً ما تعتقل أعضاء في حزب البعث العراقي، وكان آخرها، ما أعلن عنه جهاز الأمن الوطني في العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2024، عن القبض على 24 متهماً بالترويج لحزب البعث المنحل.
وقال الجهاز في بيان له، إنه "بعد ورود معلومات استخبارية دقيقة عن وجود نشاطات ترويجية لحزب البعث المحظور في مناطق متفرقة من العراق، شرعت مفارز جهاز الأمن الوطني بحملة واسعة النطاق لمتابعة الموضوع والتحري عن المتورطين".
وأوضح أن "الحملة بدأت في محافظة كركوك، ومن خلال الجهد الاستخباري وتعاون المواطنين في الإبلاغ عنهم، توصلت المفارز إلى 13 متهماً ممن لديهم انتماءات ونشاطات ترويجية لحزب البعث المنحل، ما أدى إلى الإطاحة بهم واحداً تلو الآخر".
ولفت الجهاز إلى أن "الحملة شملت أيضاً محافظات الأنبار، وبغداد، وكربلاء، ونينوى، بعد أن كثفت المفارز من جهودها الميدانية، ليتم الاستدلال عنهم والقبض على 11 متهماً خلال ساعات قليلة، بعد ظهور أفراد منهم في مقاطع مصورة تتضمن التمجيد للنظام البائد، وقيام آخرين بلصق المنشورات الترويجية المحظورة ببعض الأماكن العامة".
وتابع أن "عمليات إلقاء القبض تمت بناءً على أوامر قضائية، وفقاً لأحكام ومواد قانون حظر حزب البعث المنحل رقم 32 لسنة 2016، حيث أُحيل جميع المتهمين إلى الجهات القضائية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
العراق يحظر حزب صدام حسين
يذكر أن الدستور العراقي الدائم لعام 2005، قد حظر حزب البعث الصدامي في وقت أصدر فيه البرلمان العراقي عام 2016، قانوناً يجرم الانتماء لحزب البعث والترويج له ويعاقب من يقوم بذلك.
وفي الوقت الذي لم يوضح فيه بيان الأمن الوطني الأسباب التي أدت إلى قيام هذه المجاميع بالترويج للبعث، فإن حالات من هذا النوع غالباً ما ترتبط بمناسبات كان يتم الاحتفال بها على عهد النظام السابق.
جدير بالذكر أن "الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث"، أنشئت بقانون صادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم الأمريكي بول بريمر في 16 أبريل/نيسان 2003 لاجتثاث هيكل حزب "البعث" في العراق، "وإزالة قيادته في مواقع السلطة".
وكانت وظيفتها تقوم على توفير معلومات تكشف عن هوية "البعثيين" من ذوي درجات عضوية محددة (عضو فرقة فما فوق)، ليتم فصلهم من مرافق الدولة.
فتم وفقاً لذلك، حل الجيش وطرد آلاف المدرسين والموظفين من وظائفهم، وحرمان المشمولين من تولي الوظائف الحكومية. كما ينص الدستور العراقي، الذي أقر سنة 2005 على أن إلغاء هذا القانون وحل الهيئة الخاصة به، يكون بأغلبية عدد أعضاء البرلمان.
غير أنه جرى تعديل القانون في عام 2008، بضغوط الولايات المتحدة التي كانت تحتل العراق آنذاك، من خلال قانون يحمل اسم "المساءلة والعدالة"، لتخفيف القيود المفروضة على المشمولين.
وبموجب القانون المعدل، يُحظر على المشمولين (عضو فرقة فما فوق) تقلد منصب مدير عام فما فوق، وإحالة أصحاب الوظائف الرفيعة منهم إلى التقاعد.
يشار إلى أنه على مدى 17 عاماً، كانت القوى السنية العراقية تصوب نحو القانون وتطالب بإلغائه أو حذف المواد التي تسمح للأحزاب باستغلالها ضدهم، لا سيما في ملف الانتخابات بمنع مرشحين سنة من خوض سباق نحو البرلمان.
ما هو حزب صدام حسين؟ حزب البعث
حزب قومي يتبنى الفكر الاشتراكي، ظل يحكم العراق حتى الغزو الأمريكي في 2003، وتم إعدام زعيمه الرئيس العراقي صدام حسين في 2006. وقد عَيَّن الحزب -رغم حله- عزت الدوري على رأس أمانته العامة.
أعلن عن تأسيس حزب البعث أول الأمر في سوريا في أبريل/نيسان 1947 على يد ميشيل عفلق -الذي عُيِّن رئيساً له في ذلك الوقت- وصلاح البيطار وجلال السيد ووهيب الغانم.
يتبنى الحزب التوجه القومي العربي والفكر الاشتراكي، وقد أعلن في مؤتمره الأول عام 1947 عن ثلاثة أهداف، وهي النضال ضد الاستعمار من أجل تحرير الوطن، والعمل على توحيد العرب في دولة واحدة ذات سيادة، وبعث الواقع العربي عن طريق الانقلاب على ما يسوده من فساد. ورفع شعاره المشهور "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة".
