في ظل تصاعد الصراع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، الذي أدى إلى تفاقم أزمة إنسانية وصفتها المنظمات الدولية بالكارثية، بدأت الدعوات لإقامة "هدنة إنسانية" و"وقف إطلاق النار" تتوالى.. فما الفرق بين هذين المصطلحين؟
ما الفرق بين هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار؟
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية لهدنة إنسانية في قطاع غزة، دون وقف دائم لإطلاق النار، في ظل الضغوط المُتزايدة التي تواجهها إدارة الرئيس جو بايدن، بسبب دعمها للعملية الإسرائيلية على قطاع غزة، ورفضها لوقف إطلاق النار الذي تصر عليه المقاومة الفلسطينية وحماس.
ما هو وقف إطلاق النار؟
يعرف الموقع الرسمي للأمم المتحدة على الإنترنت وقف إطلاق النار بأنه تعليق القتال المتفق عليه بين أطراف النزاع، عادة كجزء من العملية السياسية.
والمقصود منه هو أن يكون طويل الأجل، وغالباً ما يغطي كامل المنطقة الجغرافية للصراع.
وعادة ما يكون هدفه هو السماح للأطراف بالدخول في حوار، بما في ذلك إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية دائمة.
في المقابل، فإن الدليل العملي للقانون الإنساني يعرف وقف إطلاق النار بأنه اتفاق ينظم وقف جميع الأنشطة العسكرية لفترة زمنية معينة في منطقة معينة، وقد يُعْلَن من جانب واحد، أو قد يتم التفاوض عليه بين أطراف النزاع.
ويستخدم مصطلح الهدنة أحياناً، على الرغم من أن له معنى مختلفاً قليلاً، فالهدنة هي اتفاقية عسكرية، الغرض الأساسي منها هو تعليق الأعمال العدائية على مسرح الحرب بأكمله، عادة لمدة غير محددة من الزمن.
لا تمثل الهدنة أو وقف إطلاق النار نهاية للأعمال العدائية، بل مجرد هدنة (تعليق مؤقت للأعمال الحربية)، علاوة على ذلك، فهي لا تعكس نهاية قانونية لحالة الحرب.
وفي هذا الصدد، لا ينبغي الخلط بين هذه الاتفاقيات واتفاقيات السلام، التي تعكس نهاية الصراع، إذ يتطلب القانون الإنساني وفق اتفاقية جنيف في المادة 1، أنه "حيثما تسمح الظروف بذلك، يُرَتَّب لهدنة أو تعليق لإطلاق النار، أو اتخاذ ترتيبات محلية، للسماح بنقل وتبادل ونقل الجرحى أو المرضى نتيجة القتال".
ومع ذلك، فإن الهدف الرئيسي لوقف إطلاق النار ليس تمكين الأعمال الإنسانية، بل هو قرار عسكري يستجيب لأهداف استراتيجية: جمع القوات، أو تقييم سلطة الخصم وتسلسله القيادي، أو إجراء المفاوضات.
هناك دائماً خطر من أن تُسْتَخْدَم عمليات الإغاثة التي يتم التفاوض عليها في سياق وقف إطلاق النار "كورقة مساومة" من قِبل أطراف النزاع، وذلك للحصول على تسويات سياسية أو عسكرية أو لاختبار حسن نية الخصم.
وأنه يجب على المنظمات الإغاثية أن تعي هذا الخطر، وأن تقيم الخطر الذي قد تتعرض له ميدانياً بسبب ذلك، ويجب ألا تكون المساعدة الإنسانية مشروطة.
أما وفقاً لقانون أكسفورد الدولي العام، فإن مصطلح وقف إطلاق النار يعني حرفياً وقف إطلاق النار، وأنه لا يوجد تعريف قانوني رسمي لوقف إطلاق النار، ولكن يمكن تعريفه على أنه "تعليق أعمال العنف من قِبل القوات العسكرية وشبه العسكرية، والتي تنتج عادة عن تدخل طرف ثالث".
ويضيف التعريف أيضاً أن وقف إطلاق النار يشير إلى محاولة التوصل إلى تسوية أكثر شمولاً للصراع المسلح، وأن وقف إطلاق النار يمكن أن يكون من جانب واحد: يمكن لأحد الطرفين أن يعلن وقف إطلاق النار دون السعي إلى وقف إطلاق النار من الجانب الآخر. والأكثر شيوعاً هو اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة.
في المقابل، هناك نوع آخر من وقف إطلاق النار، وهو نوع له طابع تعاقدي رسمي: "وقف إطلاق النار يقطع العمليات الحربية بموجب اتفاق متبادل بين المتحاربين"، وفق ما ورد في الفصل الخامس من الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، وهو جزء من اتفاقيات لاهاي.
ولذلك فإن هذا هو المصطلح الراسخ في القانون الإنساني الدولي، وهو يخضع بالتالي لقواعد معينة، ولكنْ هناك شرط أساسي وهو: يجب إخطار العدو باستئناف المعارك "في الوقت المناسب، وفقاً لشروط الهدنة"، إلا أنه في حال قام العدو بانتهاك جسيم من جانب واحد لشروط وقف إطلاق النار، فإن هذا يعفي الطرف الآخر من التزام الإخطار، وفقاً لما أكده موقع دويتشه فيله الألماني.
ما هي الهدنة الإنسانية؟
موقع الأمم المتحدة عرف الهدنة الإنسانية على أنها إيقاف مؤقت للحرب، وأن الهدف الأساسي منها هو "إنساني بحت".
وأضاف الموقع أنّ الهدنة الإنسانية تتطلب موافقة جميع الأطراف المعنية في الصراع، وعادة ما تكون لفترة محددة ومنطقة جغرافية محددة أيضاً حيث سيتم فيها تنفيذ هذه الأنشطة الإنسانية مثل تقديم المساعدات الطبية والغذائية.
في حين تعرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر الهدنة على أنها اتفاق عسكري يعلق الأعمال العدائية الفعلية بين المتحاربين.
ويمكن أن تكون الهدنة محلية (أي تعليق العمليات في منطقة واحدة فقط) أو عامة (أي تعليق العمليات جميعها).
إذا لم يتم تحديد مدة الهدنة، يجوز للأطراف المتحاربة استئناف العمليات في أي وقت، مع مراعاة الإنذار المسبق وفقاً لشروط الهدنة، وإن الهدنة لا تضع حداً لحالة الحرب التي لا تزال قائمة مع كل ما يترتب عليها من آثار قانونية.
في حالة حدوث انتهاك خطير للهدنة من قِبل أحد الأطراف المتحاربة، يجوز للطرف المعارض أن يندد بها، وفي حالات الضرورة، استئناف الأعمال العدائية في الحال.
ولا يجوز إلا للحكومة أن تأخذ زمام المبادرة في اقتراح الهدنة. إلى جانب النص على الهدنة العامة المذكورة للتو، ينص القانون الدولي على هدنة محلية لجمع وتبادل ونقل الجرحى.
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، قراراً غير ملزم، دعا إلى "هدنة إنسانية فورية ودائمة ومتواصلة تفضي إلى وقف القتال"، وقد عارض القرار، المقدم من الأردن نيابةً عن المجموعة العربية وعدد من الدول الأخرى، 14 عضواً فيما امتنع 45 عن التصويت.
قد يهمك أيضاً.. تكلفتها تصل إلى نحو مليون دولار.. جرافة "تيدي بير" التي يعلق الاحتلال آماله عليها لدخول غزة