منذ العصور القديمة شهدت فلسطين وبيت المقدس العديد من الأحداث التي أثرت في وعي الإنسانية جمعاء وكانت محوراً للأحداث الدينية والتاريخية.. وقد أصبح حديث الرسول عن فلسطين و الأحاديث النبوية التي تتحدث عن القدس ذات أهمية خاصة لدى المسلمين، حيث يعتبرونها مصدراً للإلهام وتوجيههم للطريق الصحيح فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين في الأرض المقدسة ودعمهم في نضالهم من أجل استعادتها.
فماذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن فلسطين؟ وما هو حديث الرسول عن فلسطين وبيت المقدس؟ وما هي الأدعية التي يمكن أن نستقيها من أحاديث الرسول وندعي بها لفلسطين والقدس؟
حديث الرسول عن فلسطين
أحاديث قدسية لرسول الله
يعتبر المسجد الأقصى مكاناً مقدساً لدى المسلمين، حيث يرتبط بأحداث هامة في تاريخ الدين الإسلامي. ويُعتقد أنه كان موقعاً لمسجد قبل إسلام المسلمين، ولكنه أصبح مسجداً إسلامياً بعد الإسراء والمعراج، حيث روى القرآن الكريم في سورة الإسراء أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أُسريَ به من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس.
وقد ربط حديث الرسول عن فلسطين البُراق بالحلقة التي رُبطت بها الأنبياء، ثم دخل المسجد الأقصى وصلى فيه ركعتين، قبل أن يُعرج به إلى السماء في معراجه.. هذا الحديث يُظهر القدسية الخاصة التي يتميز بها المسجد الأقصى في الإسلام، كما يُظهر أهمية الارتباط الروحي والتاريخي بين النبي محمد وبيت المقدس.
لذا، يُعتبر الارتباط الذي جمع بين النبي محمد وبيت المقدس دليلاً قاطعاً على أهمية ومكانة هذا المكان في الإسلام، وكذلك يُظهر تأكيداً للروابط التاريخية والروحية بين المسلمين والقدس كعاصمة فلسطين وموطن للمقدسيين.
ومما يدلّ على فضل المسجد الأقصى من السُنّة ما رواه أبو هريرة رَضِيَ الله عَنْهُ: "تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا".
وفي لفظ من رواية أبي سعيد رَضِيَ الله عَنْهُ قال: "قال رسول الله ﷺ: لا تشد الرّحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام وإلى مسجدي وإلى بيت المقدس".
وعن أبي ذر، رَضِيَ الله عَنْهُ، من حديث الرسول عن فلسطين : "قُلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً. قال: المسجد الحرام. قال: قلت ثم أي. قال: المسجد الأقصى، قال: قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. قال: فأيهما أدركتك الصلاة فصلّ فهو مسجد".
وعن عمران بن الحصين قال: "قلت يا رسول الله ما أحسن المدينة، قال: كيف لو رأيت بيت المقدس، قلت: وهو أحسن؟ فقال النبي ﷺ: "وكيف لا يكون وكل من بها يزار ولا يزور وتهدي إليه الأرواح ولا يُهدى روح بيت المقدس إلا إلى الله تعالى أكرم المدينة وطيبها بي وأنا فيها حيّ، وأنا فيها ميت، ولولا ذلك ما هاجرت من مكة فإني ما رأيت القمر في بلد قط إلا وهو بمكة أحسن".
وقال كعب: "لا تقوم الساعة حتى يزور البيت الحرام بيت المقدس فيقادان إلى الجنة جميعاً وفيهما أهلهما والعرض والحساب بيت المقدس".
وعن ابن عباس رَضِيَ الله عَنْهُ قال: "قال رسول الله ﷺ من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس وبيت المقدس من جنة الفردوس".
