حسب آخر إحصائيات فإن هناك أكثر من ثمانية مليارات إنسان يعيشون على هذا الكوكب، وهذا الرقم لا يشكل سوى جزءٍ صغير من إجمالي عدد البشر الذين عاشوا عليه منذ بدء الخليقة.
كما أن عدد البشر الذين عاشوا على كوكب الأرض لا يمثلون إلا شريحةً صغيرة من إجمالي عدد الحيوانات التي وُجِدَت منذ النشأة، وبداية الحياة على كوكب الأرض.
ولكن كيف يمكن للعلماء تقدير العدد الإجمالي للحيوانات الموجودة على كوكب الأرض، وتقدير عدد الحيوانات التي تواجدت في الحياة منذ البداية؟ ولماذا قد يتكبدون هذا العناء؟
أكثر من مليوني نوع حيوان على كوكب الأرض!
حسب حديث مع موقع "Live Science" الأمريكي، كشف الباحث في فيزياء الأرض بجامعة شيكاغو ديفيد جابلونسكي، عن الحسبة الخاصة بتقدير العدد الإجمالي للحيوانات التي تواجدت على الكوكب منذ بدء الخليقة، ووصفها بأنها تمثل "مسألة صعبة".
في حين قال إنه سيكون من الأسهل البدء بتقدير العدد الإجمالي لأنواع الحيوانات أولاً، حسب قائمة واضحة ومحددة.
إذ تقول القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض إن العلماء حددوا ما يعادل 2.16 مليون نوع من الحيوانات حتى عام 2022.
إلا أن هناك عدة أنواع من الحيوانات المكررة، بسبب توثيقها على يد أكثر من عالم، وذلك بنسبة قد تصل إلى 20% من العدد المحدد سابقاً، بحسب ورقة بحثية نشرتها دورية Science العلمية عام 2013.
وبذلك إذا افترضنا دقة هذا التقدير، فهذا يعني أن العدد الحقيقي لأنواع الحيوانات المعروفة يصل إلى نحو 1.7 مليون نوع.
وليس هذا الرقم ثابتاً بالطبع، إذ يستمر الباحثون في توصيف ما يتراوح بين 14,000 و18,000 نوع حيوانات جديد سنوياً، ما يعني أن العلماء ليسوا قريبين من حصر الإجمالي الحقيقي للحيوانات على الكوكب.
دراسات حول حقيقيات النوى والحيوانات
في عام 2011، كتب عالم الجغرافيا الحيوية بجامعة هاواي كاميلو مورا مع زملائه، ورقةً بحثية في دورية "PLOS Biology" العلمية، بعدد تقديري لإجمالي عدد حقيقيات النوى (الكائنات الحية ذات بنية خلوية معقدة).
وقد توصلوا في حصرهم النهائي إلى وجود نحو 8.7 مليون نوع من حقيقيات النوى، بينما تشكل الحيوانات نحو 7.7 مليون نوع منها.
وأوضح عالم الجغرافيا الحيوية للموقع الأمريكي أن الحشرات تمثل قرابة نصف تلك الأنواع، وصارت هذه الورقة البحثية مؤثرة لدرجة أن الأبحاث الجديدة لا تزال تستشهد بها على نطاقٍ واسع حتى الآن.
لكن معرفة العدد الإجمالي لأنواع الحيوانات التي عاشت على الأرض يتطلّب نظرةٍ أعمق على الماضي، واستخدام السجل الأحفوري الذي يفرض مجموعة مختلفة كلياً من التحديات.
وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار أن الحياة على كوكب الأرض قد ظهرت قبل نحو 3.7 مليار سنة، لكن الكائنات الأولى في الكوكب كانت عبارة عن مجرد خلايا شديدة البساطة.
ومرّت قرابة الـ1.4 مليار سنةٍ أخرى حتى ظهرت الحياة متعددة الخلايا على الكوكب، بينما من المحتمل أن تكون الحيوانات قد تطورت في وقت أقرب من ذلك، أي قبل ما يقارب 800 مليون سنة فقط.
وقد حفظ السجل الأحفوري القليل من الحيوانات الأولى، لكن الغالبية العظمى منها ليست محفوظة، وذلك لأن الحيوانات ذات الأجساد الرخوة على سبيل المثال نادراً ما تُحفظ.
وحتى المخلوقات ذات الأجساد الصلبة تحتاج إلى ظروف محددة للغاية، حتى تتحول إلى أحافير. علاوةً على أن الصفائح التكتونية تحرك سطح الأرض ببطء واستمرارية، لتمحي بذلك الآثار والأحجار والعظام القديمة.
وقال جابلونسكي: "تشير التقديرات القياسية إلى انقراض 99.9% من إجمالي الأنواع التي عاشت على الأرض، لكن هذه النسبة هي مجرد تقدير تقريبي بالطبع".
وإذا افترضنا صحة ذلك التقريب فسنحتاج إلى ضرب 7.7 مليون في نحو 100% تقريباً بحسب كاميلو مورا، ما سيجعل إجمالي عدد الأنواع التي عاشت على الأرض يصل إلى نحو 770 مليون نوع تقريباً.
كيف يمكن حساب عدد الحيوانات المنفردة التي عاشت على الأرض؟
سيكون الرقم ضخماً لدرجة مذهلة على الأرجح، حيث يسكن الأرض حالياً 8 مليارات من البشر بمفردهم. ونتشارك الكوكب مع نحو 130 مليار مخلوق آخر من الثدييات، وما يصل إلى 428 مليار طائر، و3.5 تريليون سمكة، وما يقدر بـ10 كوينتليون حشرة (كوينتليون هو رقم واحد وأمامه 18 صفراً).
وإذا افترضنا أن الوفرة الحالية كانت مستقرةً نسبياً على مدار تاريخ الحياة، سنتمكن من استقراء العدد الإجمالي بالاعتماد على الحصص النسبية من الـ7.7 مليون نوع الموجودة اليوم.
وفي حال كان هناك 3.85 مليون نوع من الحشرات على الأرض اليوم مثلاً، فهذا يعني وجود 385 مليون نوع في الماضي. وإذا ضربنا 385 مليون نوع في 10 كوينتليون حشرة، سنحصل على رقم يساوي 3.85×10^27 حشرة.
وقد لا يكون هذا الرقم بعيداً للغاية عن الرقم الحقيقي لأن الحشرات منتشرة على نطاقٍ واسع.
كما نستطيع تقدير إجمالي عدد الحيوانات التي عاشت على الأرض تقريباً بأنه يصل إلى نحو 4.5×10^27 حيوان، بما في ذلك المفصليات اللافقاريات والفقاريات.
فلماذا من المهم أن نتكبد عناء إحصاء عدد الحيوانات على الكوكب؟ الإجابة بكل بساطة هي أنه من الضروري للعلماء أن يفهموا التنوع الحيوي الأساسي لكوكب الأرض وكيفية تقلبه.
حيث نتجه اليوم إلى فترة انقراضٍ جماعي كبير نتيجة لتغير المناخ والتصحر والتلوث، وغيرها من العوامل، لهذا نحتاج إلى معرفة معدل الانقراض الأساسي حتى نُدرك نطاق أزمتنا الحالية.