خلال الاحتجاجات المناصرة لفلسطين في مختلف بلدان العالم، أدى العديد من الأشخاص رقصة سميت برقصة الحرية أداها أحد الشباب الفلسطينيين خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل قرابة 5 سنوات.
هذه الرقصة لقيت ضجة كبيرة خلال الأيام الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي، مصحوبة بأغنية سويدية "Leve Palestina" التي منعت من العرض خلال السنوات الـ50 الماضية، ليتساءل العديد من رواد مواقع التواصل عن تاريخ هذه رقصة الحرية وإلى من تعود؟
رقصة الحرية والتشبث بالأرض
يعود أصل هذه الرقصة إلى الهنود الحمر، إذ اعتبروا الرقص من عباداتهم، حيث يعرف عن الهنود الحمر تفاعلهم مع الطبيعة عن طريق الرقص؛ وذلك حباً في الأرض الذي شكل في معتقداتهم الحرية والتجديد. تألقت الملابس بشكل استثنائي في ساحة الاحتجاجات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث انتشرت ملابس خاصة تحمل رموزاً ودلالات تعبّر عن التاريخ والثقافة الهندية.
استقصد المشاركون في هذه الفعاليات استخدام عناصر تقليدية مثل ريش الطيور، الذي يُلف حول الخصر أو يُوضع فوق الرأس، واستخدام الجلد بتصميمات مميزة.
وتحمل هذه الملابس رمزية خاصة لدى الهنود الحمر، حيث يُعتبر ريش الطيور وسيلة لصد الأرواح الشريرة، وقد يتجلى ذلك في رؤية تلك الحيوانات المفترسة التي قد تكون تهديداً. وفي بعض الأحيان، يُمثل الريش رمزاً لجلب الحظ والسعادة.
تتألق هذه الأزياء بتصاميم مبتكرة تجمع بين الأصالة والتعبير عن التضامن مع الشعوب المظلومة. تعكس الرقصة والملابس التقليدية الهندية قوة التعبير الثقافي والمقاومة من خلال لغة ملموسة.
يعتبر الغناء والموسيقى والرقص ثالوث حياة لدى الهنود الحمر، حيث يشكلون وقوداً فكرياً وحضارياً يعبّر عن عمق علاقتهم بالبيئة. تلك العلاقة التي أحبوها قبل أن يتعرضوا لعمليات الإبادة الجماعية التي فرضها المستوطن الأوروبي بلا رقابة أو حرمة.
الهنود الحمر وسكان غزة
في سياق تاريخي مؤلم، قام المستوطنون الأوروبيون بإبادة أكثر من 80% من الهنود الحمر، حيث فرض قادة الغزو مكافآت مالية لجنودهم بناءً على عدد الرؤوس التي يجلبونها من السكان الأصليين. كان رأس الرجل يُقدَّر بمئة جنيه إسترليني، بينما بلغت قيمة رأس المرأة أو الطفل خمسين جنيهاً إسترلينياً، مما جعل الجيش يتحول إلى وحوش متحركة تقطع الرؤوس وتسفك مزيداً من الدماء.
يظهر النهج الوحشي نفسه في الوقت الحالي يغزة، حيث يقوم المستوطنون بتدمير المجتمع الأصلي بوحشية، ضاربين عرض الحائط بحقوق الأطفال والنساء والشيوخ. يُهجرون السكان قسراً ويستخدمون الأسلحة المحظورة دولياً مثل الفسفور الأبيض ضد الأبرياء، مما يجسّد تكراراً مأساوياً لتاريخ الظلم والقهر.
قدمت رقصة الفجر أو ما يُعرف برقصة الحرية في غزة لحظة فارقة رصدتها عدسات الكاميرات، عندما قام شاب فلسطيني برمي حجارته بشكل فني متقن خلال رقصة ملحمية تجسد رفضه للاحتلال الذي يعاني منه شعبه.
منذ تلك اللحظة، أصبحت هذه الرقصة معروفة باسم "رقصة الحرية" أو "رقصة الفجر". إنها ليست مجرد حركات جسدية، بل تحمل في طياتها رمزية عميقة تجسد إرادة الشعوب المظلومة التي تقاوم أشكال العنف الفظيعة التي تمارس ضدهم.
تعتبر هذه الرقصة لحظة تواصل ثقافي تجمع بين فن الرقص وتعبير الانتفاضة. إنها قصة فنية تحمل معها رسالة قوية تتحدث عن الصمود والتحدي في وجه الظلم والقهر. يظهر هذا الرقص كفيلم تاريخي يحكي عن تضحيات الشعب الفلسطيني ورفضه للاستسلام.
من هم الهنود الحمر؟
الهنود الحمر، أو ما يعرف أيضاً بالسكان الأصليين لأمريكا الشمالية، هم مجموعة متنوعة من القبائل الأصلية التي استوطنت المنطقة قبل وصول المستوطنين الأوروبيين. يخضعون لقوانين وتقاليد ثقافية فريدة، وكانوا يتعايشون بسلام مع الطبيعة، كما كانوا يعتمدون على الصيد والزراعة.
لكن مع وصول المستوطنين الأوروبيين في القرن السادس عشر، بدأت فترة مظلمة في تاريخ الهنود الحمر. شهدوا موجة من عمليات الاستعمار والاستيلاء على الأراضي، فيما تعرضوا لأعمال عنف واسعة النطاق.
بدأت عمليات الإبادة الجماعية حينها، حيث قُتل ونُهب العديد من هذه القبائل. تعرضوا للأمراض التي جلبها المستوطنون ولم تكون لديهم المناعة الكافية، مما أدى إلى فقدان حياة كثيرين بسبب الأمراض المعدية.
وفي فترة الغرب البري الأمريكي، شهدت الهجرة الأمريكية الغربية تفاقماً للعنف ضد الهنود الحمر، حيث قُتلوا بشكل جماعي وتم تهجيرهم من أراضيهم الأصلية. بعضهم تم نقلهم إلى المحميات، وكانت هناك حالات استعباد واستغلال.
يمثل تاريخ إبادة الهنود الحمر حقبة مؤلمة في تاريخ الولايات المتحدة ويعتبر تذكيراً بأهمية فهم واحترام حقوق الشعوب الأصلية والتعامل معهم بعدالة.