داخل السجون الإسرائيلية يوجد العديد من الفلسطينيين من ذوي المحكوميات الطويلة مثل أحمد المغربي، والتي يتجاوز أغلبها آلاف السنين، وذلك لاتهامهم بالقيام بالعديد من العمليات التي قُتل فيها عدد من الإسرائيليين، من بينهم عبد الله البرغوثي، صاحب أعلى مدة حكم في العالم، وآخرون، والذين يرفض الاحتلال تسليمهم في أي صفقة لتبادل الأسرى بينه وبين المقاومة الفلسطينية.
مِن بين الأشخاص الذي يرفض الاحتلال تسليمهم نجد الأسير أحمد المغربي، الذي اعتُقل سنة 2002، والذي تعرَّض للعديد من التعذيب والعزل داخل سجون الاحتلال.
مَن هو الأسير الفلسطيني أحمد المغربي؟
أحمد يوسف المغربي، فلسطيني وُلد في مخيم عين الحلوة بلبنان، في 24 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1974، وهو الابن الأكبر لعائلته، حصل أحمد المغربي على شهادة الثانوية العامة في ليبيا، ثم درس إدارة الأعمال، إلا أنه لم يتمكن من إتمام دراسته بسبب ظروفه الصعبة، ليعود بعدها إلى فلسطين سنة 1996.
في إحدى زوايا مخيم الدهيشة ببيت لحم استقرَّ المغربي مع عائلته بحثاً عن حياة أفضل. كانت رحلته تبدأ عام 2000، حيث قرر الالتحاق بدراسة الهندسة، ومع أنه كان يحمل أحلاماً كبيرة في مجال العلم فإن الظروف الصعبة ألقت بظلالها على مستقبله.
فقد تغيَّرت مسارات حياته بعد استشهاد شقيقه محمود، ما أجبره على التوقف عن دراسته والتفرغ لمواجهة تحديات جديدة. أصبح مطارداً من قِبل قوات الاحتلال، وتعرَّض لمحاولات اغتيال متكررة، حيث كانت حياته تتأرجح بين خيوط الألم والتحدي.
وفي عام 2001، ورغم الظروف الصعبة، استطاع المغربي أن يجد لنفسه ملاذاً في الحب، حيث دخل القفص الذهبي بزواجه في نهاية تلك السنة، ولكن لم تدُم فرحتُه طويلاً، إذ اعتقلته قوات الاحتلال بعد خمسة أشهر، وهو يحمل أحلام الأبوة القادمة برفقة زوجته الحامل.
كانت الضربات لا تتوقف، حيث قامت قوات الاحتلال بتدمير منزله، ما أضاف له مزيداً من المصاعب. وبعد تلك الضربة القاسية انفصل عن ابنه محمود، الذي أبعده الاحتلال عن حضنه.
أحمد.. بين الاعتقال والتعذيب
تعرَّض الأسير المغربي، الذي اعتُقل عام 2002، لأشد أنواع التعذيب على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي فور اعتقاله. وبعد إجراء تحقيقات في أقبية التحقيق، أصدرت المحاكم الصهيونية حكماً بالسجن 18 مؤبداً عليه، بتهمة تنفيذ عمليات استشهادية ضد أهداف صهيونية.
قرار قوات الاحتلال بعزله منذ عام 2004 أضاف مزيداً من الصعوبات لحياته، حيث منعته السلطات من زيارة نجله الوحيد عندما بلغ السابعة من عمره، وحرمت بقية أفراد عائلته من رؤيته منذ اليوم الأول لاعتقاله.
الأسير المغربي عانى من إصابات جسدية وأمراض قبل اعتقاله، ورغم ذلك، قضى حكماً إضافياً بالسجن 8 سنوات عام 2017 بتهمة التحريض وتشكيل خطر على أمن الاحتلال. وفي محاولة لتكبيله أكثر، طالبت النيابة العسكرية الإسرائيلية بإضافة 15 عاماً إلى حكمه، ولكن المحكمة قررت إضافة 8 سنوات فقط.
رغم معاناته والظروف الصعبة التي يمر بها، يصف الأسير المغربي الحكم بأنه "مهزلة"، ويؤكد أنه لن يغير شيئاً، حيث يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة. يُذكر أنه اعتقل بتهمة تخطيطه لتنفيذ نشاطات عسكرية من داخل السجن، وكانت زوجته قد اعتقلت لنفس السبب.
تعرض أحمد للعزل الانفرادي لسنوات؛ حيث وصل مجموع سنوات عزله لمدة 11 عاماً، منها 9 سنوات بشكل متواصل، وتمكّنت زوجته من زيارته لأول مرة بعد 16 عاماً ونصف من الاعتقال.
أحمد المغربي أبٌ من داخل السجن
خلال سنوات أسره تمكَّن أحمد المغربي من تهريب نطفة إلى زوجته؛ لكي يُرزق بعدها بكل من نور وروق اللذين وُلدا بعد ثلاث سنوات من أسره، بالإضافة إلى ابنه البكر محمود الذي وُلد بعد 5 أشهر من اعتقاله.
لم يتمكن أحمد المغربي من رؤية أولاده إلا بعد الإضراب الشامل عن الطعام الذي قام به مع العديد من المساجين الفلسطينيين المحكومين بالمؤبدات، والتي مكَّنته من الخروج من السجن الانفرادي والمنعزل إلى سجون الاحتلال، كما تمكَّن من رؤية أولاده للمرة الأولى بعد سنوات من الفراق.
يُشار إلى أن عائلته تعرضت أيضاً للتنكيل والملاحقة، فخلال هذه السنوات تعرضت زوجته هنادي للاعتقال، كما تعرَّض نجله محمود للاعتقال.