جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي تسبب في سقوط أعداد كبيرة من الشهداء إلى يومنا هذا، وقّع 93 من الشخصيات والمشاهير الفرنسيين عريضة للمطالبة بوقف الغارات التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة "تجنباً لخسارة المزيد من الأرواح" وذلك استنادا على القانون الدولي الإنساني .
فيما دعت هذه العريضة، التي نشرتها وسائل إعلام فرنسية وأطلق عليها "نداء من أجل السلام في الشرق الأوسط"، إلى "وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن واحترام القانون الدولي الإنساني".
جاء في معطيات العريضة المقدّمة "لعقود، يحرم الاحتلال الفلسطينيين من حقوقهم وحرياتهم الأساسية. إن تهجير مئات الآلاف من الناس من منازلهم -بعضهم للمرة الثانية أو الثالثة- سيكون بمثابة ظلم كارثي آخر، ومن شأنه أن يبعدنا عن إمكانية تحقيق سلام عادل ودائم، وعن الأمن لكلا الشعبين. هذا لا يمكن أن يحدث".
الشيء الذي يفتح التساؤل حول ما هو هذا القانون، وما تاريخه، وما هي أهم بنوده؟
ما هو القانون الدولي الإنساني؟
حسب موقع "redcross" الكندي، فالقانون الدولي الإنساني، المعروف أيضاً بقانون النزاعات المسلحة، هو مجموعة من القوانين التي تنظم السلوك خلال الحروب بهدف حماية الأفراد الذين لا يشاركون في العمليات القتالية، أو الذين لم يعودوا يشاركون فيها. يقيد القانون الدولي الإنساني أيضاً وسائل وأساليب الحرب.
الغرض الرئيسي منه هو الحد من المعاناة البشرية في حالات النزاع المسلح. ينظم القانون الدولي الإنساني معاملة المصابين، ويمنع الهجمات على المدنيين واستخدام بعض الأسلحة. كما يضمن حماية غير المقاتلين والصليب الأحمر/الهلال الأحمر والموظفين الطبيين وأسرى الحرب.
يطبق القانون الدولي الإنساني فقط في أوقات النزاعات المسلحة، ولا يغطي التوترات الداخلية أو الاضطرابات مثل الأعمال العنيفة المعزولة. يطبق هذا القانون فقط بعد بدء النزاع، وبشكل متساوٍ على جميع الأطراف، بغض النظر عن من بدأ القتال.
يميز القانون الدولي الإنساني بين النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية:
- النزاعات المسلحة الدولية: تشمل عادة النزاعات المسلحة الدولية على الأقل دولتين، وتخضع لمجموعة واسعة من القوانين، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكول إضافي واحد.
- النزاعات المسلحة غير الدولية: تحدث عادة داخل أراضي دولة واحدة، بين القوات المسلحة للدولة والمجموعات المسلحة المنظمة، أو بين مجموعات مسلحة مناهضة. تطبق مجموعة محدودة من القوانين على هذه النزاعات غير الدولية، والتي تم توضيحها في المادة العامة 3 لاتفاقيات جنيف الأربعة، بالإضافة إلى البروتوكول الإضافي الثاني.
ما هي مصادر القانون الدولي الإنساني؟
قوانين العلاقات الدولية والتفاعلات الإنسانية تعتمد بشكل رئيسي على مصادر قانونية متعددة، تهدف إلى توجيه الدول والمجتمع الدولي نحو الحفاظ على الإنسانية وتقديم الحماية للضحايا في حالات النزاعات المسلحة. في هذا السياق، يبرز قانون المعاهدات والقانون الدولي العرفي كمصادر رئيسية للقانون الدولي الإنساني.
- المعاهدات:
مثل اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام 1977، تعتبر مصادر مكتوبة تضع فيها الدول رسمياً قواعد معينة. تهدف هذه المعاهدات إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال، مثل المدنيين والعاملين في المجال الطبي وعمال الإغاثة، بالإضافة إلى الجرحى والمرضى من القوات وأسرى الحرب.
كما يتعين على الدول التي أعربت عن موافقتها الالتزام بهذه القواعد، اتفاقيات جنيف الأربع تشمل الاتفاقية الأولى التي تحمي الجرحى والمرضى على الأرض أثناء الحروب، أما الاتفاقية الثانية التي تحمي أفراد القوات المسلحة والمرضى والغرقى في البحر أثناء الحروب.
فيما تتعامل الاتفاقية الثالثة مع أسرى الحرب، والاتفاقية الرابعة التي توفر حماية المدنيين، بما في ذلك في الأراضي المحتلة.
- القانون الدولي العرفي:
وهو مصدر آخر للقانون الدولي الإنساني. وهذا النوع من القانون يعتمد على "ممارسة عامة مقبولة كقانون" وينشأ من تلك الممارسات التي تعترف بها الدول بشكل عام. يعمل القانون الدولي العرفي على تعزيز الحماية في النزاعات المسلحة ويسد الثغرات التي يمكن أن تتركها المعاهدات.
يُذكر أن القانون الدولي الإنساني العرفي يلعب دوراً مهماً في النزاعات المسلحة غير الدولية وحروب التحرير الوطني التي تحدث داخل حدود دولة واحدة. ويرتكز هذا القانون على ممارسات الدول، ويفرض الالتزام بتلك الممارسات.
يُعتبر قانون المعاهدات والقانون الدولي العرفي من المصادر الحيوية للقانون الدولي الإنساني الذي يهدف إلى حماية الإنسانية في زمن النزاعات المسلحة. يجب على الدول والمجتمع الدولي الالتزام بقواعد هذين المصدرين لضمان تقديم الحماية اللازمة للضحايا وتقديم العدالة والمساعدة في ظل تلك الظروف الصعبة.