في 14 يوليو/تموز 1958 وقع انقلاب على الملكية بقيادة عبد السلام عارف، فقتل الملك فيصل الثاني وولي عهده عبد الإله ونوري السعيد رئيس الوزراء وغيرهم، وانتهى عهد الملكية ودخل العراق دوامة الانقلابات العسكرية التي استمرت عقداً من الزمن (1958-1968).
كان الحزب الشيوعي العراقي صاحب الكلمة العليا في الانقلاب وأصبح عبد الكريم قاسم زعيماً للعراق، ولم تفلح مساعي ميشيل عفلق في يوليو/تموز 1958 في إقناع أركان النظام الجديد بالانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) بسبب رفض الحزب الشيوعي العراقي ذلك الأمر.
نجح ضباط بعثيون في انقلاب دموي ضد الرئيس عبد الكريم قاسم في 8 فبراير/شباط 1963، وتحالفوا مع ضباط ناصريين وشكلوا حكومة ائتلاف تحت رئاسة عبد السلام عارف.
وعرفت تلك الحكومة صراعاً بين جناحين من حزب البعث، معتدل ومتشدد، فقام عبد السلام عارف رجل الانقلاب القوي بإبعاد البعثيين المتشددين وعيَّن في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1963 أحمد حسن البكر أحد الضباط البعثيين المعتدلين نائباً لرئيس الجمهورية.
أسقط البعثيون نظام عارف في سبتمبر/أيلول 1966، كما قام حزب البعث العراقي بإقصاء كل من تعاون معه من غير العناصر البعثية في الانقلاب على عارف في 30 يوليو/تموز 1968، وتمَّ تعيين أحمد حسن البكر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للجيش، وأصبح صدام حسين نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ومسؤولاً عن الأمن الداخلي.
صدام حسين رئيساً للعراق
في يونيو/حزيران 1979 أصبح صدام حسين رئيساً للجمهورية العراقية بعد إعفاء البكر من جميع مناصبه، وحرص صدام حسين على أن يكون الجناح البعثي العراقي الرائد على مستوى العالم العربي، لكن البعثيين في سوريا لم يعترفوا له بذلك.
أسس الحزب في العراق 22 فرعاً، وحدد عضوية الحزب في خمسة مستويات: عضو تحت التمرين، ونصير درجة ثانية، ونصير درجة أولى، ومؤيد، وصديق. ويعاقب العضو بالإعدام إذا جمع مع انتسابه للبعث انتساباً آخر، أو ثبتت عليه تهمة الخيانة للحزب.
تحكم الحزب في كل مفاصل السلطة بالعراق إلى غاية الغزو الأمريكي الذي بدأ في 20 مارس/آذار 2003.
وفي مايو/أيار 2003 أعلن المدير الإداري لما كان يعرف باسم السلطة الائتلافية المؤقتة في العراق، الأمريكي بول بريمر، حلَّ حزب البعث العراقي وإلغاء جميع هياكله وإقصاء قياداته من السلطة بما يضمن عدم عودتهم إليها، وتشكلت الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث، والتحقيق مع كل من سيتولى الوظائف العامة للتأكد من أي صلات محتملة مع الحزب.
بعد إعدام صدام حسين شنقاً في 31 ديسمبر/كانون الأول 2006، سُمِّي عزت الدوري النائب السابق للرئيس العراقي الراحل صدام حسين أميناً عاماً لحزب البعث، وبقي حزب البعث يصدر بيانات بين الحين والآخر بشأن القضايا الداخلية والخارجية.
في يوليو/تموز 2010 أعلن عزت الدوري في تسجيل صوتي منسوب له أن حزب البعث هو الحاضن للمقاومة العراقية بجميع أطيافها، وفي 2012 تعهد الدوري باستمرار المقاومة المسلحة "حتى التحرير الكامل وعودة العراق إلى دوره العربي والإسلامي".
وفي أبريل/نيسان 2012 الذي صادف ذكرى تأسيس حزب البعث، ظهر الدوري في تسجيل مرئي أكد فيه أن حرب حزب البعث أصبحت ضد إيران ونفوذها في العراق. كما أكد في تسجيل مرئي آخر في يناير/كانون الثاني 2013، أن حزب البعث يؤيد الاحتجاجات العراقية في الأنبار والمدن الأخرى.
أصدرت قيادة حزب البعث في يوليو/تموز 2014 بياناً اعتبرت فيه "تنظيم داعش"، "منظمة إرهابية صنيعة قوى الشر، وتحمل مشروع إجهاض الثورة الشعبية العارمة التي يشهدها العراق". وأعلنت أنها "ستقف بوجهها بقوة ولن تسمح لعناصرها التخريبية الغوغائية أن تحبط أمل الخلاص الأخير من إيران وأمريكا والخونة التابعين لها".