يصف ليونارد بيترز المونولوغات بأنه "حوار بين شخصين.. شخص يتحدث، والآخر يستمع ويتفاعل".
وعلى اعتبار أن الحرب المستمرّة على غزة منذ الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تحمل هدف الإبادة الحقيقية لأهالي القطاع في ظروف لا إنسانية، لم يتسنّ سوى لقلّة ممن يعيشون هناك كتابة يومياتهم..
في هذا الإطار وتلبية لدعوة "فرقة عشتار المسرحية بفلسطين" نظّم "مشروع مراية المسرحي" و"دار أطلس للنشر" مبادرة قراءة لـ"مونولوغات غزة" في "غاليري زوايا" للمرّة الأولى في مدينة دمشق بسوريا، وتتمثل المونولوغات المقروءة في نصوص كتبها أطفال فلسطينيون منذ العدوان الأول على قطاع غزة في عام 2010 لم تتجاوز سنّهم الـ16 عاماً، ضمّنوا فيها تجاربهم الشخصية في الحرب وعبّروا فيها عن أحلامهم التي اغتالها العدوّ واشتياقهم للحياة العاديّة التي كانوا يعيشونها قبل العدوان.
مسرح عشتار الفلسطيني يدعو العالم لقراءة "مونولوغات غزة"
أطلقت فرقة عشتار الفلسطينية خلال الأيام الماضية، دعوة عامة عاجلة، موجّهة للفرق المسرحية والفنيّة في مختلف دول العالم، لقراءة "مونولوغات غزة"، المتمثلة في شهادات أطفال وشباب غزة إثر الحرب الأولى التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع عام 2010، بهدف خلق تضامن عالمي مع الغزيين وما يلقونه من معاناة ومكابدة هذه الفترة.
وقد استجابت الفرق الفنية والمسرحية من مختلف بلدان العالم لهذه الحملة الفلسطينية؛ حيث نظمت في العديد من المسارح العربية على غرار "مؤسسة محمد وماهرة أبو غزالة" بعمّان، و"مسرح المدينة" و"زقاق" في بيروت، ناهيك عن عدد من المسارح الأجنبية وما يزيد عن 3000 فنان قراءات لهذه المونولوغات، التي ترجمت لعدة لغات، منها الإنجليزية، والصينية، الإسبانية، خاصة أن النصوص مفتوحة على موقع مسرح عشتار للقراءة وهي مترجمة لـ22 لغة.
نشهد على إبادة تحصل على بعد 350 كم عن دمشق
قام المسرحيّون والصحفيون والناشطون وطلاّب الجامعات المشاركون بقراءة 31 نصاً بلغة عامية مفهومة للعموم تعبّر عن الأهوال التي ما زال الغزّيون يعيشونها إلى اليوم.
وقد كانت آنا عكاش، المديرة الفنية لمشروع مراية المسرحي، إثر كل نصّ تخبر الحاضرين عن مصير صاحبه سواء أكان حيّاً أم شهيداً أم مفقوداً تحت الركام أم نزح إلى منطقة أخرى، وهو ما يضفي بعداً إنسانياً على القصص المسرودة.
وقد وصفت عكاش مبادرة قراءة المونولوغات بأنّها "موقف تضامني منا جميعاً ضد الحرب والإبادة الجماعية للمدنيين التي يشهد عليها العالم من دون أن يمتلك القدرة على فعل شيء لإيقافها. إبادة تحصل على بعد 350 كم عن دمشق. إننا نحاول أن نوصل صوت الرفض ونؤكد ونذكر أن هؤلاء الناس ليسوا مجرد أرقام على الشريط الإخباري، وكل واحد منهم له اسم وعائلة وحكاية"، كما ذكر موقع الميادين.
ممّا خطّته أيادي أطفال غزة
شملت النصوص التي كتبها أطفال غزة، بحسب "موقع القدس العربي"، بالدارجة الفلسطينية توصيف يوميات الحرب ومشاهد القصف المروّعة واستشهاد الأهل والأصدقاء، وأحلامهم التي يرونها بقلوب جانحة نحو السلام كتب الطفل محمود عفانة: "الحرب خلصت على الأرض، بس (لكن) بعدها موجودة في رأسي"، وكتبت أماني الشرفة: "غزة طيارة حاملة الناس ومسافرة ع المجهول، لا هي حاطة بالجنة ولا حاطة بالنار. إمتى راح تهبط، الله أعلم، ويمكن الناس تضل معلقة هيك لأعمار قد عمري مرتين..".
وفي نصوص أخرى كتب الأطفال:
ـ بحلم أعيش يوم واحد بحرية.. هاد حُلم مش كبير.
ـ بطّلت غزّة بلد احلامي.. بدي أعمل فن لـ20 شخصاً بغزّة؟ نفسي تفيق غزّة وتصرخ خلص.. خلص.. خلصصصصص.
ـ قبل الحرب ما كنت موجود.. بعد الحرب بحب البلد وبتنفس هواها.. وبغني وبرقص معاها.
ـ غزّة علبة كبريت ونحنا بقلبها عيدان.
ـ اجا الليل ومعو الخبط شغّال والسما حمرا وسودا.. ليش العالم كلهم مرتاحين وإحنا بغزّة عايشين محرقة؟
ـ أنا بعد الحرب أقوى.. ورايحة ع المستقبل بخطوات ثابتة.
ـ صار حلمنا بغزّة نموت موتة حلوة.. بدل عيشة حلوة.