فضل الصلاة في القدس
وروى زياد بن أبي سودة عن أخيه عثمان بن أبي سودة عن ميمونة بنت سعد، مولاة رسول الله ﷺ، أنها قالت: "يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس. فقال: أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة [فيه] كألف صلاة [فيما سواه]. قلت: يا رسول الله فمن لم يستطع أن يأتيه. قال: فليهد إليه زيتاً يُسرج في قناديله فإن من أهدى له زيتاً كان كمن أتاه".
وعنها أنها قالت: "قلت يا رسول أفتنا في بيت المقدس. فقال: ائتوه فصلوا فيه. قالت يا رسول الله فكيف والروم إذ ذاك فيه: قال: فإن لم يستطيعوا فابعثوا بزيت يُسرج في قناديله".
و من حديث الرسول عن فلسطين : "من أسرج في بيت المقدس سراجاً لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام ضوؤه في المسجد".
وقال كعب: من أنفق في عمران بيت المقدس وقاه الله المؤتلف والمتآلِف وسنى في أجله وأحياه الله الحياة الطيبة وقَلَبَه منقلباً كريماً، ومن أنفق في بيت المقدس أجاب الله دعاءه وكشف حزنه وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
وقال ﷺ: "إن خيار أمتي تهاجر هجرة بعد هجرة إلى بيت المقدس، ومَن صلّى في بيت المقدس بعد أن يتوضأ ويسبغ الوضوء ركعتين أو أربعاً غفر الله له ما كان قبل ذلك".
و من حديث الرسول عن فلسطين : يطلع الله كل صباح إلى سكان بيت المقدس فَيدرّ عليهم من رحمته وحنانه ثم يدرّه على سائر البلدان.. وفي موضع آخر: "والطّل الذي ينزل على بيت المقدس شفاء من كل داء".
وقال النبي ﷺ لأبي عبيدة بن الجراح رَضِيَ الله عَنْهُ: "النجاء النجاء إلى بيت المقدس إذا ظهرت الفتن. قال: يا رسول الله فإن لم أدرك بيت المقدس. قال: فابذل واحرز دينك". وفي لفظ: "فابذل مالك واحرز دينك".
نهاية اليهود ومستقبل بيت المقدس في الحديث النبوي
وعن نهاية اليهود ومستقبل بيت المقدس في حديث الرسول عن فلسطين روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة: "أن رسول الله ﷺ قال: لا تقوم السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ".
وفي رواية أخرى في صحيح مسلم عن حديث الرسول عن فلسطين: حَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عن ابي هريرة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قالَ: " لا تَقُومُ السّاعَةُ حتّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلّا الغَرْقَدَ، فإنّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ..".
وفي هذا الحَديثِ يخبر النبي الصّادِقُ محمد ﷺ بعَلامةٍ مِن عَلاماتِ قِيامِ السّاعةِ، وهي قِيامُ حَربٍ بيْن المُسلِمينَ واليَهودِ، فيَقولُ ﷺ: "لا تَقُومُ السّاعةُ حتى تُقاتِلوا اليَهودَ"، وذلك عِندَما يَنزِلُ عيسى ابنُ مَريمَ عليه السَّلامُ، ويَكونُ المُسلِمونَ معه، واليَهودُ مع الدَّجّالِ.
وفي هذه الحَربِ يَتعاوَنُ كُلُّ شَيءٍ مع المُجاهِدينَ المُسلِمينَ، حتّى تَتكَلَّمُ الجَماداتُ مِنَ الحَجَرِ ونَحوِه، كُلَّما اختَبَأ يَهوديٌّ وَراءَ شَيءٍ منها تَكَلَّمتْ ونادَتْ على المُسلِمِ فقالَتْ: يا مسلمُ، هذا يَهوديٌّ وَرائي، تَعالَ فاقتُلْه.
وقال رسول الله ﷺ: "لا تَزالُ عِصابةٌ من أُمَّتي يقاتِلونَ على الحقِّ، لا يَضُرُّهم مَن خالفهم، حتى تأتيَهم الساعةُ، وهم على ذلك". الألباني في صحيح الجامع (٧٢٩٥) إلى مسلم.