في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من 90 يوماً على التوالي، مع قصف عشوائي للمدنيين، أسفر عن استشهاد ما يزيد على 22 ألف شخص، إضافة للحصار المدقع للقطاع، بحرمانه من الغذاء والوقود والماء والكهرباء، يجد مئات الآلاف من الفلسطينيين أنفسهم أمام معضلة وجودية حادة.
إذ تشتد الأزمة بشكل خاص فيما يتعلق بإيجاد مصادر لمياه الشرب النظيفة، ما اضطر العديد من الناس للبحث عن بدائل أو حلول لتعويض هذا الأمر، ووصل الأمر بالبعض للتفكير في استهلاك ماء البحر دون تحلية.
وبالرغم من اعتقاد العديد من الناس أن استهلاك ماء البحر ربما يكون أهون وأقل ضرراً من العطش التام، لكن الحقيقة هي عكس ذلك، إذ يمكن للمياه المالحة أن تشكل خطراً صحياً حاداً على حياة البشر.. فيما يلي نستعرض تأثير استهلاك ماء البحر دون تحلية على صحة الجسم.
ما مخاطر شرب ماء البحر على الصحة والجسم؟
تحتوي مياه البحار والمحيطات على معدلات عالية بشكل طبيعي من الملح.
وعندما يشرب الإنسان ماء البحر، فإن خلاياه تستقبل الماء والملح معاً، وتحاول الأعضاء هضمهما بالطرق المعتادة.
وفي حين أن البشر يمكنهم تناول كميات صغيرة من الملح بأمان، فإن محتوى الملح في مياه البحر أعلى بكثير مما يستطيع جسم الإنسان أن يعالجه.
بالإضافة إلى ذلك، عندما يستهلك الشخص الملح كجزء من نظامه الغذائي اليومي، فهو يعوض هذه الأملاح عبر شرب السوائل أيضاً، مما يساعد على تخفيف الملح والحفاظ عليه في مستوى صحي لكي لا يضر بالأعضاء.
إذ تعتمد الخلايا الحية على كلوريد الصوديوم (الملح) للحفاظ على التوازنات والتفاعلات الكيميائية في الجسم؛ ومع ذلك، فإن الكثير من الصوديوم يمكن أن يكون مميتاً.
حمل زائد على الكلى
بشكل عام، تستطيع الكلى البشرية إنتاج بول أقل ملوحة من الماء المالح للبحار والمحيطات. لذلك، للتخلص من الملح الزائد بالجسم، الذي يتم تناوله عن طريق شرب مياه البحر دون تحلية، يجب على الشخص أن يتبول كمية من الماء أكثر مما يشربه. وفي نهاية المطاف، قد يموت الشخص من الجفاف.
وبالتالي إذا كنت تستهلك مياه البحر بعرض إرواء العطش بديلاً عن الماء العذب، فإن نتائج التناضح ستكون كارثية؛ إذ إن ملوحة مياه البحر تعادل 4 أضعاف ملوحة سوائل الجسم.
لذا، إذا استهلك الشخص مياه البحر بكثرة، فهو في الواقع لا يستهلك أي مياه، بل على العكس، يخسر المزيد من رطوبة الجسم الطبيعية، وبالتالي يتكبد خسارة إضافية، مما يؤدي إلى استنفاد سوائل الجسم، وتشنجات العضلات، وجفاف الفم، والشعور بمزيد من العطش.
رد فعل الجسم بعد استهلاك الماء المالح قد يكون مميتاً
في تلك الحالة، سيحاول الجسم تعويض فقدان السوائل عن طريق زيادة معدل ضربات القلب وتضييق الأوعية الدموية؛ للحفاظ على ضغط الدم وتدفقه إلى الأعضاء الحيوية.
ومن المرجح أيضاً أن تتسبب هذه التداعيات في شعور الشخص بالغثيان والضعف وحتى الهذيان. وعندما يصبح الجسم أكثر جفافاً، تفشل آلية التكيف لديه، ويتلقي الدماغ والأعضاء الأخرى كمية أقل من الدم، مما يؤدي إلى الغيبوبة وفشل الأعضاء، وصولاً إلى الموت في نهاية المطاف.