عندما يتعرض الأفراد أو الجماعات لأحداث صعبة، مثل الحروب، والكوارث الطبيعية، أو الحوادث الخطيرة، يكون دائماً هناك شعور سائد بالتعاطف حول مصابهم.
إلا أن هناك درجة أخرى من التعاطف في علم النفس، يُطلق عليها "التقمص العاطفي"، وهي عندما يصبح الشخص قادراً على وضع نفسه فكرياً وعاطفياً مكان الأشخاص الآخرين، الذين هم وسط المعاناة.
وينقسم التقمص العاطفي إلى نوعين، وهما التعاطف المعرفي والتعاطف العاطفي، والذي يتم تحليله من الجهة النفسية، والجهة العلمية، لطريقة عمل الدماغ، وتفاعله مع الأحداث.
التقمص العاطفي.. ينقسم إلى التعاطف المعرفي والتعاطف العاطفي
يتم وصف التعاطف المعرفي على أنه معرفة كيف يفكر ويشعر الآخرون، في حين التعاطف العاطفي هو عبارة عن فهم الشخص الآخر، كما لو أنك في مكانه.
وعلى الرغم من اختلافهما البسيط، فإنها عبارة عن وجهين لعملة واحدة، تشكلان في النهاية القدرة والمساعدة على تكوين العلاقات مع الآخرين والحفاظ عليها بروابط جد قوية، ومختلفة تماماً عن الروابط والمشاعر التي يتم تشكيلها في المواقف العادية.

لذلك يصبح من الجيد معرفة تفاصيل التقمص العاطفي، والفرق بين التعاطف المعرفي والعاطفي، وطريقة الربط بينهما، والتوازن بينهما.
ما هو التعاطف المعرفي؟
التعاطف المعرفي يعني أنه يمكنك فهم وجهة نظر شخص آخر، بمعنى آخر، أنك تضع نفسك مكانه، وتفهم بشكل مشابه لما يريد إيصاله في كل ما يقوله.
ففي جوهر الأمر، يمكنك في هذه الحالة أن تتخيل كيف سيكون الأمر عندما تكون في موقف ذلك الشخص، ما يمنحك فهماً أفضل لتجربته الأليمة.
ومثال على التعاطف المعرفي، عندما يفقد أحد الأشخاص أحد أقاربه يمكننا أن نفهم السبب الذي يجعله يتألم ويشعر بالحزن الشديد.
إذ إنه عند ممارسة التعاطف المعرفي، نتخيل كيف سيكون الأمر عندما تكون أنت ذلك الشخص، وهذا يختلف عن النظر إلى الموقف من وجهة نظر الشخص نفسه، والتي تكون في العادة عبارة عن تعاطف عادي.

ما هو التعاطف العاطفي؟
التعاطف العاطفي هو عندما يمكنك أن تشعر بمشاعر شخص آخر، فبمجرد ما أن ترى شخصاً ما حزيناً ويبكي ويعيش حالة إحباط، ستدخل في نفس الحالة بشكل مباشر، مما يجعلك تمر بنفس الحالة العاطفية التي يمر بها، حتى وإن كنت لا تعيش نفس مأساته.
عندما نختبر التعاطف العاطفي، فإننا ننتقل من المنظور المعرفي إلى تجربة عاطفية مشتركة، والتي يصفها باحثو علم النفس الاجتماعي على 3 مراحل، وهي:
- الشعور بنفس المشاعر التي يشعر بها الشخص الآخر.
- الشعور بالضيق الخاص بنا رداً على آلامهم.
- الشعور بالرحمة تجاه الشخص الآخر.
إذ تشير الأبحاث إلى أن هناك علاقة إيجابية بين التعاطف العاطفي والرغبة في مساعدة الآخرين، وبعبارة أخرى، من المرجح أن يتحرك الشخص الذي لديه تعاطف عاطفي لمساعدة شخص محتاج دون أن يطلب منه أحد ذلك، لأنه يرى أن هذا واجب عليه.
التعاطف المعرفي مقابل التعاطف العاطفي
يكشف النوعان المختلفان من التقمص العاطفي عن الطرق التي يمكننا من خلالها التواصل مع الآخرين في الأزمات، سواء كانوا من المقربين، أو لا تربطنا بهم أي صلة.

ولكن هناك اختلافات واضحة بين هذين النوعين من التعاطف، ففي حال كان الشخص يشعر بقدر كبير من التعاطف المعرفي، وليس هناك ما يكفي من مشاعر للتعاطف العاطفي، سيكون هناك نوع من التفهم للموقف دون الخوض في ما يخص شق المشاعر.
أما في حال كان العكس، يمكن أن يكون المسيطر في الحالة هو التعاطف العاطفي، الذي يجعل الشخص يدخل في نفس الحالة بمشاعره، دون التفكير في تفاصيل ما يشعر به الشخص المقابل له.
الشيء الذي يجعل من الجيد إيجاد توازن بين النوعين، ليكون التقمص العاطفي غير خارج عن إطاره، ومحاولة التعامل معه بالشكل الصحيح للطرفين.
التعامل الإيجابي مع التقمص العاطفي
يمكن أن يخلق التوازن بين التعاطف المعرفي والتعاطف العاطفي، وهو "التقمص العاطفي" إلى عدة نتائج إيجابية، لا تنحصر فقط بالشعور لما يشعر به الشخص الآخر، وإنما دافع للانخراط في مجموعة من الأنشطة الأخرى التي تعود بالنفع على الجهات التي تعاني.

ومن بين أبرز هذه الأنشطة تقديم المساعدات، والدعم العاطفي، ومحاولة إيجاد طرق لحل المشاكل في حال وُجدت، وتحديد وتلبية الاحتياجات، وتقييم الوضع بشكل دقيق للوصول إلى حلول منطقية.