بدأت العديد من الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية وفي عدد من بلدان العالم، حتى العملاقة منها، تستخدم ما بات يطلق عليه "حجرات الخصوصية" التي تشبه أكشاك الهاتف الصغيرة وقد ظهرت في المكاتب لتوفير ملاذات هادئة يمكن للموظفين فيها إجراء المكالمات والمحادثات الحساسة مع زوجاتهم وأزواجهن أو مع الطبيب أو المعلم في مدرسة أطفالهم.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الخميس 18 يناير/كانون الثاني 2024، فإن هذه الحجرات خلفت ردود أفعال متباينة بين من يلقي اللوم عليها أو يُشيد بها، بسبب زوال الثرثرة في المكاتب.
مكان هادئ
جيل من العمال الذين اعتادوا في أثناء الجائحة على العمل في مساحاتهم الهادئة اعتمدوا هذه الحجيرات كملجأ من صخب المكاتب ذات المخطط المفتوح. وبينما كان من الممكن أن يتوقع موظفو المكاتب في الولايات المتحدة سماع بعض الأحداث من الحياة الشخصية للآخرين، أصبح الأمر كله الآن عملاً تجارياً.
قال ديفيد وودنيكي، استراتيجي المبيعات الرقمية، متحدثاً من حجيرة من هذه الحجيرات في مكاتب شركة "لينكد إن" في مبنى إمباير ستيت في نيويورك: "هذه هي فائدة هذه الحجيرات. لقد أنهت جميع المحادثات الشخصية في الأماكن العامة للعمل. حياتك، أطفالك، تحديد موعد مع الطبيب. كل هذا الآن لا يجري على الملأ".
كانت هناك شكوكٌ حول إمكانية إرساء الهدوء في مكاتب العمل. قال ديفيد ويتنغ، الشريك في إحدى وكالات التسويق الرقمي، لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية: "يأتي الناس لعقد اجتماعات كبيرة من حين لآخر، ولكن في بقية الوقت، يريدون مكاناً خاصاً هادئاً لإجراء مكالمة عبر تطبيق زووم".
من أجل مزيد من التركيز
من جانبه، قال كريس شمبرا، المستشار الذي يلقي خطابات حول "الاتصال في مكان العمل"، إن الدراسات أظهرت أهمية "تلك الدردشات العابرة".
كما أشار إلى دراسة أجراها مارك غرانوفيتر، عالم الاجتماع في جامعة ستانفورد في العام 1973، والتي "أثبتت أن المعلومات الحيوية تُدمَّر بشكل أفضل عبر شبكة اجتماعية من خلال سلسلة من الروابط الضعيفة أو البعيدة".
كذلك، اعتبر شيمبرا أن الاقتراح هو أن المحادثات غير الرسمية، أو الاستماع إلى شخص ما عبر الهاتف، يمكن أن تكون مفيدة لتوليد الإبداع والأفكار الجديدة. لكنه شعر أن الشركات يمكنها تحقيق ذلك بطرق أخرى، في حين أتاحت الحجيرات للموظفين فرصةً أكبر للتراجع عندما يحتاجون إلى ذلك، للتركيز على مهمة واحدة.
"لا نميمة بعد"
أما آشلي أتريب، رئيسة قسم التعليم في شركة الإعلام Workweek، فقد شعرت أن الحجيرات ساعدت في "التخفيف من ثقافة النميمة والتحدث خلف ظهور الآخرين".
فيما يعتقد زميلها، بن برادبري، الذي يدير إنتاج الفيديو والبودكاست في الشركة، أن الثرثرة في المكتب لا تزال حيَّة، رغم وجود الحجيرات.
في مبنى إمباير ستيت بالأمس، قال وودنيكي، 44 عاماً، إن الحجيرات كانت جميعها مشغولة على الدوام؛ لدرجة أنه اضطر إلى البحث في جميع أنحاء المكتب للعثور على واحدة فارغة. لكنه لا يعتقد أن الحجيرات أوقفت التدفق الحر للثرثرة والنميمة في المكتب.